Logo

لائحة ترامب للإرهاب... المدنيون اليمنيون ضحايا التصنيف قبل الحوثيين

 بينما تزدحم الملفات الخارجية والصراعات الإقليمية والدولية على طاولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، جاء الدور سريعاً على جماعة الحوثيين في اليمن التي أعاد الرئيس الجمهوري تصنيفها "منظمة إرهابية أجنبية".

 وينتظر أن يؤثر تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية"، عقب دخوله حيز التنفيذ الذي سيتستغرق وقتاً، على الملف الإنساني أولاً في البلد الذي يعاني واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، 

لا سيما أن قرار تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية" يزيد الضغوط على المنظمات والوكالات التي تتعاون مع الجماعة لإيصال المساعدات، فيما يرجح أن تمتد تداعيات التصنيف إلى الوضع الميداني، لا سيما ما يتعلق بمواجهات الجماعة سواء مع الحكومة المعترف بها دولياً أو مع إسرائيل.

ويكرّس ترامب تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية" من جهة، القطيعة مع إدارة سلفه جو بايدن الذي أمر في مطلع ولايته عام 2021 برفع هذا التصنيف عن الجماعة المدعومة من إيران، 

وإن عادت إدارة بايدن، العام الماضي في ظل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ورداً على تصعيد الحوثيين هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن واستهداف عمق فلسطين المحتلة، 

وأدرجت الجماعة في قائمة "الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص"، وهو تصنيف أقل حزماً يسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى اليمن. 

ومن جهة أخرى، فإن الرئيس العائد للمرة الثانية إلى البيت الأبيض يبعث رسالة إلى خصومه وحلفائه على حد سواء، بأنه سيعود إلى سياسته التي انتهجها في ولايته الأولى بين 2017 و2021 في الضغط الأقصى لفرض صفقات ومسار تفاوض. 

فقد فرضت إدارة ترامب الأولى تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية" في الأيام الأخيرة لها في السلطة، برغم مخاوف داخل الكونغرس الأميركي، ولدى حكومات عدة إلى جانب الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية، من أن العقوبات التي ستفرض على الحوثيين بموجبه قد تدفع باليمن إلى مجاعة واسعة النطاق، وتأجج الوضع على الأرض في ظل محادثات كانت تجريها الأمم المتحدة، حينها، بين الجماعة والحكومة المعترف بها دولياً.

سياق الحرب

هذه المرة، تفرض أحداث العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والحرب التي تشنها إسرائيل على عدة جبهات، منها اليمن، نفسها على قرار ترامب، فيما تداعياته سترتبط من جهة بتقويض سلطة جماعة الحوثيين، التي اعتبرها نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن عيدروس الزبيدي، الذي يترأس المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال، 

في حديث لوكالة رويترز الثلاثاء الماضي على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس السويسرية، قد تعززت، وازدادت قوتها العسكرية وتوسع نطاق نفوذها خلال إدارة بايدن. كما سيؤثر من جهة أخرى على سلطة وقوة الجماعة العسكرية في ظل الاحتمال الذي لا يزال قائماً بسماح إدارة ترامب لتل أبيب بشن حرب على الجماعة أو حتى على إيران، وهي حرب يسعى إليها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو منذ أكثر من عام.
 
وبينما أوردت قناة المسيرة التابعة للحوثيين، نقلاً عن "وزارة الخارجية" التابعة للجماعة، مساء أمس، أن "التصنيف الأميركي يستهدف الشعب اليمني برمته وموقفه المشرّف المساند لمظلومية الشعب الفلسطيني ويعكس حجم انحياز الإدارة الأميركية الحالية للكيان الصهيوني الغاصب"، 

قالت وزارة الخارجية في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، في بيان أمس، إن هذا القرار "يعكس تفهماً حقيقياً لطبيعة الخطر الذي تمثله هذه الجماعة المدعومة من إيران على الشعب اليمني والأمن الإقليمي والدولي". 

وشدّدت على أن تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية" ينسجم "مع موقف الحكومة الثابت ودعواتها المتكررة إلى تصنيف مليشيا الحوثي جماعة إرهابية، لما ترتكبه من جرائم مروعة وانتهاكات جسيمة بحق الشعب اليمني وتهديد خطير للأمن والسلام الإقليمي والدولي".

 ووصف رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، هذا القرار بـ"التاريخيّ"، مؤكداً أنه يمثل خطوة طال انتظارها من قبل اليمنيين لمعاقبة الجماعة، بما يسهم في تعزيز فرص السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة.

 علماً أن الحوثيين أشاروا في الأيام القليلة الماضية إلى أنهم قلصوا هجماتهم في البحر الأحمر بعد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، فيما أطلقت الجماعة، أول من أمس، سراح طاقم السفينة التجارية غالاكسي ليدر بعد أكثر من عام من احتجاز السفينة التي ترفع علم جزر الباهاما قبالة الساحل اليمني.
 

تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية"

وأعلن البيت الأبيض، أول من أمس الأربعاء، أن الرئيس الأميركي وقّع أمراً تنفيذياً يعيد تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية". وأضاف في بيان أن "أنشطة الحوثيين تهدد أمن المدنيين والموظفين الأميركيين في الشرق الأوسط وسلامة أقرب شركائنا بالمنطقة واستقرار التجارة البحرية العالمية". 

