ترامب يبدأ «انقلابه» باكراً: نحو استرجاع «عهد أميركا الذهبي»
الرأي الثالث - وكالات
على وقع التطورات الكبيرة التي يشهدها العالم، بما في ذلك اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة، ألقى الرئيس الـ 47 للولايات المتحدة، دونالد ترامب، خطابه الافتتاحي في داخل «القاعة المستديرة» في مبنى «الكابيتول»،
علماً أنّ هذه هي المرة الأولى، منذ أربعة عقود، التي يتم فيها نقل الحفل إلى الداخل. ويرجع ذلك إلى الأحوال الجوية القاسية التي صعّبت إحياء المراسم خارج المبنى، وساهمت، على ما يبدو، في جعل خطاب الرئيس المنتخب «أطول».
وعلى جري العادة، انحرف خطاب ترامب الذي كان من المفترض أن يركز على «محاور أساسية ثلاثة»، وهي «الوحدة والقوة والإنصاف»، لينصبّ على قضايا أخرى ساهمت في وصوله إلى البيت الأبيض، وعلى رأسها الهجرة والاقتصاد، واللذان عمد، من خلالهما، إلى مهاجمة المهاجرين والإدارة السابقة.
وعلى الرغم من محاولة الرئيس الجمهوري تصوير نفسه على أنّه مدافع عن «الوحدة»، إلا أنّ ترامب استغلّ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصل إليه في غزة، ومن قبلها في لبنان، لينسب إلى نفسه «الفضل في تحقيق السلام»،
علماً أنّ كليهما حصلا، فيما كان بايدن لا يزال في منصبه، قائلاً في الخطاب: «لقد حققت إدارتنا القادمة كل ذلك في الشرق الأوسط، في أقل من ثلاثة أشهر»، لافتاً إلى أنّه «من دون أن يكون رئيساً، حققت إدارته أكثر مما حققته رئاسة بايدن في أربع سنوات».
كذلك، اعتبر ترامب أنّه «خلال السنوات الأخيرة، عانت أمتنا بشكل كبير، وسنستعيد أمتنا وسنوقف كل الحروب، وبلادنا ستستعيد مكانتها».
وأردف: «بدأ منذ الآن، عصر أميركا الذهبي»، ومن اليوم فصاعداً «ستزدهر بلادنا وتحظى بالاحترام مرة أخرى في جميع أنحاء العالم».
وقبل يومين من سفره إلى واشنطن للمشاركة في حفل التنصيب، أجرت شبكة «إي بي سي» الأميركية مقابلة، عبر الهاتف، مع ترامب، أعلن فيها أنّه سيركز في خطابه، إلى حدّ كبير، على الهجرة، ولا سيما أنّ الملف المشار إليه أتاح له العودة إلى البيت الأبيض.
وعلى الضفة نفسها، ولدى سؤاله عن أولى الخطوات التي يعتزم اتخاذها في اليوم الأول له في البيت الأبيض، قال الرئيس الجمهوري إن خطواته ستكون مرتبطة بالمهاجرين غير الشرعيين «القادمين من السجون والمؤسسات العقلية»،
مشيراً إلى أنّه «يجب إخراجهم وإلا فلن يكون لدينا بلد».
وبالفعل، قال الرئيس الجمهوري في خطاب تنصيبه إنه سيوقّع «سلسلة من الأوامر التنفيذية» التي تركّز على الهجرة والاقتصاد، وأنّه سيعلن «حالة طوارئ وطنية على حدودنا الجنوبية»، لوقف الهجرة وترحيل «المهاجرين المجرمين»،
علماً أنه وبموجب تقليد بدأ منذ عام 1981، يجتمع الرئيس المنتخب، ليلة تنصيبه، مع مساعديه وأعضاء من الكونغرس، للتوقيع على ترشيحات وأوامر تنفيذية.
