Logo

رئيس الصومال في القاهرة «شراكة استراتيجية» ولا رغبة في تهديد أحد

الرأي الثالث - وكالات

 عاد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود أمس إلى القاهرة في زيارة هي الثانية من نوعها خلال أشهر قليلة. 

وعكس استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيس الصومال في القاهرة أهمية العلاقات الاستراتيجية المصرية-الصومالية، وتعزيز مساعي القاهرة لتوسيع نفوذها في منطقة القرن الأفريقي.

وتأتي الزيارة في سياق إقليمي ودولي بالغ التعقيد، إذ تعمل القاهرة على تعزيز أطر التعاون الثنائي وبحث تطورات الأوضاع الإقليمية في منطقة القرن الأفريقي. 

وعكست هذه الزيارة حرص مصر على تعزيز استقرار منطقة القرن الأفريقي التي تُعد جزءاً من أمنها القومي، 

فالصومال، الذي عانى لسنوات من الحروب الأهلية وعدم الاستقرار، أصبح محط أنظار القوى الإقليمية والدولية نظراً إلى موقعه الاستراتيجي المطل على خليج عدن وقربه من ممرات التجارة الدولية. 

وتدرك القاهرة أن استقرار الصومال يمكن أن يسهم في تقليل التهديدات الأمنية في المنطقة، مثل الإرهاب والقرصنة، والتي قد تمتد آثارها إلى البحر الأحمر والسواحل المصرية. 

وبهدف تعميق التعاون بين البلدين، وقّع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود، إعلاناً سياسياً مشتركاً يقضي برفع مستوى العلاقات بين القاهرة ومقديشو إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

جاء توقيع «الشراكة الاستراتيجية» عقب محادثات جرت بين السيسي وشيخ محمود في القاهرة، الخميس، تناولت «الأوضاع الأمنية والسياسية في منطقة القرن الأفريقي، وأمن البحر الأحمر»،

 وأكد السيسي وشيخ محمود في تصريحات عقب المحادثات، أن «التعاون بين البلدين لا يستهدف تهديد أحد».

وهذه ثالث زيارة للرئيس الصومالي إلى القاهرة خلال عام، فيما أشار الرئيس المصري إلى أن لقاءه نظيره الصومالي، هو الرابع منذ يناير (كانون ثاني) 2024، وقال إن «علاقة مصر والصومال تشهد تطوراً كبيراً».

وعززت القاهرة من دعمها لمقديشو عقب أزمة الصومال مع إثيوبيا، خصوصاً بعد مساعي أديس أبابا للحصول على منفذ بحري بالاتفاق مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وهو ما عدَّته مصر «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداءً على السيادة الصومالية».
 
وأكد السيسي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الصومال في القاهرة أمس الخميس، أن أمن واستقرار الصومال جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري. وشدد السيسي على الروابط والعلاقات الوطيدة بين البلدين التي تعود إلى زمن بعيد، 

مشيراً إلى أن "العلاقات بين مصر والصومال تشهد تطوراً كبيراً حيث يعد لقاء اليوم (أمس) الرابع الذي يجمعنا منذ يناير/كانون الثاني 2024، لتلبية المصالح المشتركة".

 وأضاف أنه بحث مع رئيس الصومال في القاهرة مختلف القضايا والتطورات الإقليمية، بما في ذلك الأوضاع الأمنية والسياسية في منطقة القرن الأفريقي، وأمن البحر الأحمر، 

مؤكداً التوافق على ضرورة تكثيف الجهود للحفاظ على السلم والأمن في تلك المنطقة الحيوية، المؤثرة على الأمن العالمي. 

وأضاف السيسي: "اتفقنا على مواصلة العمل المشترك تفعيلاً لبروتوكول التعاون العسكري، الموقع بين البلدين بالقاهرة، في أغسطس/آب 2024 بهدف تدعيم قدرات الدولة الصومالية ومؤسساتها الوطنية، لحفظ الأمن والاستقرار، ومكافحة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة".

وأشار إلى أنه ناقش مع رئيس الصومال في القاهرة مسألة مشاركة القوات المصرية في بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة في الصومال، معتبراً أن "مشاركتنا في هذه البعثة تهدف إلى تحقيق الأمن والاستقرار في الصومال، ولا تهدف إلى تهديد أي دولة". 

وأوضح السيسي أنه وقع مع رئيس الصومال في القاهرة أمس الخميس إعلاناً سياسياً مشتركاً، لترفيع العلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، بما يشمله ذلك من محاور سياسية وعسكرية وثقافية واقتصادية، 

لافتاً إلى أن "الإعلان يقضي بإجراء مشاورات سياسية سنوية على مستوى القمة، لمتابعة مجمل تطورات العلاقات بين بلدينا، واستشراف إجراءات تعزيز التعاون في مختلف المجالات".

