ثورة 14 اكتوبر .. حدث تاريخي هام في حياة اليمنيين

 يحتفل اليمنيون في داخل اليمن وخارجه بالعيد الـ ٦١ لثورة الرابع عشر من اكتوبر الخالدة، هذه الثورة التي إستطاعت أن تنجز الإستقلال اليمني عن المستعمر البريطاني الذي جثم على صدور اليمنيين في جنوب الوطن لأكثر من عقدين وقرن من تاريخ اليمن.

وتعد ثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963 حدث تاريخي هام، خلصت جزء غال من ارض الوطن من الاستعمار وجمعت اليمنيين في صف واحد.

حيث تجرّع الشعب آنذاك العديد والعديد من المآسي والازمات إذ منعت عنهم أبسط حقوقهم وحرياتهم، فكان يجب على الشعب أن يقف صفاً واحداً متصديّاً بكل قوة وعنفوان، وفداء لجبروت أعتى وأقوى دولة استعمارية ما تسمى ببريطانيا العظمى أو التي لا تغيب عن مستعمراتها الشمس من أجل استرداد دولتهم والمحافظة على حريتها واستقلالها ونيل حياة كريمة ينعمون فيها بالحرية والاستقرار"..

كما أن ثورة ١٤ أكتوبر كانت ضرورة كبرى لرد اعتبار الشعب في أرجاء الجنوب بعد معاناة من ويلات الاحتلال وأوجاع الحكم البائد.

بين الطلقة الأولى التي تفجرت شرارتها في الرابع عشر من أكتوبر 1963، من على قمم جبال ردفان على يد شهيد أكتوبر راجح لبوزة ـ وبين يوم إعلان الاستقلال الثلاثين من نوفمبر 1967م، مرت مراحل نضالية في سفر التاريخ الثوري اليمني الذي نحتفي اليوم بذكراه، 
 
 "ثورة 14 أكتوبر انتقلت من ردفان إلى مناطق اخرى في الجنوب اليمني، وأستخدم الإحتلال السلاح الثقيل لإجهاضها وقصفوا الثوار بالمدفعية الثقيلة والمدرعات وآلاف من الجنود، لكن الثوار كانوا صامدين حملوا على عواتقهم مهام نضالية كبيرة، وحملوا الأجيال القادمة وصية الحفاظ على أهداف الثورة" .

أتت الثورة اليمنية الأُكتوبرية كإستحقاق لنضال يمني خالص أنطلق بشموخ وعنفوان بأهدافٍ موحدة، وغاياتٍ متناغمة، وتضحياتٍ مشتركة، وأحلام متشابهة، حتى قهرت المستعمِر وأخرجته مرغماً من عدن ومناطق أخرى من الجنوب اليمني في متلازمة عجيبة من الكفاح اليمني الذي خط محاور إمتداده من جبال ردفان إلى جبال عيبان، ونقم وصبر وشمسان وجبال العوالق ومكيراس ليصنع ابتسامةُ النصر في الرابع عشر من أكتوبر المجيدة.

و"جاءت أهداف ثورة 14 اكتوبر لتكمل ما سبق من أهداف سبتمبر وكانت الأهداف لثورتي سبتمبر وأكتوبر واحدة، وأن ثورتي أكتوبر وسبتمبر كانتا ثورتين متكاملتين في الوسائل والآليات، ولم يكن من الممكن نجاح إحداهما بمعزل عن الأخرى، وأن مناخ نجاح الثورتين كان مرهوناً بتوفر الشروط الموضوعية للواقع الاجتماعي الذي فجرهما، وأن أكتوبر أخرجت بريطانيا، بكل أسطوريتها وقوتها، من جنوب اليمن".

و "أثبتت ثورة الرابع عشر من اكتوبر واحدية النضال اليمني وعكست واحدية الجغرافيا والشعب في شطري اليمن، وهذه هي الحقيقة التي لا يمكن التشكيك فيها مهما حاول البعض أن يزور التاريخ وينشر الأكاذيب ويأتي بأقاويل من خارج حقائق التاريخ، إن واحدية المسار في الثورتين تؤكد هذه الحقائق، حيث كان لنجاح ثورة سبتمبر الدور المهم والفاعل في تفجر شرارة أكتوبر والتسريع في إنجاز الإستقلال للجنوب اليمني".

ولثورة 14 أكتوبر اهمية كبيرة في حياة الشعب اليمني حيث أنها مثلت حدثاً تاريخياً ووطنياً عظيماً وإنجازاً شهد له الجميع للتخلص من مخلفات واستبداد الإستعمار وتوحيد للصف والنضال المشترك والكفاح المستمر والمستميت لنيل الحرية والإستقلال، وهذا ألزم الثوار والمناضلين ومن قام بتلك الإنتفاضة والثورة بالسير قدماً نحو تحقيق الأهداف المرجوة والتضامن وتوحيد الكلمة للاستمرار والتقدم نحو وطناً محرر و مستقل".

ويرى مراقبون، أن ثورة 14 أكتوبر كانت نتيجة طبيعية لتطور حركة التحرر الوطنية في الجنوب اليمني، واستمراراً للنمو اللاحق للثورة في الشمال، وجزء من الثورة العربية العامة الموجهة ضد الاستعمار، وقد وضع الأحرار في جنوب اليمن مهمة الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر في الشمال على عاتقهم كون أن الأرض واحدة.

ومن هنا تعد عبقرية ثورة 14 أكتوبر المجيدة حيث استطاعت توحيد 23 سلطنة ومشيخة وإمارة في جنوب اليمن، ضمن الهدف الأكبر بإعادة هوية الجنوب اليمني كدولة قوية موحدة تستطيع أن تحقق الإنجاز الوطني الأكبر في الوحدة اليمنية، والتي كانت هدفاً جوهرياً للسياسيين والثوار في الجنوب والشمال عقب ثورتي سبتمبر وأكتوبر.

