غضبة شعبية في بريطانيا: حكومة «العمل» شريكة في الإبادة

الرأي الثالث - الأخبار

 أدانت منظمات مدنيّة وهيئات شعبيّة في المملكة المتحدة، انحياز الحكومة البريطانيّة السافر إلى الجانب الإسرائيلي، وتورّطها في تمكين الإبادات العرقيّة الجماعيّة التي ينفذها جيش العدو الإسرائيلي في كل من فلسطين ولبنان. 

واتهمت هذه الجهات السير كير ستارمر، رئيس الوزراء، بممارسة «النّفاق»، نظراً إلى السرعة التي أدان بها الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، 

في الوقت الذي لم يكلف فيه نفسه عناء إدانة الإبادة الجماعيّة المستمرة على يد الكيان في قطاع غزّة منذ ما يقرب العام، أو عدوانها الأحدث على لبنان والفظائع التي ترتكبها ضد المدنيين هناك،

 ناهيك باعتداءاتها المتكررة على سوريا واليمن، وهو ما اعتبر تشجيعاً لتل أبيب على ارتكاب المزيد من تلك الفظائع.

ونقلت صحف لندن عن بن جمال، مدير الحملة البريطانية للتضامن مع فلسطين، قوله: «لقد سارع كير ستارمر إلى الإعلان عن أنه يدين بشدة الضربات الصاروخية الإيرانية، لكنه لم يجد مثل تلك الكلمات أبداً للتعليق على الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، أو الضربات على السفارة الإيرانية في دمشق، أو الهجمات على المدنيين في لبنان. إنّه نفاق صارخ».

 ووصف بن جمال تحالف حكومة المملكة المتحدة مع دولة ترتكب إبادة جماعية وتنتهك سيادة الدول المجاورة، بالأمر «المروّع».

 وكان ستارمر «أدان بشدة» الهجوم الصاروخي الإيرانيّ على إسرائيل، وأكد دعمه لتل أبيب، وقال: «نحن نقف مع (إسرائيل)، ونعترف بحقها في الدّفاع عن النفس في مواجهة هذا العدوان»، داعياً الجمهوريّة الإسلاميّة إلى «وقف هذه الهجمات»، 

فيما أقرّ وزير دفاعه، جون هيلي بأن القوات البريطانية تدخلت للدّفاع عن الكيان يوم الثلاثاء الماضي، زاعماً أنها «لعبت دورها في التصدي للهجمات الصاروخيّة».

وتعليقاً على تصريحات هيلي، قالت كيت هدسون، الأمينة العامة لحملة نزع السلاح النووي: «الواقع أن القوات البريطانية تدعم الإبادة الجماعية التي تنفذها (إسرائيل)، وبالتالي تشجعها على ارتكاب مزيد من الجرائم».

 واعتبرت أن «تصريحات ستارمر الأخيرة تقصر تماماً عن إدانة أو حتى الاعتراف بالأهداف الحقيقية لحكومة تل أبيب، والمتمثلة في تدمير أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية، والسعي الصريح إلى توسيع حدود دولة (إسرائيل)»، وأن «بريطانيا بذلك تشارك وبقوّة في جرّ منطقة الشرق الأوسط إلى حافة الحرب الأوسع».

 ومن جهتها، أدانت ليندسي جيرمان، منسّقة (تحالف أوقفوا الحرب): «تعهّد كير ستارمر بتقديم الدعم الكامل لدولة الإرهاب، رغم مقتل أكثر من 40 ألف شخص في غزة، والآن آلاف القتلى وما يصل إلى أكثر من مليون نازح في لبنان نتيجة العدوان الإسرائيلي»،

 وقالت: «إنه يسارع إلى إدانة إيران، لكنه لم يدن ولو لمرة واحدة حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل منذ عام كامل، واستهدافها المتعمد للمدنيين، واغتيالاتها غير القانونية، في إيران ولبنان، لا بل واستخدامها القواعد البريطانية في قبرص لنقل الأسلحة، ومساعدة إسرائيل على ارتكاب جرائم حرب متتابعة يتم تبريرها أو تجاهلها».
 
وسبق لمواقع رصد صحافية في المملكة المتحدة أن كشفت عن مئات الرحلات التي قامت بها طائرات عسكريّة بريطانية وأمريكيّة منذ أكتوبر/ تشرين أوّل الماضي، لنقل الأسلحة والعتاد إلى إسرائيل، عبر قاعدة «أكروتيري» التي تحتلها القوات البريطانية في قبرص قبالة الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. 

كما تستمر طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني في تقديم دعم استخباراتي ولوجستي يوميّ للقوات الإسرائيلية التي تنفذ أعمالاً قتاليّة. 