وأعلن السيسي أنه شهد مع رئيس الصومال في القاهرة مراسم توقيع اتفاق تبادل الإعفاء من تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية من البلدين، بما يعزز من آليات المشاورات والتنسيق السياسي، بين البلدين. 

ووفق بيان المتحدث باسم الرئاسة المصرية محمد الشناوي فقد تم خلال اللقاء بين السيسي ورئيس الصومال في القاهرة التوقيع على الإعلان السياسي المشترك لترفيع العلاقات بين مصر والصومال إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، إلى جانب عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين.
 
صراعات متشابكة في القرن الأفريقي

وتشهد منطقة القرن الأفريقي صراعات متشابكة وتنافساً حاداً بين القوى الإقليمية والدولية، فإثيوبيا تعمل على تعزيز نفوذها في المنطقة من خلال مشروعات البنية التحتية الكبرى، مثل سد النهضة، بينما تحاول دول مثل تركيا والإمارات تعزيز وجودها العسكري والاقتصادي في المنطقة. 

وأقامت تركيا، على سبيل المثال، قاعدة عسكرية في مقديشو، وتعمل على تدريب القوات الصومالية، بينما تسعى الإمارات إلى توسيع نفوذها عبر استثمارات في الموانئ والبنية التحتية. 

ووسط هذه التداخلات، وبحسب المصادر، تأتي التحركات المصرية لتعزيز شراكتها مع الصومال في جزء من استراتيجية أوسع للحفاظ على مصالحها العليا، فالقاهرة تدرك أن التعاون مع الصومال يمكن أن يوفر لها حليفاً استراتيجياً في مواجهة النفوذ الإثيوبي، فضلاً عن أنه يعزّز دورها لاعباً رئيسياً في تحقيق الاستقرار الإقليمي.

وتساهم الجغرافيا السياسية للصومال في جعله "محورياً" في معادلات النفوذ الإقليمي والدولي، فالصومال يطل على واحد من أهم الممرّات البحرية في العالم، حيث يمر عبر خليج عدن جزء كبير من تجارة النفط العالمية والبضائع. 

ولذلك، يمكن أن تؤثر أي اضطرابات في هذه المنطقة بشكل مباشر على حركة التجارة الدولية، بما في ذلك مصر التي تعتمد على قناة السويس مصدراً رئيسياً للدخل القومي. 

ومن هنا، تسعى مصر إلى تعزيز علاقاتها مع الصومال لضمان استقرار المنطقة وحماية مصالحها الاقتصادية. 

كما أن هذا التعاون يتيح للقاهرة مواجهة التدخلات الخارجية التي قد تهدد مصالحها، خاصة مع وجود قوى كبرى مثل الولايات المتحدة والصين التي تسعى بدورها لتعزيز وجودها في القرن الأفريقي. 

وشهد السيسي وشيخ محمود، في القاهرة، التوقيع على مذكرتَي تفاهم بين وزارتَي خارجية مصر والصومال، في مجال التدريب الدبلوماسي، والإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية، بما يعزز من آليات المشاورات والتنسيق بين البلدين، حسب «الرئاسة المصرية».

واستضافت القاهرة، الأربعاء، «المنتدى الأول لرجال الأعمال المصريين والصوماليين» الذي ناقش «تعزيز التعاون في مجالات الاستثمار والتجارة» عبر تدشين منطقة لوجيستية لتبادل السلع في مقديشو، حسب «اتحاد الغرف التجارية» المصرية.

 
المحادثات المصرية - الصومالية ناقشت «الأوضاع الأمنية والسياسية في منطقة القرن الأفريقي، وأمن البحر الأحمر»، وأشار السيسي إلى «اتفاقه مع نظيره الصومالي على ضرورة تكثيف جهود حفظ السلم والأمن في تلك المنطقة»، إلى جانب تأكيد «أهمية قمة (أسمرة) بين مصر والصومال وإريتريا، وضرورة عقد جولة ثانية لها، لتعزيز الشراكة والتنسيق في الموضوعات الإقليمية».

واستضافت العاصمة الإريترية أسمرة، قمة ثلاثية لقادة مصر والصومال وإريتريا، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وناقشت «سبل تعزيز العلاقات بين الدول الثلاث في مختلف المجالات، وجهود ترسيخ الاستقرار والأمن في القرن الأفريقي والبحر الأحمر»، حسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية» حينها.

على الصعيد الثنائي، ناقش الرئيسان المصري والصومالي، الخميس، «التعاون في مجالات الاقتصاد والصحة والقضاء»، وأشار شيخ محمود إلى أن «انطلاق رحلات الطيران المباشر بين القاهرة ومقديشو يمثل بداية التحرك لتعزيز الشراكة والروابط بين البلدين في مختلف المجالات».

ودشنت الحكومة المصرية في يوليو (تموز) الماضي، خط الطيران المباشر بين القاهرة ومقديشو، بهدف تعزيز العلاقات المصرية مع دول القرن الأفريقي.