فرص انتهاء حرب لبنان تتزايد.. هل يتجه "حزب الله" لوقف "إسناد غزة"؟

الرأي الثالث - وكالات

تشهد المفاوضات لوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان في الأيام الأخيرة، تقدماً ملحوظاً، خاصة مع ترؤس الولايات المتحدة هذه المحادثات وسعيها إلى وقف القتال بين "إسرائيل" و"حزب الله"، من خلال عرض مسودة اتفاق.

تظهر كل المؤشرات قرب الوصول إلى اتفاق، وموافقة "حزب الله" عليه، مع الخسائر المؤثرة التي لحقت به، خاصة بقيادته؛ بدءاً بأمينه العام حسن نصر الله، ومن جاء بعده هاشم صفي الدين، والاختراق الأمني الكبير بين صفوفه، خاصة تفجيرات "البيجر".

سيكون الحزب أمام حالة ضغط للموافقة على إنهاء الحرب أو التوصل إلى هدنة مؤقتة في لبنان، دون توقف العدوان الإسرائيلي على غزة، خاصة أنه أعلن منذ الثامن من أكتوبر 2023، فتح جبهة إسناد للقطاع وربط وقفها بإنهاء الحرب.

بعد الهجوم الإسرائيلي على لبنان بدأت تظهر بعض التغيرات في موقف "حزب الله"، وهو ما أكده مسؤول حكومي لبناني تحدث لوكالة "رويترز"، حول أن الحزب تخلى عن إقرار الهدنة في غزة شرطاً لوقف إطلاق النار مع الاحتلال.
 
وأكد المصدر أن هناك أسباباً كثيرة تفسر التغير المفاجئ في موقف "حزب الله" بعد إصراره على جبهة إسناد غزة، أولها الضغوط الكبيرة المسلطة عليه سياسياً وعسكرياً.

وأوضح المسؤول أن القرار جاء "بسبب تكثيف إسرائيل حملتها العسكرية، إضافة إلى حالة النزوح التي شهدتها البيئة الحاضنة في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت، واعتراض بعض الأطراف السياسية اللبنانية على موقف الحزب من ربط الجبهات".

مسودة الاتفاق

ظهرت ملامح لاتفاق إنهاء الحرب في لبنان، من خلال ما نقله مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون، عن أن المبعوث الأمريكي الخاص للبنان آموس هوكشتاين، ومستشار الرئيس الأمريكي بريت ماكغورك، ناقشا مع رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، اتفاقاً لوقف إطلاق النار في لبنان، واستئناف المفاوضات بشأن غزة.

ونقل المسؤولون لموقع "أكسيوس" الأمريكي مسودة الاتفاق التي تتضمن التزاماً من جانب الحكومتين الإسرائيلية واللبنانية باتخاذ خطوات نحو التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، الذي أنهى حرب عام 2006 في لبنان.

وسيتم تنفيذ الاتفاق، وفق موقع "أكسيوس"، خلال 60 يوماً، تلتزم "إسرائيل" بموجبه بسحب كافة قواتها من لبنان على مراحل لا تزيد على سبعة أيام بعد إعلان وقف إطلاق النار، واستبدالها بقوات من الجيش اللبناني تحت مراقبة من الولايات المتحدة ودول أخرى، وانتشار 10 آلاف جندي من الجيش اللبناني في جنوب البلاد.

وتشير مسودة الاتفاق إلى أن كل اتفاق لبيع أسلحة إلى لبنان أو صناعة أسلحة فيه سيكون بموافقة الحكومة اللبنانية، وأنها ستمنح القوى الأمنية الصلاحيات اللازمة لتطبيق قرار "منع تسلح حزب الله".

وحسب المسودة ستلتزم الولايات المتحدة بتعيين ضابط عسكري أمريكي كبير ومسؤول كبير في الأمن القومي الأمريكي لرئاسة آلية المراقبة.
 
وجاء في المسودة أن الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق لبنان ستكون لغرض الاستخبارات فقط، "ولن تكون مرئية بالعين المجردة إلى الدرجة الممكنة"، ولن تخترق حاجز (أو جدار) الصوت، وفق ما نشره موقع أكسيوس.

