وسط التوترات..تحركات دبلوماسية واسعة في المنطقة للتهدئة
الرأي الثالث - وكالات
أجرى وزيرا الخارجية والدفاع البريطانيان ديفيد لامي وجون هيلي، اليوم الخميس، لقاءات في بيروت مع المسؤولين اللبنانيين في إطار الجهود الدبلوماسية الساعية إلى التهدئة وتفادي سيناريو "الحرب الواسعة" بعد التصعيد الإسرائيلي باغتيال القيادي والرجل الثاني في حزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، أول من أمس الثلاثاء، بزعم الردّ على حادثة مجدل شمس والتي نفى حزب الله أيّ علاقة له بالهجوم الصاروخي فيها.
واستهلّ لامي وهيلي زيارتهما إلى بيروت بلقاء وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، وبعده رئيس البرلمان نبيه بري، فرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، حيث بات موقف لبنان معروفاً برفض الحرب، والالتزام بالقرارات الدولية أبرزها القرار 1701، ووجوب تضافر الجهود الدولية لوضع حدٍّ للاعتداءات الإسرائيلية.
وبحسب معلومات ، فإنّ "اللقاء بين بو حبيب والوزيرين البريطانيين بحث مجمل التطورات والتصعيد الخطير الحاصل في المنطقة، وقد عبّر لامي وهيلي عن قلقهما من انزلاق الأوضاع نحو حرب إقليمية"،
داعيين إلى "ضرورة ضبط النفس من قبل كل الأطراف لقطع الطريق أمام التصعيد"، مشددين على أنّ "الحل الوحيد لوقف النزاع يكون بالأطر السلمية والدبلوماسية والالتزام بالقرارات الدولية".
وقال ميقاتي إنّ "إيفاد رئيس الحكومة البريطانية كير ستامر وزيري الخارجية والدفاع إلى لبنان في هذه الظروف رسالة دعم يقدّرها لبنان"، مشيراً إلى أنه "كان بحث مع نظيره البريطاني يوم السبت الفائت في فرنسا الوضع في لبنان والمنطقة".
وأضاف ميقاتي "إسرائيل انتهكت السيادة اللبنانية واعتدت على أرضنا مخالفة القوانين الدولية وتعتدي يومياً على المدنيين بشكل سافر"
من جهته، جدّد بري "التأكيد أنّ لبنان لا يريد الحرب، لكنه في نفس الوقت مستعد للدفاع عن نفسه، وأنه على مدى أشهر كانت مساعيه وجهوده مع كافة الدول المهتمة بلبنان، الوصول للظروف التي تسمح بتطبيق القرار الأممي 1701 الذي التزم به لبنان منذ اليوم الأول لإقراره، والذي نرى الفرصة لتطبيقه بوقف دائم للعدوان على قطاع غزة أو من خلال هدنة لأسابيع".
وأشار رئيس المجلس إلى أنّ "الغطرسة الإسرائيلية الأخيرة برفضها لكل الطروحات والإمعان في سياسة خرق قواعد الاشتباك والاغتيالات تجرّ المنطقة نحو مخاطر لا تحمد عقباها".
على صعيد متصل بالحراك الدبلوماسي للتهدئة، التقى بري السفير المصري لدى لبنان علاء موسى، الذي قال بعد الاجتماع إنّ "هدف الزيارة التأكيد على دعم مصر للبنان في الظروف التي يمر بها، ورفض مصر لأي اعتداء على لبنان والتأكيد على أهمية التهدئة، لأنه في الحقيقة توسع دائرة الصراع والمواجهات يأتي بأمور وعواقب وخيمة على لبنان وعلى المنطقة بأسرها".
ويأمل المسؤولون اللبنانيون أن تفضي الجهود الدولية إلى التهدئة ودفع إسرائيل لوقف عدوانها على غزة ولبنان، علماً أنّ هذه المساعي ستكون معقدة، باعتبار أنّ قرار الميدان يبقى بيد حزب الله الذي دائماً ما يرى أنّ الحراك الدولي يصبّ في خدمة الاحتلال الإسرائيلي وأجندته.
