عرض إسرائيلي هزْلي جديد: نتنياهو متمسّك بـ«وهم الانتصار»

الرأي الثالث -  وكالات

قال مسؤلون أميركيون رفيعو المستوى في البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع (البنتاغون)، في حديث مع صحيفة وول ستريت جورنال، إنهم لا يتوقعون أن تصل إسرائيل وحماس إلى اتفاق قبل انتهاء ولاية الرئيس جو بايدن. 

ويأتي ذلك بعد أشهر من التأكيد على أن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بات قريبًا.

وأكدت واشنطن في وقت سابق التوصل إلى 90 بالمائة من ذلك الاتفاق على وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن ولكن لا تزال هناك فجوات تتعلق بالوجود الإسرائيلي في محور صلاح الدين (فيلادلفي)، على حدود غزة مع مصر، وتفاصيل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل. 

وقال أحد المسؤولين الأميركيين: "لا يوجد اتفاق وشيك. لست متأكداً مما إذا كان سيتم التوصل إليه على الإطلاق". 

وأشار المسؤولون إلى سببين رئيسيين للتشاؤم؛ الأول يتعلق بنسبة الأسرى الفلسطينيين الذين يجب على إسرائيل إطلاق سراحهم لإعادة المحتجزين لدى حماس، 

كما أن تفجيرات أجهزة الاتصالات في لبنان والغارات الجوية التي تلتها جعلت احتمال اندلاع حرب شاملة أكثر احتمالاً، شكلت عقبة أمام الدبلوماسية.
 
وزعم مسؤولون أميركيون، في أحاديثهم مع "وول ستريت جورنال"، أنّ "حماس تضع مطالب ثم ترفض الموافقة عليها بعد قبول الولايات المتحدة وإسرائيل بها.

 لقد أدى هذا التعنت إلى إحباط المفاوضين بشدة، الذين يشعرون بشكل متزايد بأن حماس ليست جادة بشأن التوصل إلى اتفاق". 

كما اتهم المسؤولون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتعطيل العملية، جزئيًا في محاولة لإرضاء الجناح اليميني المتشدد في ائتلافه الحاكم.

وقال مسؤول عربي عقب العملية ضد حزب الله: "لا توجد فرصة الآن لحدوث ذلك (اتفاق). الجميع في وضع الانتظار والترقب حتى ما بعد الانتخابات. النتائج ستحددد ما يمكن أن يحدث في الإدارة القادمة".
 
والخميس، أفادت إذاعة "كان ريشت بيت" العبرية بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي سلّمت الولايات المتحدة الأميركية مقترح صفقة جديداً مع حماس، يشمل إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين في غزة دفعة واحدة مقابل ممر آمن لخروج رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار وكل من يودّ مرافقته من القطاع وتحرير أسرى فلسطينيين، بالإضافة إلى نزع سلاح القطاع وتطبيق آلية حكم جديدة في غزة وإنهاء الحرب.

وبحسب الإذاعة، فقد التقى منسق شؤون الأسرى والمفقودين الإسرائيليين غال هيرش بعدد من عائلات المحتجزين الإسرائيليين، وأطلعهم على المقترح الجديد. 

وقال هيرش في اللقاء إن المقترح عُرض خلال لقاءاته في الأسبوع الماضي مع مسؤولين أميركيين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية. 

ونقلت الإذاعة عن مصادر التقت هيرش، لم تسمّها، أن المقترح يحمل اسم "صفقة الممر الآمن"، 

كما نقلت عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله: "في ظل الصعوبات التي تواجهها المفاوضات، ونفاد الوقت الذي يهدد حياة المختطفين، نطلب طرح مقترح بديل من شأنه اختصار المراحل والسماح بصفقة أسرع. 

سيحدث هذا إذا غادر السنوار وقاد إلى نهاية للحرب. وسيسمح لنا هذا أيضاً بتحقيق أهداف الحرب، كما سيسمح لقيادة حماس في غزة بالخروج بأمان إلى مكان آمن".