وبناءً على ما تقدم، رفض ترامب دعوات البعض إلى عدم «توقيع الكثير من الأوامر التنفيذية في اليوم الأول»، فيما أفادت مصادر مطلعة، شبكة «سي إن إن» الأميركية، بأنّ الرئيس يعتزم توقيع نحو «100 من تلك الأوامر في اليوم الأول فقط»، وهي متعلقة بشكل خاص بزيادة إنتاج الطاقة وتشديد أمن الحدود، وغيرها من القضايا.
ووعد ترامب مناصريه بأنّهم «سيتمتعون بمشاهدة التلفاز غداً»، نظراً إلى أنّه سيتم «إلغاء كل أمر تنفيذي راديكالي وأحمق وقّعه بايدن»، في «غضون ساعات من أداء اليمين الدستورية».
وأعلن ترامب، كذلك، أنّه سينسحب من «اتفاقية باريس للمناخ».
قوانين «عفو»
ومهاجماً الإدارة السابقة التي سعت إلى محاكمة منفذي أعمال الشغب في «مبنى الكابيتول»، أكّد ترامب أنّه «لن يتم مرة أخرى استغلال القوة الهائلة التي تمتلكها السلطات لاضطهاد المعارضين السياسيين».
وكان ترامب قد تعهد قبل تنصيبه بإصدار عفو من الأحكام الصادرة على منفذي «هجوم الكابيتول» قبل أربع سنوات، أو تخفيفها.
بدوره، استخدم الرئيس السابق ورقة «الإعفاءات» لإنقاذ عدد من الأشخاص الذين توعّد ترامب بـ«الانتقام منهم»، ولا سيما على خلفية دورهم في الاتهامات التي يواجهها.
ومن أبرز هؤلاء، الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة مارك ميلي، وكبير المستشارين الطبيين السابق للبيت الأبيض أنتوني فاوتشي،
علماً أنّ بايدن كان قد عبّر سابقاً عن تخوّفه من أنّ «الموظفين في الشأن العام يتعرّضون للتهديدات والترهيب بسبب أدائهم لوظيفتهم»، من دون ذكر ترامب مباشرة.
وبعد الفشل الكبير في التعامل مع الحرائق التي اندلعت في لوس أنجلوس في كاليفورنيا، أعلن ترامب أنه سيزور المدينة الجمعة، لإجراء مسح للأضرار، مشيراً إلى أنّه سيعاد بناء المدينة قبل استضافتها للأولمبياد عام 2028.
إلى ذلك، كان لافتاً إعلان ترامب «عودة تطبيق (تيك توك)»، بعد ساعات من حظره، وتفاخره بـ«العدد الكبير من مناصريه الشباب» الذين يستخدمون التطبيق.
كما أعرب ترامب، مجدداً، عن رغبته في الاستيلاء على قناة بنما، وإعادة تسمية «خليج المكسيك» «خليج أميركا».
مراسم الحفل
وبدأ الحفل بأداء ترامب اليمين، في القاعدة المستديرة، في أعقاب اجتماعه مع بايدن لـ«شرب الشاي» وفقاً لما تقتضيه التقاليد - وهو ما رفض القيام به قبل أربع سنوات على خلفية خسارته للانتخابات، فيما رفضت زوجته مقابلة زوجة بايدن قبل حفل التنصيب -.
وبعد تأدية اليمين وإلقاء الخطاب، دخل ترامب «غرفة التوقيع»، حيث وقّع على عدد من الإجراءات كما تعهّد.
من جهته، استقلّ بايدن وزوجته جيل، طائرة هليكوبتر عسكرية من على أراضي مبنى الكابيتول بعد أداء ترامب اليمين الدستورية، متوجّهَين إلى «قاعدة أندروز المشتركة» في كاليفورنيا لحضور حفل وداع مع أعضاء فريق الرئيس السابق، قبل الانضمام إلى سائر أفراد عائلته في الولاية.