وتتجه الأنظار اليوم إلى الكلمة التي سيلقيها الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله التي يُتوقّع أن يرفع فيها السقف، ويرسم معالم المرحلة المقبلة خصوصاً كيفية الردّ على اغتيال شكر، واستشهاد مدنيين لبنانيين بينهم طفلان في القصف الإسرائيلي،
علماً أن حزب الله لم ينفذ، أمس الأربعاء، عمليات عسكرية ضد المواقع الإسرائيلية ما يؤشر على دراسة مركّزة للخطوة المقبلة.
وتأتي أيضاً زيارة الوزيرين البريطانيين في إطار جولتهما على المنطقة لدفع جهود إنهاء الحرب على غزة ووقف التصعيد على الجبهات الأخرى، خصوصاً في ظلّ التطورات الكبرى التي حصلت في الساعات الماضية، وتكثيف جيش الاحتلال عمليات الاغتيال، وعودة إيران إلى الساحة "عسكرياً" بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أمس الأربعاء، في عاصمتها طهران، وتوعّدها بـ"ردّ قاسٍ وموجع".
"رويترز": اجتماع رباعي في طهران لبحث الرد على اغتيال هنية
قالت خمسة مصادر لوكالة رويترز إنّ مسؤولين إيرانيين كباراً سيلتقون ممثلين عن محور المقاومة في المنطقة من لبنان والعراق واليمن، اليوم الخميس، لمناقشة الرد المحتمل على إسرائيل بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إسماعيل هنية في طهران.
يأتي ذلك تزامناً مع حديث رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، اليوم الخميس على هامش تشييع جثمان هنية ومرافقه وسيم أبو شعبان في طهران، عن أنّ إيران "تدرس حالياً مع محور المقاومة طريقة الثأر لدماء رئيس المكتب السياسي لحماس".
وأكد اللواء باقري في هذا السياق، أن "ردنا حتمي وستكون هناك إجراءات مختلفة والصهاينة سيندمون على ما فعلوه"، وفق ما نقلت عنه وكالة تسنيم الإيرانية المحافظة.
كذلك تجري الخارجية الإيرانية حالياً تحركات دبلوماسية واسعة في المنطقة، تستبق هذا الرد. إذ أجرى وزير الخارجية الإيراني المؤقت علي باقري كني، خلال الساعات الأخيرة، مباحثات دبلوماسية مكثفة مع كل من رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ووزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، ووزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، ووزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي.
ويرى مسؤولون إيرانيون أن اغتيال إسماعيل هنية مسّ الأمن القومي للبلاد وسلامة أراضيها، فضلاً عن صورة إيران، لأنّ هنية كان ضيفاً رسمياً على البلد للمشاركة في حفل أداء اليمين الدستورية للرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، الذي عانق هنية بحفاوة بالغة بعيد تأدية اليمين داخل البرلمان.
وفي وقت سابق اليوم، أكد الخبير العسكري الإيراني مرتضى موسوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي داخل الأراضي الإيرانية لاغتيال هنية "سيكون أكثر قوة من أي وقت"،
مضيفاً أن الرد "سيكون مشتركاً من قبل جميع أعضاء محور المقاومة في المنطقة، وبمشاركة إيرانية مباشرة".
واغتيل هنية في طهران، فجر أمس الأربعاء، بعد مشاركته في احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، فيما ما زالت إسرائيل تتجنب الإعلان الرسمي لذلك.
ومن المقرر أن ينقل جثمان هنية، عصر اليوم، بعد الانتهاء من مراسم التشييع في طهران، إلى الدوحة، حيث تقام صلاة الجنازة عليه في مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب، بعد صلاة الجمعة، قبل دفنه في مقبرة الإمام المؤسس في لوسيل، بحسب ما أفاد بيان لحركة حماس.