كما أن التفاف الجماهير العريضة الى جانب الثوار وثقتهم بهم كان له دور كبير في نجاح الثورة واستمرارها وتحقيق اهدافها..موضحة أن الشعب ضاق من الممارسات التعسفية التي كان ينتهجها المستعمر البريطاني واعوانه وتسببت بحرمانه من ابسط حقوقه كالتعليم، وتدني المستوى المعيشي والحياتي وانتشار الامراض مع انعدام الخدمات الصحية.

 " كان هناك نضج شعبي ثوري قد بدا يتشكل في اوساط المواطنين في مختلف المحافظات والاهم من ذلك تحديد المسؤوليات ميدانياً تمهيداً للقيام الثورة المسلحة الشاملة التي فجرت لاحقا وارغمت المستعمر على الرحيل" .

حيث أن الحركة الثورية الوطنية في جنوب اليمن قد مرت خلال تاريخها الطويل بأربع مراحل بدأت بالعمل السياسي والاعلامي السري مرورا بمرحلة الايقاظ والتيقظ بين فئات المجتمع ثم الاحتجاجات والاضرابات في عموم البلاد واخيرا التمرد والثورة وتحقيق الاستقلال المنشود" .

كما أن ثورة ١٤ اكتوبر المجيدة صنعت الاستقلال لشطر الوطن الجنوبي بطرد المحتل البريطاني، وأنجزت أهم خطوة في طريق وحدة التراب اليمني بعد أن كان الشطر الجنوبي ممزقاً بين عشرات الإمارات والسلطنات والمشيخيات.

بالإضافة الى التقسيم في الجنوب، كان الاحتلال يسعي لتحقيق أهداف ومصالح اقتصادية في السيطرة على الموانئ وإعطاء اليمنيين الفتات، وعلى عكس ما يروج له أن الاحتلال البريطاني أحدث تطور عمراني واقتصادي، فغالبية الروايات التاريخية تتحدث عن عملية ممنهجة لتدمير الاقتصاد المحلي الطبيعي التي كان جنوب اليمن يتمتع به.

ويشير مراقبون، الى انه بعد نجاح ثورة سبتمبر وسقوط حكم الإمامة الكهنوتي البائد تحولت المحافظات اليمنية في الشمال إلى محاضن للحركة الوطنية الفتية في الجنوب، والتي عملت على تنظيم نفسها في إطار سياسي يمثل أبناء الجنوب في صنعاء والتي عرفت حينها بحركة تحرير الجنوب اليمني المحتل.

وكان انتصار ثورة سبتمبر مؤشراً كبيراً لانتصار ثورة الجنوب، فبعد عام واحد فقط من ثورة 26 سبتمبر 1962م عاد المناضلون من أبناء الجنوب حاملين في أفئدتهم شرارة الثورة والخبرة والتجربة والعلوم العسكرية التي تعلموها ليكونوا وقودا لثورة 14 أكتوبر التي غيّرت وجه العالم بمساندة الأحرار والثوار والشرفاء من محافظات شمال اليمن.

  "لقد مثل فجر الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م انطلاق شرارة الثورة لتحرير الجنوب من الاستعمار البريطاني بقيادة المناضل راجح غالب لبوزة، ومن معه من الأحرار الأبطال، ولم يكن ذلك الفجر المشرق لأكتوبر الأغر وليد الصدفة فقد مر بإرهاصات جمة وتمخض من رحم المعاناة التي أفرزها المستعمر البغيض"

 "لقد كانت ثورة أكتوبر 1963 امتداداً طبيعيًا لثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962، فهما من أعظم الثورات اليمنية على الإطلاق، وبهما وعبرهما دخلت اليمن طوراً جديداً بعد غياب طال قرونا في الشمال وعقوداً في الجنوب، وتشارك الرجال والنساء، في ربوع البلد، الذي كان مقسماً حينها، المتمثل بالحلم بالخلاص من الاستبداد والتحرر من الاستعمار، وتنفس هواء الحرية والعدالة، وعاد غالب راجح لبوزة ، من الشمال إلى جبال ردفان، ممتلئاً بدوافع الكفاح المسلح ضد الاستعمار الأجنبي، ومؤمناً بأحقية الأرض لأصحابها، وعلى عاتقه حمل مسؤولية اللحاق بموكب الأحرار لصناعة فجر ال14 من أكتوبر، بعد 128 عاما من الاستعمار البريطاني".

لقد سبق الثورة إنتفاضات في مختلف مدن جنوب اليمن وحركة احتجاجات طلابية ونقابية واسعة وتنظيمات سرية اعتمدت الكفاح المسلح لمواجهة الاحتلال البريطاني وأدواته المحلية وعدة مؤتمرات انعقدت في تعز وإب وصنعاء لتدارس انطلاق الثورة وتنظيم مسارها.

فيما اشار يمنيون، الى ان ثورة 14 اكتوبر تعتبر منعطفاً مهماً في تاريخ اليمن الحديث الذي تخلص فيه الشعب من هيمنة الاحتلال كما تعتبر ثورة اكتوبر أمل الشعب بتحقيق الأمن والرخاء والاستقرار..مؤكدين ان ثورة اكتوبر جاءت بعد تضحيات أبناء هذا الوطن الذين رووا تربته بدماء الشهداء.. 

 ورغم الاحداث الأخيرة التي تشهدها الساحة الوطنية نحن على يقين أن اليمن سيخرج منتصراً وستبقى ثورتي سبتمبر واكتوبر صمام أمان هذا الشعب.