مجزرة إسرائيلية في تدمر: «التنف» منطلقاً للعدوان

الرأي الثالث - وكالات

استشهد 36 شخصاً وأصيب أكثر من 50 آخرين بجروح، بعضها خطير، في مجزرة ارتكبتها إسرائيل في وضح النهار في مدينة تدمر، شرقي حمص، وسط البلاد، في وقت ذكرت فيه مصادر طبية، أن الرقم مرشح للارتفاع في ظل الدمار الكبير الذي خلّفه العدوان، والذي طاول مبانيَ سكنية داخل المدينة ومحيطها. 

ومن جهتها، ذكرت وزارة الدفاع السورية، في بيان، أن العدوان الذي وقع في الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر بتوقيت دمشق، نفّذته طائرات إسرائيلية من جهة التنف، حيث توجد أكبر قاعدة للاحتلال الأميركي في سوريا عند المثلث الحدودي مع العراق والأردن، إلى جانب قواعدها في الشرق السوري (مناطق الإدارة الذاتية – الأكراد)، 

إذ تلعب هذه القاعدة دوراً بارزاً في تحصين خاصرة إسرائيل، كما يستعملها الاحتلال الإسرائيلي بين وقت وآخر في تنفيذ اعتداءات على وسط وشمال البلاد.

وطاول العدوان الإسرائيلي، الذي يُعتبر الأكبر من ناحية عدد الضحايا منذ بدء حملة التصعيد الإسرائيلية على سوريا بذريعة محاربة «حزب الله» والوجود الإيراني في سوريا، بحسب شهود عيان، مناطق سكنية مكتظة. 

وهو وقع في وقت تشهد فيه المنطقة ازدحاماً، الأمر الذي يفسر العدد الكبير من الضحايا، في حين طاولت بقية الاعتداءات التي استهدفت محيط المدينة نقاطاً عسكرية، تُعتبر جزءاً من التشكيلات الموكلة إليها حماية حمص من هجمات تنظيم «داعش» الإرهابي، وتقوم بين وقت وآخر بحملات تمشيط في مناطق البادية لملاحقة مسلحي التنظيم. 

وتعتقد دمشق وموسكو بأن القاعدة الأميركية في التنف تشكل منطلقاً لتمويل هؤلاء وتسليحهم، في سياق حرب استنزاف تحاول واشنطن أن تجعلها مستمرة، والتأثير من خلالها على عمليات الجيش السوري والفصائل الرديفة له في المنطقة، التي سيطر «داعش» عليها عام 2015، وقام بعمليات تدمير ممنهجة للآثار الموجودة فيها، كما قام بنبش وتهريب بعض الآثار، قبل أن يستعيد الجيش، بدعم روسي، السيطرة عليها في عام 2017.

ويُعتبر الاعتداء الإسرائيلي الجديد على تدمر، الثالث عشر على سوريا خلال الشهر الحالي؛ فهو يأتي بعد سلسلة اعتداءات طاولت مناطق في دمشق وريفها، وريف حمص، واستهدفت مناطق سكنية وبنية تحتية، وتسبّبت بقطع عدد من الطرقات في مدينة القصير في ريف حمص من جراء تدمير بعض الجسور. 

كما تسبّبت بمحاصرة أعداد من المدنيين الذين فقدوا القدرة على التواصل البري مع محيطهم، في وقت أعلنت فيه السلطات السورية تفعيل إجراءات عاجلة لإعادة وصل هذه المناطق.

ويأتي استعمال إسرائيل منطقة التنف لشن الاعتداء الجديد، بالتزامن مع تزايد وتيرة الحديث عن السياسة الأميركية المرتقبة في سوريا بعد تولي الرئيس دونالد ترامب مقاليد السلطة، ووسط آمال تركية بأن يقوم الأخير بسحب قواته من هذا البلد. 

وإلى الآن، تتجنب واشنطن الحديث عن قاعدة التنف، والتي قامت القوات الروسية باستهداف محيطها مرات عديدة، بعد رصد مسلحين خرجوا منها، في سياق العمليات الجوية الروسية في مكافحة الإرهاب. 

كما أن القوات الأميركية استقدمت، أخيراً، منظومات حرب إلكترونية جديدة إلى القاعدة، بالإضافة إلى تجهيزات عسكرية وصفتها مصادر ميدانية بأنها ثقيلة، بينها أنظمة تشويش، ومضادات أرضية، وأسلحة مخصصة لمواجهة الطائرات المُسيّرة، التي تطلقها فصائل المقاومة بشكل متواتر على القواعد الأميركية، بما فيها «التنف»، أو ما تطلق عليها واشنطن «المنطقة 55».