وسط التوترات... ما الدول التي حثَّت مواطنيها على مغادرة لبنان؟
في ضوء تفاقم الأوضاع في الشرق الأوسط، حثت العديد من الدول مواطنيها في لبنان على مغادرته، وأصدرت تحذيرات من السفر إليه، خصوصاً بعد عملية الاغتيال التي طالت مسؤولاً في «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت يوم الثلاثاء.
وهنا نرصد أبرز الدول التي أصدرت بيانات تحذيرية ترتبط بالسفر إلى لبنان:
ألمانيا
دعا وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس مواطنيه في لبنان إلى مغادرة البلاد.
وقال الوزير في تصريحات لإذاعة «دويتشلاند فونك» الألمانية: «من المهم أن يستغل كل من يحمل الجنسية الألمانية في لبنان الوقت الآن لمغادرة البلاد، أولاً لعدم تعريض أنفسهم للخطر، وكذلك أيضاً لعدم تعريض آخرين للخطر، وهم الذين قد يضطرون بعد ذلك إلى التوجه إلى هناك لإخراج المواطنين الألمان. كل شخص يتحمل مسؤولية في ذلك».
وأكد الوزير أن عمليات الإجلاء يمكن أن تبدأ بسرعة إذا أصبحت ضرورية، مضيفاً أن وزارة الدفاع تقيّم الوضع بصفة دورية مع وزارة الخارجية الألمانية وشركاء دوليين.
وقال بيستوريوس الموجود حالياً في هونولولو بولاية هاواي الأميركية: «إذا أصبح من الواضح أن الخطر صار كبيراً للغاية أو أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراء سريع، فيمكننا عندئذ أن نكون قادرين على التحرك على الفور في غضون يومين وتنفيذ عمليات إجلاء».
وازدادت التوترات المرتفعة بالفعل في الشرق الأوسط منذ أن قتلت إسرائيل أحد قادة «حزب الله» في إحدى ضواحي العاصمة اللبنانية بيروت مساء الثلاثاء.
وبعد ساعات قليلة، قُتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، في هجوم بالعاصمة الإيرانية طهران.
كوريا الجنوبية
أوصت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية المواطنين الكوريين المقيمين حالياً في الدول المدرجة ضمن المستوى الثالث من تحذير السفر، ومن بينها لبنان، بالمغادرة وإلغاء السفر إليها.
وحسب الخارجية الكورية، فقد ترأست كانغ إين سون، النائبة الثانية لوزير الخارجية، اجتماعاً مشتركاً في مقر الوزارة بعد ظهر أمس لمتابعة الأوضاع،
حيث طلبت من مقر الوزارة والبعثات الدبلوماسية في مختلف الدول، أن توصي باستمرار بمغادرة الكوريين المقيمين في مناطق المستوى الثالث من تحذير السفر.
كما توصي الوزارة المواطنين الراغبين في السفر إلى هذه البلدان بالإلغاء والتأجيل.
أستراليا
طلبت أستراليا من مواطنيها في لبنان المغادرة على الفور، قائلة إن هناك خطراً حقيقياً من تصاعد حدة التوتر على نحو خطير بين إسرائيل و «حزب الله».
وقالت وزيرة الخارجية بيني وونغ في مقطع فيديو نُشر على منصة التواصل الاجتماعي «إكس» في وقت متأخر من الأربعاء: «الآن هو الوقت المناسب للمغادرة، يمكن أن يتدهور الوضع الأمني بسرعة ربما من دون سابق إنذار».
وأفادت وونغ بأن مطار بيروت قد يغلَق تماماً إذا ساء الوضع، مما قد يقطع السبل أمام الراغبين في المغادرة «لفترة طويلة»، وحثت الأستراليين على استخدام الرحلات الجوية التجارية التي تعمل.
