«جيش المستوطنين» منتشٍ بفوز ترامب: العدو يصعّد هجمته على شمال الضفة

 الرأي الثالث - وكالات

 يشنّ جيش الاحتلال، منذ الخامس من الشهر الجاري، عملية عسكرية واسعة في شمال الضفة الغربية، متنقّلاً في اقتحاماته بين محافظات جنين وطولكرم وطوباس وقلقيلية. 

وعاودت القوات الإسرائيلية، فجر أمس، وللمرّة الثانية خلال 24 ساعة، اقتحام محافظة طولكرم، ومخيمَيها نور شمس وطولكرم، حيث أُبلغ عن استشهاد شاب، يبلغ من العمر 22 عاماً. 

واعتباراً من ساعات الفجر الأولى، اقتحمت أعداد كبيرة من آليات الاحتلال، ترافقها أربع جرافات من النوع الثقيل، المدينة، وتمركزت في محيط دوار الشهيد سيف أبو لبدة عند مدخل مخيم نور شمس، حيث اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة، وسط تحليق كثيف لطائرات الاستطلاع. 

وعلى عادتها، قامت جرافات العدو بتجريف شارع نابلس عند مدخل المخيم، وحارة المنشية، وتخريب البنية التحتية وممتلكات المواطنين المدمّرة من جرّاء الاقتحامات السابقة.

كذلك، اقتحمت آليات الاحتلال وجرافاته مخيم طولكرم، وتحديداً حارات المقاطعة والبلاونة والمدارس ومربعة حنون، وشرعت قي تجريف البنية التحتية والممتلكات الخاصة، حيث وضعت الأتربة على أبواب المنازل والمحال التجارية، 

فيما قامت أيضاً بإطلاق قنابل مضيئة، ونشْر القناصة في مباني المخيم ومحيطه، فضلاً عن إطلاق النار على كل شيء يتحرّك. 

وفي الوقت ذاته، داهمت عدداً من المنازل، من دون أن يبلغ عن وقوع إصابات أو اعتقالات. 

وصباحاً أيضاً، قصفت مسيّرة إسرائيلية، مخيم طولكرم مرتين، ما أسفر عن إصابة خمسة مواطنين، أحداهم سيدة ونجلها من ذوي الإعاقة، علماً أن أحد الاستهدافات طال مجموعة من المقاومين الذين لم يُصب أي منهم.

 وشهدت محاور عدّة في مخيمَي طولكرم ونور شمس، اشتباكات مسلحة عنيفة، وتفجير عشرات العبوات الناسفة محلية الصنع بالآليات العسكرية، بينما أعلنت الطواقم الطبية استشهاد الشاب حارث محمد عوفي، الذي قالت «كتائب القسام» إنه أحد مقاوميها. 

ومن جهتها، أفادت «سرايا القدس - كتيبة طولكرم» بأن مقاتليها تمكنوا من تفجير عبوة بآلية في محور البلاونة، حيث أمطروا قوات المشاة بالرصاص، محققين إصابات مباشرة في صفوفهم.

وجاء اقتحام طولكرم، في أعقاب انسحاب جيش العدو من مدينة جنين، حيث استشهد الشاب عبد الله السعدي، ليرتفع عدد الشهداء في المحافظة، خلال 48 ساعة، إلى 7، وفي عموم الضفة إلى 10. 

ووفقاً لمصادر محلية، فقد حاصرت قوات الاحتلال منزل عائلة الشهيد أمجد القنيري في حرش السعادة، وطلبت عبر مكبرات الصوت من شقيقه إبراهيم، تسليم نفسه، وأَطلقت الرصاص بشكل مباشر على المنزل، فأصيب الشاب. 

وشهدت محاور عدة في مدينة جنين ومخيّمها، اشتباكات عنيفة بين المقاومين وقوات الاحتلال، بينما وثّق مواطنون وقوع قوة إسرائيلية في كمين محكم، حيث فجر مقاومون عبوة شديدة الانفجار بآلية للاحتلال وأصابوها بشكل مباشر، فهرب الجنود منها ليفاجأوا بصليات كثيفة من الرصاص. 

ومنذ الخامس من تشرين الثاني، استشهد 11 فلسطينياً في شمال الضفة، 7 منهم في محافظة جنين، وآخران في طوباس، واثنان من مدينة طولكرم.
 
وفي موازاة التطورات الميدانية، يسود صفوف قادة المستوطنين في الضفة، شعور بالنشوة بعد فوز دونالد ترامب بالرئاسة في الولايات المتحدة، إذ يَنتظر هؤلاء دخوله إلى البيت الأبيض، لتيسير جدول أعمالهم الذي يشمل توسيع الاستيطان، وإخراج مخطّطات بناء في المستوطنات إلى حيز التنفيذ، وإلغاء العقوبات التي فرضتها إدارة جو بايدن المنتهية ولايتها، وضمّ مناطق في الضفة إلى إسرائيل، والاستيطان في مناطق في قطاع غزة. 

