Logo

تقدير أممي بموت 62 ألف طفل يمني سنوياً قبل سن الخامسة

الرأي الثالث  - متابعات

 بعدما ضربت موجة كوليرا جديدة اليمن، أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الأربعاء، أنّها رصدت 258 وفاة من بين نحو 95 ألف حالة كوليرا مشتبه بها في البلاد، ما بين الأوّل من يناير/ كانون الثاني 2024 و19 يوليو/ تموز منه.

 وحمّلت المنظمة الحقوقية، التي تتّخذ من نيويورك مقرّاً لها، أطراف النزاع مسؤولية تفشّي المرض.

وشرحت "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير جديد ارتكز على بيانات جمعتها وكالات الإغاثة في اليمن، أنّ أطراف النزاع، بما فيها الحوثيون والحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، "تُفاقم تفشّي الكوليرا"، من خلال "عرقلتها أعمال الإغاثة، ولا سيّما إيصال المساعدات والوصول إلى المعلومات". 

واتّهمت المنظمة الأطراف كذلك بأنّها "لم تتّخذ تدابير وقائية كافية للتخفيف من انتشار الكوليرا".

وتابعت المنظمة أنّ "الحوثيين احتجزوا موظفي المجتمع المدني وهدّدوهم، بمَن فيهم عمّال الإغاثة الإنسانية، من ضمن حملة اعتقالات أخيرة"، وبالتالي دعتهم إلى "إنهاء الاعتقالات التعسفية للعاملين في المجتمع المدني والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية". 

وحثّت كلّ أطراف النزاع على "إنهاء انتهاكاتهم وتجاوزاتهم لحقّ اليمنيين في الصحة". لكنّ أياً من الأطراف اليمنية المعنية لم يعقّب على ما تضمّنه تقرير "هيومن رايتس وواتش".
 
ويوم الأحد الماضي، حذّرت الحكومة اليمنية من أنّ أكثر من ألف مرفق صحي في البلاد مهدّد بالإغلاق، وذلك جرّاء تراجع التمويلات الدولية للقطاع الصحي، الأمر الذي ينذر بتأثيرات سلبية في حياة ملايين السكان. 

وكانت الحكومة قد أعلنت، في العاشر من يوليو/ تموز الماضي، انخفاض تلك التمويلات بنحو 70%. 

ودعت آنذاك المنظمات الإقليمية والدولية إلى "تقديم دعم مستدام للقطاع الصحي" في البلاد، من أجل "ضمان استمرار تقديم الرعاية الصحية الأساسية، وتجاوز هذه الفترة العصيبة".

ومنذ أكثر من عامَين، يشهد اليمن تهدئة من حرب بدأت قبل نحو 10 أعوام بين القوات الموالية للحكومة الشرعية وقوات الحوثيين الذين يسيطرون على محافظات ومدن، من بينها العاصمة صنعاء (شمال)، منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014. وقد دمّرت الحرب معظم القطاعات في اليمن، ولا سيّما القطاع الصحي، وتسبّبت في إحدى أكثر الأزمات الإنسانية كارثية في العالم، بحسب الأمم المتحدة.

 تقدير أممي بموت 62 ألف طفل يمني سنوياً قبل سن الخامسة

قدّرت منظمة الصحة العالمية أن نحو مليون يمني يصابون سنوياً بالملاريا، وأن متوسط عمر الأفراد في هذا البلد تراجع من 66 عاماً إلى 64، مؤكدة أن 62 ألف طفل دون سن الخامسة يموتون كل عام، بسبب تردي مستوى الخدمات الصحية، في حين يعاني 70 في المائة من الأمهات الحوامل والمرضعات من فقر الدم.

ووفق استراتيجية التعاون القطري بين المنظمة الأممية والحكومة اليمنية للأعوام 2024-2025، فإن معدل وفيات الأمهات مرتفع؛ إذ يقدر بـ183 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة حية، كما أظهرت بيانات المسح الديموغرافي الصحي الأخير الذي أجري في عام 2013، أن أكثر من 70 في المائة من النساء الحوامل والمرضعات يعانين من فقر الدم، وأن الوضع لم يتحسن منذ ذلك الحين.
 
ونبهت الاستراتيجية إلى التأثيرات السلبية المتكررة لأحداث الطوارئ الناجمة عن تغير المناخ، مثل الفيضانات والعواصف الرملية والطقس الحار المفرط والعواصف على صحة السكان، والفئات الأكثر ضعفًا، مثل كبار السن الذين هم في أمس الحاجة إلى التكنولوجيا المساعدة، وقالت إن نحو 62 ألف طفل يموتون سنوياً في البلاد قبل بلوغ عامهم الخامس.