كذلك، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن "إسرائيل" والولايات المتحدة ولبنان تبادلوا مسودات اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، بينما أعرب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، عن أمله في التوصل إلى وقف الحرب.

وأشارت الصحيفة الإسرائيلية -نقلاً عن مصادر وصفتها بـ"المطلعة"- إلى أن المجلس الأمني المصغر سيناقش مستجدات مفاوضات التسوية، وأن هناك فرصة جيدة للتوصل إلى اتفاق في لبنان.

تضارب في الأنباء

رغم تلك الأنباء غير الرسمية، ما زالت الحكومة الإسرائيلية تؤكد استمرار الحرب، حيث قال وزير الجيش، يسرائيل كاتس، إنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار أو أي تهدئة في لبنان حتى تتحقق أهداف الحرب.

وأوضح أن تل أبيب "لن توافق على أي ترتيب لا يشمل نزع سلاح حزب الله وانسحابه إلى ما وراء الليطاني وإعادة سكان الشمال، وضمان حقها في منع الإرهاب"، على حد وصفه.

لكن وزير الخارجية الإسرائيلي، غدعون ساعر، قال إن هناك تقدماً في محادثات وقف إطلاق النار على جبهة لبنان، مشيراً إلى أن تل أبيب تعمل مع واشنطن بهذا الشأن، إلا أنه ربط الأمر أيضاً بـ"تراجع حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني".

وفيما قال مسؤول العلاقات الإعلامية في "حزب الله"، محمد عفيف، إنه لم يصل إلى لبنان و"حزب الله" أي شيء رسمي، أو مقترحات محددة وجديدة تتعلق بوقف إطلاق النار، 

أكد وزير الداخلية اللبناني، بسام مولوي، لقناة "الجزيرة"، أن بلاده ترفض ما تم تسريبه من شروط إسرائيلية تنتهك سيادتها، وتشدد على الالتزام بالقرار 1701.

ضغوط لبنانية

الخبير في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، أكد أن "حزب الله أبدى مرونة من أجل الوصول للاتفاق، خاصة أنه ينظر بواقعية للمعركة ويدرك أنه تلقى ضربة قوية، وهو بحاجة إلى لملمة حاضنته التي تعرضت لنكبة، وقراها تدمرت ونزح مئات الآلاف منها".

ويقول منصور،   "حزب الله بحاجة إلى استجماع قوته، وإعادة ترتيب وضعه الداخلي، ووضع لبنان، وهو ينظر بإيجابية إلى أي حل، ولكن ليس على حساب سيادة لبنان وعلى مبادئ أساسية لديه".

ويوضح أن "المطروح للاتفاق يشكل أساساً، وسيبدي الحزب مرونة كبيرة خاصة باتجاه جبهة قطاع غزة، ولن يُفشل اتفاقاً من أجل غزة، ويبرر ذلك أمام اللبنانيين خاصة؛ بسبب الوضع الموجود فيه".

وأشار إلى أن الحزب سيتعرض لضغط داخلي من الأطراف الأخرى في لبنان تدفعه للموافقة على إنهاء الحرب وعدم وضع جبهة غزة كعثرة أمام ذلك.

وعن موقف "حماس" من الاتفاق الوشيك في لبنان، يتوقع الخبير في الشأن الإسرائيلي أن تباركه الحركة؛ "لأنها تدرك حالة الضغط الممارسة على حزب الله، وستجد نفسها مضطرة للتعامل معه".

وحول ما يسمى "محور المقاومة"، يرى منصور أنه "تعرض لضرة قوية وأثرت على حيويته وتماسكه وتشكيلته، ونظرياً لا يزال قائم، ولكنه سيخضع لتغييرات تفرضها نتائج الحرب".

ويقول: "محور المقاومة بالصيغة التي كانت قبل السابع من أكتوبر 2023 انتهى، وسيعيد تشكيل نفسه ولكن بأي صيغة وأولويات سيتضح لاحقاً".