عرض إسرائيلي هزْلي جديد: نتنياهو متمسّك بـ«وهم الانتصار»

يترافق تكرار إعلان جيش الاحتلال عن انتهاء مهمّاته العسكرية في قطاع غزة، مع نقل الثقل العسكري إلى الجبهة الشمالية واعتبار إعادة سكان المستوطنات المحاذية لجنوب لبنان، هدفاً من أهداف الحرب، مع ما يرافق ذلك من أثمان وخطوات إجرائية، أهمّها، الإعلان أخيراً أن جنوب لبنان أضحى جبهة أساسية في الحرب.

 كما يأتي هذا وسط رفع سقف المطالب الإسرائيلية، وزيادة التعنّت على طاولة المفاوضات، على اعتبار أن «المنتصر يَفرض شروطه»، وليس على المهزوم إلّا أن يوقّع! 

ولعل نموذجاً مما تقدّم، ما سرّبته مصادر إعلامية إسرائيلية عن نيّة رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، عرض مقترحٍ لصفقة جديدة، تقضي بتوفير ممرّ آمن لقادة حركة «حماس»، وفي مقدّمهم يحيى السنوار، في مقابل إطلاق سراح الرهائن والمختطفين دفعةً واحدة، والانسحاب من غزة، ونزع سلاح المقاومة، والسماح بإعادة الإعمار ورفع الحصار.

وعلى رغم أن ذلك المقترح المحكوم عليه بالفشل والمرفوض سلفاً لم يُطرح بشكل رسمي بعد، ترجّح مصادر مختلفة ارتباطه بخطاب نتنياهو المرتقب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي سيسعى من خلاله إلى إحراج حركة «حماس»، وإظهارها وكأنها هي مَن تعطّل كل الصفقات، وأن يديه ممدودتان للسلام. 

غير أن تكرار عروض وقف إطلاق النار المقدّمة من علوّ، أي من موقف قوّة للإسرائيليين، يبدو واضحاً أنه يرمي إلى تعويم «الإيهام بالانتصار»، أي إقناع كل الإسرائيليين قبل غيرهم، بأن جيش الاحتلال أصبح يمتلك الأفضلية في الميدان، والتي تؤهّله لإملاء شروطه.
 
في المقابل، تترجم تصريحات قادة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، الاستعصاء الميداني الذي وصلت إليه الحرب التي اقتربت من إغلاق عامها الأول، حيث القوات البرية تنتشر بلا عمل حقيقي، وتتحوّل مع مرور الوقت إلى أهداف سهلة، بعدما استنفد الجيش قوته الغاشمة عدّة مرات في مناطق محددة، 

فيما لم ترفع المقاومة الراية البيضاء، وظهر أنها ليست في وارد القبول بأيّ مقترح لا يراعي الخطوط الحمر، وأهمها: الانسحاب الكامل من غزة، وعودة الأهالي إلى منازلهم من دون قيد أو شرط. 

كما أن نقطة الاستعصاء في هذه الحرب، هي أن إسرائيل في مرحلة لا تسمح لها بالقبول بأنصاف الانتصارات، إذ إن ما منيت به طوال أشهر القتال، وقبلاً في عملية «طوفان الأقصى» نفسها، رفع كل ذلك من سقوف حاجتها إلى الحرب، وذلك لاستعادة ردعها المهشّم وهيبتها المدمّرة. 

أما المقاومة، التي استنزفت الحرب كثيراً من مقدّراتها البشرية واللوجستية، فهي أيضاً تبدي استعداداً أكبر لكسر إرادة القتال لدى العدو، من دون أيّ فرضية للانكسار أو الاستسلام، وهي أكثر مَن يدرك، أن الجيوش وحركات التحرّر، لا تُهزم عندما تخسر نقاطاً في الحرب، أو تعجز عن المشاغلة وإيذاء العدو مرحلياً، إنّما عندما تستسلم وتنكسر لديها إرادة القتال.