ارتفاع الوفيات

أوضحت الاستراتيجية اليمنية - الأممية أن معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة آخذ في الارتفاع بالبلاد خلال السنوات القليلة الماضية، إذ وصل إلى 62 حالة وفاة لكل 1000 مولود حي في عام 2021، مع تسجيل بعض التحسن المحدود بين عام 2021 وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2023،

 إذ بلغ معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة 41 لكل 1000 مولود حي، على الرغم من ارتفاع معدل الوفيات بين الأولاد (45 لكل 1000) مقارنة بالفتيات (35 لكل 1000)، كما جاء في مؤشر اليمن المتعدد.

ووفق ما جاء في الاستراتيجية، فإن اليمن يمكن أن يحقق مكاسب كبيرة في النمو المتجدد والحد من الفقر بحلول عام 2030، وذكرت أنه من المرجح أن تؤثر هذه الديناميكيات والبيئة الاجتماعية والسياسية سريعة التغير على تنفيذ استراتيجية احتجاز الكربون، ومن ثم سيتم إجراء مراجعات سنوية لتسهيل أي تعديلات قد تكون ضرورية.
 
وتظهر نتائج المسح العنقودي متعدد المؤشرات أنه لم يكن هناك تغيير كبير في الاتجاه لجميع معدلات وفيات الأطفال على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية.

ووفق النتائج، انخفض معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة بشكل هامشي من 22 إلى 21 لكل 1000؛ وانخفض معدل وفيات الرضع من 39 إلى 35 لكل 1000؛ وانخفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة من 44 إلى 41 لكل 1000.

المساواة الصحية

أدى النزاع والحرب في اليمن، والمستمر منذ أكثر من 9 سنوات، إلى الحد من قدرة وزارة الصحة العامة والسكان على التركيز على تعزيز النظام الصحي، على الرغم من أن هذا الأمر أساسي لتوفير خدمات صحية عالية الجودة، وبأسعار معقولة لمن يحتاجون إليها.

وذكرت منظمة الصحة العالمية أنه تم التغاضي عن اعتماد نهج للنظام الصحي لعدد من الأسباب، بما في ذلك الخبرة المحدودة في القيادة والحوكمة الصحية، ونقص الخبرة في مجال الصحة العامة والإدارة الصحية. ومحدودية القدرات، بما في ذلك الموارد البشرية المتاحة للوزارة والمنظمات الأخرى العاملة في اليمن.

ووفق ما جاء في الاستراتيجية فإن هذه الأسباب أدت إلى تقليص قدرة الوزارة على تنفيذ مهامها الرئيسية بكفاءة، ما انعكس على عدم كفاءة الأداء والقدرة التشغيلية. 

وقالت الاستراتيجية إن تعزيز قدرات قيادة الوزارة والاستثمار في الحوكمة الفعالة والقيادة القوية سيضمن تقديم الخدمات الصحية بكفاءة ومساواة.

وحذرت «الصحة العالمية»، من نقص التغذية، وقالت إنه يُشكل مصدر قلق كبير على الصحة العامة، إذ يعاني ما يقرب من نصف الأطفال في اليمن دون سن الخامسة من توقف النمو، وأكثر من مليوني طفل يعانون من نقص التغذية الحاد، مع ارتفاع خطر الوفاة.
 
وأعادت التذكير بأن الصراع أسهم في أزمة الصحة العقلية في البلاد؛ إذ يحتاج ما يقدر بنحو 8 ملايين شخص إلى التدخل الطبي لاضطرابات الصحة العقلية. كما أنها معرضة بشكل كبير جداً لمخاطر الأوبئة ونقاط الضعف.

وكشفت الاستراتيجية اليمنية - الأممية أن اليمن يواجه تفشياً متزامناً للأمراض المعرضة للوباء، بما في ذلك فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاحات من النوع 2، والكوليرا، والحصبة، والدفتيريا، والسعال الديكي، والملاريا، وحمى الضنك.

وذكرت أن تغطية التطعيم منخفضة، خصوصاً في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ إذ تتزايد المشاعر المسيسة المناهضة للقاحات.

ووفق ما جاء في الاستراتيجية، فإنه بين عامي 2019 و2021، انخفض متوسط ​​العمر المتوقع من 66 عاماً إلى 64 عاماً، «بوصفه أثراً مباشراً للصراع المستمر"، 

وقالت إن نحو 55 في المائة من الوفيات تعزى إلى الأمراض غير السارية، في حين تعزى 33 في المائة إلى أمراض القلب والأوعية الدموية والأمراض المعدية، و29 في المائة من الحالات إلى ظروف الأمومة والتغذية.

وبحسب التقديرات التي أشارت إليها الاستراتيجية، تحدث مليون حالة إصابة ملاريا كل عام في اليمن، مع وجود 65 في المائة من الحالات المبلغ عنها في منطقة تهامة، خصوصاً بمحافظتي الحديدة وحجة (غرب وشمال غرب).