لقاء بوتين – بزكشيان يرسّخ التعاون : واشنطن أمام «اللحظة الأصعب»
الرأي الثالث - وكالات
في اجتماع هو الأول من نوعه، التقى الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على هامش مؤتمر «ترابط العصور والحضارات - أساس السلام والتنمية» الدولي، والذي عقد أمس في عشق آباد عاصمة تركمانستان، بمناسبة الذكرى الـ300 لميلاد الشاعر التركماني، مختوم قلي فراغي.
ويأتي اللقاء المشار إليه في وقت يبدو فيه أنّ الولايات المتحدة أعطت حليفتها إسرائيل «الضوء الأخضر» لـ»الرد» على الهجوم الإيراني الأخير؛
إذ أفاد موقع «أكسيوس» الأميركي، نقلاً عن ثلاثة مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، قولهم إنّ الرئيس الأميركي، جو بايدن، اقترب من نقطة «تفاهم» مع رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، حول شكل الرد الإسرائيلي الذي يتم التخطيط له ضدّ إيران، وذلك خلال مكالمتهما الهاتفية الأخيرة الأربعاء.
وبعد المكالمة، قال مسؤول أميركي إنّ واشنطن وتل أبيب أصبحتا تسيران «في الاتجاه الصحيح»، فيما قال مسؤول أميركي آخر للموقع إنّ الإدارة «أصبحت أقل توتراً بشأن خطط إسرائيل بعد المكالمة»، مشيراً إلى أنّه تم تضييق الفجوات بشأن «طبيعة الهجوم ونطاقه».
وبعدما ألغى زيارته الأولى التي كانت مقررة الأربعاء، على ضوء «التباينات» بشأن الرد المشار إليه، من المتوقع، بحسب الموقع، أن يسافر وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، إلى واشنطن في وقت لاحق، للقاء نظيره الأميركي، لويد أوستن، في إشارة إلى انفراج العلاقات في هذا الملف.
وبالنظر إلى السياسة التي انتهجتها واشنطن في أعقاب عملية «طوفان الأقصى»، فمن غير الممكن التنبؤ بنوع «الاتفاق» المشار إليه بين الطرفين، على الرغم من أنّ بايدن وأوستن كانا قد حذرا من استهداف المنشآت النووية أو النفطية الإيرانية.
وفي السياق، نقلت وكالة «إرنا» الإيرانية للأنباء عن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، تحذيره، الجمعة، من أنّ الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية سيكون «استفزازاً خطيراً للغاية»، وحديثه عن أنّ «روسيا تنطلق في موقفها من تقييمات (الوكالة الدولية للطاقة الذرية) المهنية»، التي لا ترى أي مؤشرات إلى أنّ إيران تحاول نقل برنامجها النووي إلى مرحلة الاستعمال «العسكري».
وبالعودة إلى الاجتماع بين الرئيسيَن، نقلت وكالة «تاس» عن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قوله إنّ إيران وروسيا «ناشطتان على الساحة الدولية»، وإنّ «مقاربتهما للأحداث» على تلك الساحة هي غالباً متشابهة إلى حدّ كبير.
كما لفت الرئيس الروسي إلى أنّ «روسيا تدعم إجراء أوسع نقاش دولي ممكن، حول معايير التفاعل في العالم الناشئ المتعدد الأقطاب»،
مضيفاً أنّ موسكو «منفتحة لمناقشة قضايا بناء نظام عالمي جديد مع جميع أصدقائنا وشركائنا والأشخاص ذوي التفكير المماثل، بما في ذلك داخل رابطة الدول المستقلة والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، ومنظمة شانغهاي للتعاون ومجموعة بريكس».
وأردف أنّه «لا يمكن ضمان السلام والتنمية العالميين إلا من خلال الأخذ في الاعتبار آراء كل دولة وشعب، مع احترام سيادتهم».
ووفقاً للوكالة الروسية، فقد دعا بوتين، في نهاية اللقاء، الرئيس الإيراني، إلى زيارة روسيا.
التهديد الأكبر
ومن البديهي أن يتابع صناع السياسة والمراقبون في الغرب اللقاء المشار إليه عن كثب، لاسيما أنّ العلاقة بين موسكو وطهران، جنباً إلى جنب بكين وبيونغ يانغ حتى، تثير قلقاً متزايداً في أوساطهم، ما دفع ببعضهم إلى التحذير، بشكل متزايد أخيراً، من أنّ واشنطن أصبحت أمام «اللحظة الأصعب» منذ الحرب الباردة.
وفي السياق، يشير تقرير أوردته « مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي» الأميركية، إلى أنّ التحالفات الجيوسياسية التي تشكل تحدياً مماثلًا لـ»الأمن والنظام العالميَين» مقارنة بالشراكة بين طهران وموسكو، «هي قليلة»،
مضيفاً أنّه على الرغم من «التنافس وانعدام الثقة» في بعض المحطات، فإن الرابط الحالي بين الجانبين لن «ينكسر بسهولة»، لاسيما أنّه على الرغم من «التفوق العسكري والاقتصادي الأميركي»، فإنّ كلا البلدين يعتبران أن النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة «ضعيف وقابل للتحدي».
ويردف التقرير أنه في ظل بقاء المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، وبوتين في السلطة، واستمرار تقييمهما المشار إليه لـ»النظام العالمي»، فإنّ الشراكة بينهما ستستمر.
ومن أهم ركائز تلك الشراكة، بحسب التقرير، هو المخاوف الروسية – الإيرانية المشتركة حول الاستقرار الداخلي، والمحاولات الأميركية لتقويضه، لاسيما عبر الثورات الملونة.
ويذكّر أصحاب هذا الرأي بأنّ موسكو وطهران أعربتا بوضوح عن تطلعاتهما إلى «عالم ما بعد أميركا»، في إشارة إلى العالم الذي تقلصت فيه القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية الأميركية بشكل كبير.
ومن جهتها، أوردت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، أخيراً، تقريراً أشارت فيه إلى أنّه مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، يجب الأخذ في الاعتبار أن تلك المنطقة ليست سوى واحدة من ثلاث ساحات في العالم يحاول فيها «التحريفيون قلب النظام الدولي»، على حدّ تعبيرها، في إشارة إلى الحرب في أوروبا وصعود الصين في آسيا.
ويتابع أصحاب هذا الرأي أنّه إذا لم يكن ذلك الواقع «مقلقاً بما فيه الكفاية»، فهناك مؤشرات متزايدة إلى أن «محور القوى التحريفية» هو على تنسيق دائم، ويساعد أطرافه بعضهم البعض»،
مستشهدين بتقرير أوردته مجلة «ذي إيكونوميست»، جاء فيه أنّ «مجموعة الفوضى الرباعية»، أي الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا، تتبادل الأسلحة والإمدادات، والأهم مما تقدّم، المعرفة.
ويزعم التقرير أنّ طهران وبيونغ يانغ تزودان موسكو بطائرات مسيرة، بينما تشارك روسيا المعلومات مع إيران حول كيفية تشويش الطائرات المسيرة وتعطيل أنظمة الـGPS،
كما أنها «ترسل أسلحة عسكرية غربية مصادرة إلى طهران حتى تتمكن الأخيرة من إجراء تحليلات عليها».
أيضاً، تقدر الحكومة الأميركية، طبقاً للتقرير، أنّ 90 في المئة من واردات روسيا من الإلكترونيات الدقيقة و70 في المئة من أدواتها الآلية، تأتي الآن من الصين، ومعظمها هي «ذات استخدام مزدوج»، مما يعني أنّه يمكن اسخدامها في «صناعة الأسلحة».