بيدرسن في دمشق: محاولة متجدّدة لدفع «الدستورية»

الرأي الثالث - الأخبار 

في محاولة جديدة لإعادة إحياء المسار الأممي للحل في سوريا (اللجنة الدستورية)، زار المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، العاصمة السورية دمشق، حيث أجرى عدداً من اللقاءات مع المسؤولين والسفراء، على رأسهم وزير الخارجية، بسّام الصباغ، من دون أن تتسرب أي معلومات دقيقة حول ما إذا كان قد تم الاتفاق بشكل نهائي على إعادة إحياء هذا المسار أم لا. 

وتأتي زيارة المبعوث الأممي، بعد محاولات أجراها خلال العامين الماضيين في الاتجاه نفسه، ووجهت بعدد من المعوقات، أبرزها موقف الولايات المتحدة الأميركية المتشدد، والذي حال دون تجاوز الأزمة الأساسية التي أوقفت لقاءات «الدستورية»، بعد تسع جولات، عندما رفضت دمشق وموسكو استكمال اللقاءات في جنيف، على خلفية تخلي سويسرا عن حياديتها وانضمامها إلى الدول التي فرضت عقوبات على روسيا. 

ورفضت واشنطن، مذّاك، اقتراحات عديدة تم تداولها لنقل مقر اللقاء، وأصرّت على جنيف، وهو ما رفضته الحكومة السورية.

كما تأتي الزيارة الجديدة لبيدرسن، بعد أقل من أسبوعين على عقد الجولة الـ22 لمسار «أستانا» الروسي للحل في سوريا، والذي حضره المبعوث الأممي. 

وهي تجيء أيضاً بعد نحو ثلاثة أسابيع على تدشين الأمم المتحدة صندوقاً خاصاً لـ«مشاريع التعافي المبكر»، مقره دمشق، أملاً في أن يسرّع هذا الصندوق، الذي يتوقع أن تساهم دول الخليج العربي في تمويل قسم كبير منه، تلك المشاريع، بشكل يساهم في فتح الباب أمام العودة الطوعية للاجئين السوريين من دول الجوار، بما فيها الأردن، ولبنان، الذي عاد منه فعلاً أكثر من 400 ألف سوري على خلفية العدوان الإسرائيلي الكبير على لبنان. 
 
على أن التصعيد الإسرائيلي الكبير، وآثاره على المنطقة، احتلا الجزء الأكبر من الحوار بين المبعوث الأممي ووزير الخارجية السوري، وفقاً لـ«كالة الأنباء السورية» (سانا)، التي ذكرت أن اللقاء بحث «الوضع المتصاعد في المنطقة، والناجم عن العدوان الإسرائيلي على سوريا ولبنان، والذي دفع بمئات آلاف السوريين واللبنانيين إلى الداخل السوري هرباً من جحيم آلة القتل الإسرائيلية».

 وأشارت «سانا» إلى أن الصباغ عرض التسهيلات المقدّمة من الحكومة السورية للاستجابة لهذا الوضع الإنساني الطارئ، بالرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا، والتي فاقمتها التدابير القسرية الأحادية الجانب اللاشرعية واللاإنسانية التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الشعب السوري. 

وخلال اللقاء، شدّد الصباغ أيضاً على ضرورة قيام الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها لوقف انتهاكات وجرائم الكيان الإسرائيلي واعتداءاته المتكررة على الأراضي السورية، وعلى أهمية دعم جهود الحكومة السورية في الاستجابة الإنسانية بما في ذلك دعم تنفيذ «مشاريع التعافي المبكر».

بدوره، رحّب المبعوث الأممي بالجهود التي تقوم بها الحكومة السورية لاستقبال الوافدين من لبنان والتسهيلات المقدّمة لهم، وعرض الاتصالات التي يجريها من أجل تنفيذ خطته، مشدداً على احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها وسلامتها. 

وفي لقاء سريع مع الصحافيين عقده بعد اللقاء، أشار بيدرسن إلى أن جهوده تنصبّ بشكل أساسي على منع التصعيد، محذّراً من المخاطر الكبيرة الناجمة عن أي تصعيد في الوقت الحالي، خصوصاً الهجمات الإسرائيلية، وما تخلّفه من آثار كبيرة على مختلف المستويات. 

وإذ لم يحدد بيدرسن أي موعد واضح لإعادة إحياء مسار «الدستورية»، فهو أكّد استمرار المشاورات مع الحكومة السورية والمعارضة لإعادة إحياء ذلك المسار، لما يلعبه من دور كبير في تحقيق الاستقرار.

يُذكر أن زيارة بيدرسن إلى دمشق، والتي غاب خلالها عن اجتماع لـ«مجلس الأمن» حول سوريا، جاءت أيضاً بعد تأكيد المبعوث الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، وجود مقترحات أمكنة لعقد لقاءات «الدستورية»، من بينها سلطنة عمان ومصر والسعودية والعراق. 

على أن هذه النقطة تنتظر اتضاح معالم السياسة الأميركية الجديدة حول سوريا بعد تولّي دونالد ترامب السلطة، خصوصاً أن الأخير أعلن، في ولايته السابقة، عدم اهتمامه بالأوضاع في هذا البلد، وحاول الانسحاب من الشمال الشرقي السوري، ما قد يعطي دفعاً لبيدرسن، لتجاوز أزمة مكان عقد اللقاء.

علاء حلبي