وأورد الأمر التنفيذي أن الحوثيين "شنوا هجمات كثيرة على بنى تحتية مدنية، بينها هجمات عدة على مطارات مدنية في السعودية"، بالإضافة إلى إطلاقهم "أكثر من 300 مقذوف على إسرائيل منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023". 

وذكرت ورقة حقائق نشرها البيت الأبيض على موقعه الإلكتروني أول من أمس، حول إعادة تصنيف الحوثيين منظمةً إرهابيةً أجنبيةً (FOT)، أن ترامب كان فرض هذا التصنيف أيضاً "في يناير/ كانون الثاني 2021"، وأنه "في غضون شهر واحد من توليها السلطة، ألغت إدارة بايدن هذا التصنيف". واعتبرت أنه "نتيجة لسياسة إدارة بايدن الضعيفة، أطلق الحوثيون النار (الهجمات) على السفن الحربية التابعة للبحرية الأميركية عشرات المرات، وشنوا العديد من الهجمات على البنى التحتية المدنية في الدول الشريكة، وهاجموا السفن التجارية التي تعبر باب المندب أكثر من 100 مرة".

وبحسب الورقة، "يوجه الأمر التنفيذي وزير الخارجية (ماركو روبيو)، بالتشاور مع آخرين، للتوصية بإعادة تصنيف الحوثيين في غضون 30 يوماً"، 

لافتة إلى أنه "في عهد الرئيس ترامب، أصبحت سياسة الولايات المتحدة الآن هي التعاون مع شركائها الإقليميين للقضاء على قدرات الحوثيين وعملياتهم، وحرمانهم من الموارد، 

وبالتالي إنهاء هجماتهم على الأفراد والمدنيين الأميركيين، وشركاء الولايات المتحدة، والشحن البحري في البحر الأحمر". 

علماً أن عملية تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية" الجديدة قد تستغرق أسابيع قبل دخولها حيّز التنفيذ. وحول ما يعنيه هذا الأمر التنفيذي، ذكرت الورقة أنه يوجّه "مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو أس إيد) ووزير الخارجية إلى إجراء مراجعة مشتركة لشركاء الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمقاولين العاملين في اليمن"،

 وبعدها، "سيوجه رئيس الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لإنهاء علاقتها مع الكيانات التي دفعت مبالغ للحوثيين، أو التي عارضت الجهود الدولية لمواجهة الحوثيين، بينما تغض الطرف عن إرهاب الحوثيين وانتهاكاتهم".
 
وكان بايدن بعد توليه منصبه عام 2021 قد ألغى هذا التصنيف الذي وقعّه ترامب قبيل انتهاء ولايته الأولى، وذلك في استجابة لمخاوف منظمات إغاثة من اضطرارها إلى الخروج من اليمن في ظل التصنيف، باعتبار أنها ملزمة بالتعامل مع الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة من البلاد بينها صنعاء. 

لكن بعد أسابيع من اندلاع العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بدأ الحوثيون يشنون هجمات استهدفت السفن التجارية المرتبطة بإسرائيل وبريطانيا وأميركا في البحر الأحمر وخليج عدن دعماً للفلسطينيين،

 كما أعلنوا أن المصالح الأميركية والبريطانية تشكل "أهدافاً مشروعة" لهم، في ظل استهداف البلدان أهدافاً للحوثيين داخل اليمن. 

من جهة أخرى، نقل موقع أكسيوس، أمس، عن مسؤولين سابقين في إدارة بايدن، أن الأخير فكر في الأسابيع الأخيرة له في منصبه في إعادة تصنيف الحوثيين إرهابيين. 

ولفت الموقع إلى أن "يو أس إيد" اعترضت على هذه الخطوة، معتبرة أنها ستضر بجهود المساعدات الإنسانية.
 
ويبقى تفاقم الأوضاع الإنسانية قائماً في اليمن عقب قرار ترامب الأخير، وتصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية". 

فقد قالت منظمة أوكسفام الخيرية البريطانية إن هذه الخطوة من شأنها أن تزيد من معاناة المدنيين اليمنيين، وتعطل الواردات الحيوية من الغذاء والدواء والوقود. 

وقال سكوت بول، مدير شئون السلام والأمن لدى أوكسفام أميركا، في بيان أمس، إن "إدارة ترامب تدرك هذه العواقب لكنها اختارت المضي قدماً في ذلك (التصنيف) رغم أي شيء، وستتحمل المسؤولية عن الجوع والمرض اللذين سيتبعانه". 

من جهته، قال ديفيد شينكر الذي كان مساعداً لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في إدارة ترامب الأولى إن تحرك ترامب خطوة واضحة ومبكرة للرد على ما وصفه بأنها إحدى القوى الرئيسية التي تنشط في الشرق الأوسط نيابة عن إيران. 

وأضاف لوكالة رويترز، أمس، أنه "بينما نستبعد أن يكون لإعادة التصنيف تأثير إيجابي على تصرفات الجماعة، فإن الإجراء يشي بأن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى دفع الإيرانيين للتفاوض من خلال الملاطفة".