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، أن المستوطنين قاموا، خلال ولاية بايدن، بتعزيز علاقاتهم مع شخصيات مركزية في إدارة ترامب السابقة، من مثل وزير الخارجية في ولايته الأولى، مايك بومبيو، الذي زار المستوطنات في السنوات الأخيرة. 

كذلك، زار السفير الأميركي إبان عهد ترامب السابق، ديفيد فريدمان، قبل أيام، المستوطنات في منطقة رام الله، حيث التقى رئيس مجلس المستوطنات هناك، يوسي داغان، الذي سعى في الأشهر الماضية إلى إقناع مستوطنين وحاخامات يحملون الجنسية الأميركية بالتصويت لترامب لأنه «يساعد المستوطنات».

 ودعا قياديون في الحزب الجمهوري، داغان، إلى حضور مراسم تنصيب ترامب، في الـ20 من كانون الثاني المقبل، ما يدلّ على التغيير الذي يتوخونه في السياسة الأميركية تجاه الاستيطان، بحسب الصحيفة نفسها.

ويُتوقّع أن يطالب الوزراء الإسرائيليون المتطرّفون، من مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، بنيامين نتنياهو، بضم مناطق في الضفة إلى إسرائيل، وتحديداً الأغوار، ومنطقة مستوطنة «معاليه أدوميم»، وربما المنطقة (أي الضفة) كلها، وفقاً لـ«يديعوت أحرونوت» التي نقلت عن مستوطنين قولهم إن فوز ترامب «نقطة تاريخية قد لا تعود مرة أخرى.

 لكن يصعب توقّع سياسته، وهو يدرك احتياجاتنا، لكن في النهاية، سيحاسب على الأفعال. وفي جميع الأحوال هو أفضل من بايدن». 

وأشارت إلى أن الرئيس الأميركي المنتخب كان قريباً جداً من الموافقة على ضم الضفة إلى إسرائيل، ولكنه امتنع عن ذلك إثر معارضة صهره، جاريد كوشنر.

ومن جهتها، لفتت صحيفة «هآرتس» إلى أن قادة المستوطنين يستندون في آمالهم المتصلة بتوسيع الاستيطان، إلى ولاية ترامب الأولى، إلى جانب علاقاتهم الوثيقة مع المسؤولين في إدارته السابقة، ومع قياديين في الجالية الإيفانجيلية المؤثرة. 

ونقلت الصحيفة عن داغان، في أعقاب الإعلان عن فوز ترامب، قوله إن «عبئاً كبيراً قد أزيل. فالضغط الأميركي (خلال ولاية بايدن) كان يؤثر على أيّ أمر، في المستوى الأمني والمستوى الاستيطاني. وأنا مقتنع بأن هذا الضغط سيتوقف أو يضعف». 

وأضاف أنه يعتقد أن موضوع الضم سيعود، فـ«غياب ضغط سياسي، سيساعد الجهود من أجل إقامة مستوطنات في غزة أيضاً. والتوقعات من الإدارة الأميركية هي أنها ستنفذ ما تريده إسرائيل».

وتجدر الإشارة إلى أن السفير فريدمان أصدر كتاباً بعنوان «دولة يهودية واحدة»، أطلقه خلال أمسية عقدها في مستوطنة «نوفيم»، وحضرها وزراء إسرائيليون، من مثل يسرائيل كاتس، ونير بركات، وإيلي كوهين، وعَميحاي شيكلي، وأوريت ستروك، وغلا غمليئيل. 

وممّا قاله فريدمان خلال الأمسية: «بمشيئة الله وبمساعدتكم، نأمل أنه في يوم ما ستكون لإسرائيل سيادة يهودية على كل أنحاء موطننا التوراتي».

وبعد الإعلان عن فوز ترامب، كتب رئيس مجلس المستوطنات، يسرائيل غانتس، عبر منصة «إكس»، أنه «حان وقت السيادة» أي ضمّ الضفة، و«تبادلنا اليوم بعض الكلمات مع أصدقائنا في الحزب الجمهوري، وهناك خطط كبيرة سندفعها معاً بمشيئة الله».

 وتحدثت رئيسة حركة «نِحالا» الاستيطانية، دانييل فايس، التي تقود حالياً حملة للاستيطان في غزة، بدورها، عن سعيها إلى ضم الضفة كلها ورفضها لضم جزء منها، قائلةً: «كانت لنا تجربة صعبة جداً مع ترامب حول خطة الضم، عملت جاهدة كي تتم الموافقة عليها. 

وشملت الخطة 30% لليهود، لكن 70% لدولة فلسطينية. ونظروا في اليمين بالأساس إلى الـ30%. وما زلت قلقة من هذه الخطة».