الجزائر تنتخب رئيسها غداً.. من يسكن "قصر المرادية"؟

الرأي الثالث  -  وكالات

يتوجه نحو 24 مليون ناخب في الجزائر، غداً السبت، إلى صناديق الاقتراع، لاختيار رئيس جديد يتولى سدة الحكم خلال السنوات الـ5 المقبلة، في وقت يتواصل فيه التصويت في الخارج.

ويتنافس على الفوز بأصوات الجزائريين، في الانتخابات الرئاسية، والوصول إلى "قصر المرادية" (مقر الرئيس)، 3 مرشحين هم: الرئيس الحالي والمرشح المستقل عبد المجيد تبون، ورئيس حزب حركة مجتمع السلم، عبد العالي حساني شريف، والأمين الأول لحزب جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش.

ومن المقرر أن تُقفل مراكز ومكاتب الاقتراع، التي ستُفتح في الـ8 من صباح يوم غد السبت، عند الـ6 مساءً من نفس اليوم، مع إمكانية تمديدها في بعض المناطق لساعة أو ساعتين.

وينص قانون الانتخابات في الجزائر على حصول الفائز في الانتخابات الرئاسية على أكثر من 51% من أصوات الناخبين، فيما ينص الدستور الجزائري، على أنّ مدة الولاية الرئاسية 5 سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة.

وتجري هذه الانتخابات تحت إشراف السلطة الجزائرية المستقلة للانتخابات، التي تعهدت بالالتزام بالحيادية، وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة، ويُشار إلى أن هذه الانتخابات الرئاسية هي الأولى في ظل الدستور الجديد، الذي صدر في تشرين الثاني/نوفمبر 2020.
 
وفي غضون ذلك، تتواصل استعدادات الأجهزة التنظيمية والأمنية لإجراء الانتخابات، إذ تقرر تأجيل كل الفعاليات الرياضية والثقافية، وغلق الأسواق الأسبوعية بكل أنواعها، مع منع سير مركبات نقل البضائع، إضافةً إلى منع نقل البضائع عبر السكك الحديدية.

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أعلن في شهر أذار/مارس الماضي عن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في السابع من أيلول/سبتمبر 2024، أي قبل ثلاثة أشهر من موعدها المقرر مسبقاً.

كما انطلقت، الإثنين الماضي، عملية تصويت الجزائريين المقيمين بالخارج، لاختيار رئيس الجمهورية.

وفي وقت سابق، أكد رئيس مجلس الأمة في الجزائر، صالح قوجيل، أنّ المشاركة الواسعة للشعب الجزائري في الانتخابات الرئاسية المبكرة، المرتقب إجراؤها في 7 أيلول/سبتمبر المقبل، ستكون بمنزلة "رسالة قوية إلى أعداء الجزائر في الخارج".

وأشار إلى أن "الجزائر تُستهدف حالياً، بسبب تمسّكها بمبادئها الثورية، خصوصاً مبدأ عدم الانحياز ودفاعها عن القضايا العادلة عالمياً".

وكان تبون انتُخِب رئيساً للجزائر عام 2019، بعد حصوله على 58% من عدد الأصوات الصحيحة.

رؤساء تعاقبوا على حكم الجزائر

بنهاية ولاية الرئيس عبد المجيد تبون الأولى (2019 – 2024)، يكون قد تعاقب على حكم الجزائر 9 رؤساء منذ استقلالها عام 1962. لكل واحد منهم طريقة في تسيير الشأن العام، تركت بصمة لافتة على البلاد تبعاً للظروف المحلية والخارجية التي مرّت بها.
 
أحمد بن بلة

كان بن بلّة أول رئيس للجزائر المستقلة، والأمين العام لحزب «جبهة التحرير الوطني». كان اشتراكياً حتى النخاع، لكنه لم يبقَ لفترة طويلة في الحكم، فقد ترأس البلاد من عام 1963 إلى عام 1965، متسلحاً بشرعية واسعة؛ 

إذ فاز بنسبة 99.6 في المائة بالانتخابات التي كان المرشح الوحيد فيها عام 1963.

وتعرّض بن بلة لانقلاب عسكري قاده نائبه وزير الدفاع، هواري بومدين، في 19 يونيو (حزيران) 1965. وسمى بومدين حركة الانقلاب بـ«التصحيح الثوري»، على أساس أن بن بلة «حاد عن مبادئ ثورة التحرير ضد الاستعمار».

وبقي بن بلّة في السجن حتى سنة 1979، ثم وُضع تحت الإقامة الجبرية حتى عام 1980. ولما دخلت البلاد في عهد التعددية عام 1989، أطلق حزباً معارضاً سماه «الحركة الديمقراطية الجزائرية». 

وتوفي بن بلة في 11 أبريل (نيسان) 2012 وهو في الـ96 من عمره.