الولايات المتحدة
رفعت الولايات المتحدة (الأربعاء) مستوى تحذير السفر إلى لبنان إلى المستوى الرابع، وهو أعلى مستوى تحذير سفر، بسبب تصاعد حدة التوتر بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في موقعها على شبكة الإنترنت اليوم: «لا تسافروا إلى لبنان بسبب تصاعد حدة التوتر... حال كنتم في لبنان، كونوا مستعدين للاحتماء في مكان آمن إذا تصاعد الوضع».
وأوصت السفارة الأميركية في بيروت الرعايا الأميركيين في جنوب لبنان، أو بالقرب من الحدود مع سوريا، أو في مناطق مخيمات اللاجئين بمغادرة هذه الأماكن فوراً.
وكان أعلى مستوى تحذير قد صدر في السابق لمنطقة جنوب لبنان فقط، ولكن جرى تحديثه ليشمل البلاد بأسرها.
سويسرا
دعت الحكومة السويسرية مواطنيها إلى مغادرة لبنان على خلفية التوترات المتصاعدة في المنطقة.
وقالت وزارة الشؤون الخارجية السويسرية (الأربعاء) في بيان: «لقد زاد خطر التصعيد على نحو أكبر... وتوصي وزارة الشؤون الخارجية السويسرية المواطنين السويسريين بمغادرة لبنان بوسائلهم الخاصة إذا بدا ذلك ممكناً وآمناً».
بريطانيا
حثت بريطانيا، يوم الثلاثاء، مواطنيها على مغادرة لبنان، محذرةً من أن التوتر على امتداد الحدود الإسرائيلية قد يتفاقم سريعاً.
وقال وزير الخارجية ديفيد لامي، أمام البرلمان: «هناك تبادل منتظم للقصف المدفعي والضربات الجوية. والتوتر شديد وقد يتدهور الوضع سريعاً».
وأضاف: «أعمل مع فرق القنصليات التابعة لوزارة الخارجية للتأكد من استعدادنا لجميع الاحتمالات، لكن إذا تصاعد هذا الصراع، فلن تستطيع الحكومة ضمان قدرتنا على إجلاء الجميع على الفور. وقد يضطر الناس إلى البقاء هناك».
شركات طيران كبرى تعلق رحلاتها إلى إسرائيل
قال متحدث باسم مجموعة «لوفتهانزا» الألمانية، الخميس، إن الشركة ألغت جميع رحلات الركاب والبضائع من تل أبيب وإليها حتى الثامن من أغسطس (آب)، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».
وأشار المتحدث إلى أن «السبب وراء ذلك هو التطورات الراهنة في المنطقة».
في ضوء تفاقم الأوضاع في الشرق الأوسط، حثت العديد من الدول مواطنيها في لبنان على مغادرته، وأصدرت تحذيرات من السفر إليه، خصوصاً بعد عملية الاغتيال التي طالت مسؤولاً في «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت، الثلاثاء.
كما أعلنت شركتا «يونايتد إيرلاينز» و«دلتا إيرلاينز» الأميركيتان، بجانب الخطوط الجوية البريطانية، (الأربعاء)، تعليق رحلاتها الجوية إلى إسرائيل، وفق ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية».
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، على موقعها على الإنترنت «واي نت»، إن شركة «يونايتد»، التي تشغل 14 رحلة أسبوعية إلى تل أبيب، أبلغت عملاءها بإلغاء الرحلات الجوية خلال الأيام المقبلة.
وألغت شركة «دلتا» رحلاتها اليوم وغداً من نيويورك.
كما أعلنت الخطوط الجوية البريطانية أيضاً عن إلغاء رحلاتها، رغم أنه من غير الواضح ما إذا كان إلغاء الرحلات سيستمر خلال الـ24 أو الـ48 ساعة المقبلة.
ومن المقرر أن تتوقف الطائرات في لارنكا في قبرص، ولن تستكمل رحلتها إلى تل أبيب.
يأتي إلغاء رحلات الطيران بعد تصاعد التوترات عقب استهداف إسرائيل أمس فؤاد شكر، القيادي البارز في «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت، واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في وقت مبكر اليوم في طهران في هجوم لإسرائيل.