تحت غطاء الحرب... إسرائيل تصعّد عدوانها على الأسرى

الرأي الثالث -  الأخبار

 في خضم الحرب المتدحرجة من قطاع غزة إلى لبنان، وبالتوازي مع التصعيد الكبير في الضفة الغربية، تزداد معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، والذين يشعرون أنهم باتوا في طيّ النسيان، بينما تحوّلوا إلى حقل تجارب للفاشية الصهيونية في التعذيب والقتل. 

ولم يكن المقطع المصور الذي نشره الإعلام العبري في ذكرى 7 أكتوبر، ويظهر اقتحام عشرات من جنود العدو مع الكلاب البوليسية تحت أنظار وزير «الأمن القومي»، إيتمار بن غفير، أحد السجون واعتدائهم الوحشي على الأسرى، سوى نموذج مصغّر ممّا يتعرّض له هؤلاء من اعتداءات وصلت إلى حد القتل.

وأُعلن، أمس، استشهاد الأسير محمد منير موسى (37 عاماً) من بيت لحم، في مستشفى «سوروكا»، يوم الجمعة الماضي، علماً أن سلطات الاحتلال اعتقلته منذ 20 نيسان 2023، وكان يقبع في سجن «ريمون» قبل نقله إلى المستشفى أخيراً، وهو متزوج وأب لثلاث طفلات، أصغرهن تبلغ من العمر ثلاث سنوات. 

وبحسب «هيئة شؤون الأسرى» و»نادي الأسير»، فإن الأسير موسى، وقبل اعتقاله، «كان يعاني من السكري»، وحتّى اللحظة لا تتوافر «معلومات حول ظروف استشهاده». 

وأكدا، في بيان مشترك، أنّ «جرائم الاحتلال الممنهجة بما فيها من جرائم تعذيب، وجرائم طبيّة، وجرائم تجويع، شكّلت الأسباب المركزية لاستشهاد 40 أسيراً ومعتقلاً بعد تاريخ السابع من أكتوبر، وهم الشهداء المعلومة هوياتهم وبياناتهم لدى المؤسسات المختصة»، ويُضاف إليهم الشهيد موسى ليرتفع عددهم مذاك إلى 41.

على أن هذا الرقم، والذي يشمل 24 شهيداً من غزة، لا يطال العشرات من الشهداء من معتقلي غزة، والذين يواصل الاحتلال إخفاء هوياتهم. كما أن ذلك العدد هو الأعلى تاريخياً مقارنة مع سنوات سابقة ارتقى فيها العديد من الأسرى، 

علماً أنه منذ 7 أكتوبر، حوّلت سلطات الاحتلال السجون إلى جحيم لا يطاق. إذ اتبعت إجراءات أُقرّت من قِبل أعلى مستوى سياسي إسرائيلي، وبتحريض وتوجيه من بن غفير، جاعلة المعتقلات أشبه بمسلخ بشري، سواء بأشكال مباشرة أو غير مباشرة متمثلة في التجويع والحرمان من العلاج في ظل انتشار الأمراض. 

وبالفعل، أكد عدد من الأسرى المحررين أن العشرات من رفاقهم يعانون من ظروف قاسية وباتوا على مشارف الاستشهاد، في الوقت الذي تفرض قوات الاحتلال فيه تعتيماً كبيراً على وضع أسرى قطاع غزة، سواء لناحية أعدادهم أو حالتهم الصحية أو حتى عدد الشهداء منهم، خصوصاً وأنهم يخضعون لإجراءات عسكرية، ويواجهون جرائم مروعة تمس حياتهم على مدار الساعة، وذلك في إطار حرب الإبادة التي تتخذ عدة أوجه، من بينها العدوان على الأسرى.

تواصل قوات الاحتلال، تشديد إجراءاتها العسكرية في محافظات الضفة، في ما بات أقرب إلى الحكم العسكري

وعلى خط مواز، تعيش بلدات وقرى الضفة الغربية على وقع تصاعد اعتداءات عصابات المستوطنين، مع بدء موسم قطف الزيتون، حيث تتعرض عشرات القرى لهجمات من قِبل هؤلاء الذين يستهدفون المزارعين ويمنعونهم من الوصول إلى أراضيهم ويعتدون عليهم. 

وباتت هذه الاعتداءات يومية، وهي تجري تحت حماية كبيرة من جيش الاحتلال، ضمن سياسة تضييق الخناق على السكان. 

وفي هذا السياق، سُجّلت، أمس عشرات الاعتداءات في قرى جنوبي نابلس وشمال شرق رام الله وشمال سلفيت، كان أبرزها في قرية قصرة قرب نابلس حيث قطع المستوطنون عشرات أشجار الزيتون، كما هاجموا المزارعين وقاطفي الزيتون، وطردوهم من المنطقة تحت تهديد السلاح، بحماية جيش الاحتلال. 

أيضاً، تعرضت قرى المغير وترمسعيا وجالود وياسوف ودوما لهجمات مستوطنين، في محاولة لمنع الأهالي من قطف الزيتون.

ويأتي هذا في الوقت الذي تواصل فيه قوات الاحتلال، تشديد إجراءاتها العسكرية في محافظات الضفة، عبر إغلاق الحواجز، ومداخل المدن والبلدات والقرى، وعرقلة تنقل الفلسطينيين، في ما بات أقرب إلى الحكم العسكري. 

وفي السياق نفسه، دفع جيش الاحتلال بمئات الجنود لتدعيم فرقة الضفة الغربية لحماية المستوطنات ومنطقة جدار الفصل العنصري، والذي تعتقد المؤسسة الأمنية أن العديد من الفلسطينيين يصلون من خلاله إلى فلسطين المحتلة لتنفيذ عمليات فدائية. 

وكانت «سلطة أراضي إسرائيل» قررت مصادرة مقر رئاسة «الأونروا» في القدس الشرقية لإقامة 1440 وحدة استيطانية، لافتة إلى أن المشروع في مراحله «التحضيرية «. 

وجاء ذلك القرار بعد سلسلة اعتداءات تعرض لها المقر الكائن في حي الشيخ جراح، من قِبل مستوطنين في الأشهر الماضية، بما فيها محاولة حرقه، وصولاً إلى إبلاغ «سلطة أراضي إسرائيل»، «الأونروا»، في نهاية أيار الماضي، بأنه يجب عليها مغادرة المبنى في غضون 30 يوماً، ودفع غرامة مالية.

أحمد العبد