هواري بومدين

تولى بومدين، واسمه الحقيقي محمد بوخروبة، حكم البلاد من 1965 حتى وفاته في 1978. وعطّل بومدين العمل بالدستور، واحتكر مناصب رئيس مجلس الثورة، ورئيس الحكومة، ووزير الدفاع. وفي 1976 نظّم انتخابات كان المرشح الوحيد لها، وفاز بنسبة 99.5 في المائة من الأصوات. وتوفي وهو في الحكم يوم 27 ديسمبر (كانون الأول) عام 1978، بسبب مرض لازمه.

رابح بيطاط

رجل بارز في الثورة حكم الجزائر لمدة 45 يوماً فقط، كفترة انتقالية يفرضها الدستور، بحكم رئاسته للبرلمان يومها. توفي في الـ10 من أبريل سنة 2000.

الشاذلي بن جديد
  
بعد وفاة بومدين، اختار الجيش بن جديد ليكون المرشح الوحيد للانتخابات الرئاسية في عام 1979، بدلاً من عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان مرشحاً لخلافة الرئيس الراحل بومدين. وأعيد انتخابه في عامي 1984 و1988. وفي فبراير (شباط) عام 1989، أنهى دستور جديد احتكار حزب «جبهة التحرير الوطني» للعمل السياسي، وأسّس لما يُعرف بـ«التعددية السياسية»، ولأول مرّة تم إطلاق صحف خاصة.

وفي ديسمبر عام 1991، حصدت «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» الأغلبية المطلقة في الدور الأول من أول انتخابات تشريعية تعددية في الجزائر، فاستقال بن جديد في 11 يناير (كانون الثاني) 1992 تحت ضغط الجيش، الذي ألغى العملية الانتخابية، ودخلت البلاد في حرب أهلية، دارت رحاها بين الجيش وقوات الأمن، من جهة، والجماعات المسلحة التي كانت ذراعا «الإنقاذ» في تلك الحرب، التي خلفت 150 قتيلاً. وتوفي الشاذلي في الـ6 من أكتوبر (تشرين الأول) 2012، وعمره 86 سنة.

محمد بوضياف
 
يُعد من كبار رجال الثورة، حكم لمدة 5 أشهر عام 1992... فبعد استقالة بن جديد، الذي حلّ البرلمان، انتقل الحكم إلى المجلس الأعلى للدولة المشكل من 5 أعضاء، برئاسة بوضياف، وبعد أقل من 6 أشهر اغتيل (29 يونيو 1992). وأكد القاتل، وهو ملازم يسمى مبارك بومعرافي، خلال محاكمته أنه نفّذ العمل وحده «تعاطفاً مع الإسلاميين»، في حين تحدثت لجنة التحقيق عن «مؤامرة». وإلى يومنا هذا ما زالت عائلة بوضياف تطالب بـ«الحقيقة» لاعتقادها أن «من استنجدوا به ليحكم البلاد هم من قتلوه».

علي الكافي

يُعد الرئيس الوحيد، بعد 32 سنة من الاستقلال، الذي يسلم الحكم لخليفته اليامين زروال، المكلف بقيادة مرحلة انتقالية أخرى. وتوفي في 16 أبريل 2013.

الجنرال اليامين زروال

اختار المجلس الأعلى للأمن، الذي يضم قيادات الأمن والجيش وأهم الوزراء، عام 1994، زروال ليكون الرئيس لفترة انتقالية، وكان يُفترض أن تدوم 3 سنوات.

ونظم زروال أول انتخابات رئاسية تعددية في الجزائر سنة 1995، وفاز بولاية رئاسية أمام 3 مرشحين، لكنه رضخ لضغوط، تخص إدارة الشأن الأمني للبلاد، وقلّص ولايته بتنظيم انتخابات مبكرة في عام 1999 فاز بها بوتفليقة. واليوم يعيش زروال في إقامة بشرق البلاد، ويرفض الظهور للعلن.

عبد العزيز بوتفليقة

فاز بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية في 1999، وأعيد انتخابه بأكثر من 80 في المائة من الأصوات في 2004 و2009، ثم في 2014.

ورغم حالته الصحية الحرجة، سعى بوتفليقة إلى الترشح لولاية خامسة في فبراير عام 2019، مفجراً موجة احتجاجات شعبية غير مسبوقة، أجبرته على التراجع وتأجيل الانتخابات. وتحت ضغط الشارع والجيش، اضطر إلى الاستقالة قبل أقل من شهر من نهاية ولايته الرابعة. وتوفي في 17 سبتمبر (أيلول) 2021، متأثراً بتبعات إصابة بجلطة دماغية.

عبد القادر بن صالح

بحكم منصبه رئيساً لمجلس الأمة، قاد الجزائر لفترة انتقالية، بعد استقالة بوتفليقة، حتى تنصيب الرئيس الجديد تبون. وتوفي متأثراً بالمرض في 22 سبتمبر 2021.

عبد المجيد تبون
 
فاز تبون في انتخابات نُظمت في 12 ديسمبر 2019، بنسبة 58.15 في المائة، فيما لم تتعدَّ نسبة التصويت 40 في المائة. وجاء فوزه بالانتخابات بعد عدة أشهر من الحراك.