شدّ وجذب في العراق: الفصائل متمسكة بمواصلة عملياتها
الرأي الثالث - الأخبار
ليس خافياً أن العراق يتجاذبه اتجاهان حول التعامل مع التهديد الإسرائيلي: الأول تمثّله الفصائل التي تنخرط في جبهة إسناد متصاعدة للبنان وغزة.
والثاني تمثّله الحكومة التي تسعى إلى تحييد العراق عن الصراع برمته. ومع ذلك، لا يمكن اعتبار الفريق الثاني واحداً، بل هو نفسه ينقسم إلى قسمين،
أحدهما يمثّله الرسميون في الحكومة، والثاني تمثّله القوى السياسية التي تتشكّل منها هذه الأخيرة، والتي يعكس جزء كبير منها وجهة نظر المقاومة.
ضمن تلك التركيبة، تستمر عمليات الفصائل بصورة يومية ضد إسرائيل، بل تتصاعد، وتتواصل في الوقت نفسه دعوات الحكومة للمقاومة إلى وقف عملياتها حتى لا تجرّ العراق إلى الصراع.
ويعقد المسؤولون اجتماعات مع قادة الفصائل لإقناعهم بوجهة نظرهم، فيما تكرّر أكثر من مرة إعلان الحكومة التوصل إلى تفاهمات مع الفصائل لوقف هجماتها، ليتضح بعد ذلك أن العمليات مستمرة.
وفي هذا السياق، أعلن نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، فؤاد حسين، مساء أول من أمس، أن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، أقنع قادة الفصائل المسلحة في البلاد بالعمل وفقاً لخطة الحكومة لمواجهة شرارة الحرب في الشرق الأوسط.
وقال، في مقابلة مع تلفزيون «كروس» الكردي، إن «قادة الفصائل ملتزمون بالاتفاق مع رئيس الحكومة، وإنهم ليسوا بصدد خلق حالة قد تؤدي إلى الحرب على العراق، وإن الفصائل أعطت وعداً لرئيس الحكومة بأن لا تتحرك في مجال يؤدي إلى ردّ فعل قوي على العراق».
وأضاف أن «الجانب الأميركي أبلغنا بضرورة السيطرة على الداخل العراقي، وإبعاد البلاد عن الحرب، كما أنه لعب دوراً في عدم تعرّض العراق لضربات إسرائيلية».
ورغم تصريحات حسين، أعلنت « الفصائل في العراق»، أمس، استهدافها موقعاً عسكرياً في إسرائيل بواسطة الطيران المسيّر، من دون أن تحدّد موقعه الدقيق، مؤكدة، في بيان، «الاستمرار في عملياتها بوتيرة متصاعدة».
وفي المقابل، زعم الجيش الإسرائيلي أنه اعترض مسيّرة في منطقة البحر الميت أطلقت من العراق، وفقاً لما أفادت به وسائل إعلام العبرية.
ورغم التباينات العراقية، إلا أنه يُسجّل أن المقاومة العراقية لم تستهدف القواعد الأميركية في البلاد منذ مدة، وإنما اكتفت بالتهديد بذلك بعدما اتهمت الولايات المتحدة بالتواطؤ مع إسرائيل لضرب إيران انطلاقاً من الأجواء العراقية، باعتبار أن واشنطن تتحكّم في هذه الأجواء.
وازدادت حدة تلك التباينات بعد تهديد إسرائيل بقصف أهداف في داخل العراق، رداً على هجمات المقاومة، لا سيما أن مسؤولين عراقيين عبّروا عن مخاوف من أن يستهدف العدو منشآت نفطية في البلاد.
كذلك، يدور جدل كبير حول احتمال قيام إيران بالرد على الهجوم الإسرائيلي الأخير انطلاقاً من الأراضي العراقية، وهو ما لم تطرحه طهران نهائياً، لكن بعض الفصائل العراقية ترى أن لإيران الحق في القيام بالرد انطلاقاً من العراق، بسبب استخدام إسرائيل أجواءه لضرب إيران، وفقاً لتأكيد حكومة بغداد نفسها.
وفي هذا السياق، نفى المجلس الوزاري للأمن الوطني ما يتردّد حول هذا الأمر. وجدد المجلس الذي اجتمع برئاسة السوداني، أول من أمس، «موقف العراق بدعم نضال الشعبين اللبناني والفلسطيني واستنكار جرائم الكيان الصهيوني بحقهما»،
مؤكداً أن «ما جرى تداوله من أخبار تتحدث عن اتخاذ الأراضي العراقية منطلقاً لتنفيذ هجمات أو ردود على الاعتداءات الإسرائيلية، ما هي إلا ذرائع كاذبة ومسوغات يراد لها أن تكون مبرراً للاعتداء على العراق وسيادته وحرمة أراضيه».