وسجل موقع متخصص انتقال طائرة نقل عسكرية ضخمة من طراز «A400M» – يمكن أن تحمل 116 جندياً بكامل عتادهم - من قاعدة «أكروتيري» إلى مطار عسكري في تل أبيب يوم الإثنين الماضي، في خضم العدوان الإسرائيلي الهمجيّ على لبنان، 

فيما رفضت وزارة الدّفاع البريطانية طلباً قُدّم وفقاً لقانون حريّة الوصول إلى المعلومات للإفصاح عن تفاصيل تدريب متقدّم يتلقاه ضباط من الجيش الإسرائيلي في المملكة المتحدة، 

ما اعتبره خبراء بمنزلة تأكيد على استمرار حكومة «حزب العمل» الجديدة في نهج الشراكة الوثيقة نفسه مع أدوات القتل الإسرائيلية، والذي سارت عليه دائماً حكومات المحافظين السابقة. 

وكانت الوزارة قالت سابقاً إنها رغم إقرارها بوجود عسكريين إسرائيليين على الأراضي البريطانية لأغراض التدريب، فهي ستحجب المعلومات التفصيلية لحماية الأشخاص المعنيين، وتجنب الإضرار بالعلاقات بين المملكة المتحدة وإسرائيل،

 ما قد يشير إلى حرص حكومة لندن على التغطية على تورطها في جرائم حرب يرتكبها الجيش الإسرائيلي. 

كما كان مسؤول إسرائيلي كشف، لصحيفة «نيويورك تايمز»، عن نشر قوة تجسّس بريطانية سرية على الأرض في غزة، بغرض دعم عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي هناك. 

وقال إن الفريق البريطاني يعطي «قيمة مضافة» لعمليات الجيش، مضيفاً أن بريطانيا تقدم معلومات استخباراتية «لا تستطيع إسرائيل جمعها بمفردها»، فيما لم يجد مراقبون أيّ دلائل على انتهاء مهمة هذه القوة حتى الآن.

على أن تنظيم «الحركة من أجل فلسطين» (بالستاين أكشن) الشبابي لم يكتف بالإدانات، بل كشف مجالات التورّط البريطاني العميق في تمكين الإبادات الإسرائيلية. 

إذ قام منتسبوه بهجوم بالطلاء الأحمر على مصنع أسلحة في منطقة ويرال، يتبع شركة أميركيّة تنتج قطع غيار مهمّة لطائرات «إف 35» الحربيّة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي لقصف قطاع غزّة ولبنان بقنابل ثقيلة زنة 2000 رطل - بما في ذلك الهجوم على الضاحية الجنوبيّة والذي أودى بحياة الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصر الله -. 

وتسلّق المحتجون سقف مصنع شركة «تيليداين كومبوزيتز» التي تعد أكبر مصدّر للأسلحة من بريطانيا إلى إسرائيل، وثقبوه، ورشوا عبر الثقوب طلاء أحمر على ماكينات المصنع وطاولات العمل فيه. 

وسبقهم إلى ذلك ناشطون من «الحركة من أجل فلسطين»، استهدفوا الموقع نفسه في يوليو/ تموز الماضي، فاقتحموا بشاحنة بوابة المصنع قبل أن يغمروها بالطلاء الأحمر. 

كما سبق واحتلوا مصنعاً آخر يتبع شركة شقيقة لـ«نيليداين كومبوزيتز»، ما عطّل لبعض الوقت عمليات تصنيع إلكترونيات ذات استخدام عسكريّ ترسل إلى الجيش الإسرائيلي.

هذا، وتداعت منظمات شعبيّة وتجمعات سياسيّة في المملكة إلى تظاهرة وطنيّة شاملة اليوم السبت في العاصمة لندن ومدن أخرى، بمناسبة مرور عام كامل على انطلاق العدوان الإسرائيلي على غزّة، 

يعتقد أنها ستستقطب أكثر من مليون متظاهر رغم المضايقات التي يتعرض لها المنظمون والمشاركون من قبل الأجهزة الأمنية البريطانية. 

وقال منظمون إن التظاهرة ستجدد مطالبتها للحكومة بتبني موقف رسمي يدعو الكيان إلى وقف فوري لإطلاق النار، وفرض حظر أسلحة حقيقي عليه – يكون ثنائي الاتجاه - ، كما إقرار عقوبات ديبلوماسيّة واقتصادية ذات تأثير ضده. 

وكانت حكومة ستارمر قد فرضت تعليقاً شكلياً مؤقتاً لأقل من عُشر مجموع الرخص الممنوحة للقطاع الخاص البريطاني لأغراض تصدير الأسلحة والمعدات ذات الاستخدام العسكري إلى إسرائيل، ما يراه كثيرون بمنزلة خداع سياسيّ رخيص، وذرّ للرّماد في العيون.

سعيد محمد