نتنياهو يخلف وعوده.. تأجيل سراح الأسرى يعكر الأجواء ويهدد الهدنة
الرأي الثالث - وكالات
كما كان متوقعاً، تراجع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن الإيفاء بتعهداته حول وقف إطلاق النار وصفقة التبادل، من خلال تأجيله تسليم الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين، والتي كانت جزءاً أساسياً من الاتفاق بين حركة "حماس" ودولة الاحتلال.
رغم التزام حركة "حماس" ببنود الاتفاق وتسليمها يوم الخميس 20 فبراير، جثث أسرى إسرائيليين، والسبت 6 أسرى أحياء، لم تفرج "إسرائيل" عن دفعة الأسرى الفلسطينيين حسب بنود الاتفاق، وقررت تأجيل الإفراج إلى إشعار آخر، وهي خطوة تأتي في إطار سياسة المماطلة، ولإبقاء ملف الأسرى كأداة ضغط في يدها.
تأجيل تسليم الأسرى الفلسطينيين قد تكون له تداعيات كبيرة على اتفاق وقف إطلاق النار بين "حماس" و"إسرائيل"، الذي دخل حيز التنفيذ 19 يناير الماضي، ويعمق الشكوك حول التزام تل أبيب بالاتفاق بشكل عام والانتقال للمرحلة الثانية منه.
وعاد آلاف الفلسطينيين وذوو المعتقلين، الذين احتشدوا أمام قصر رام الله الثقافي وساحة متحف محمود درويش بمدينة رام الله، وأمام مستشفى غزة الأوروبي بخان يونس جنوبي قطاع غزة لاستقبال المعتقلين، دون احتضان أبنائهم بسبب القرار الإسرائيلي.
خداع ومماطلة
مكتب نتنياهو أعلن أن إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، سيتأجل "حتى تنهي حماس المراسم المهينة" التي تقيمها في أثناء تسليم الرهائن الإسرائيليين.
وقال مكتب نتنياهو في بيان، إنه "في ضوء الانتهاكات المتكررة لحماس، خصوصاً المراسم المهينة التي تحط من كرامة رهائننا، والاستخدام الساخر للرهائن لأغراض دعائية، تقرر تأجيل إطلاق سراح الإرهابيين السجناء الفلسطينيين الذي كان مخططاً له أمس السبت، حتى يتم ضمان إطلاق سراح الرهائن التالين، من دون مراسم مهينة".
كما قال مسؤول إسرائيلي رفيع، إن "رئيس الحكومة عقد مشاورات، هدفها بحث كيفية الحفاظ على زخم عودة المختطفين، ومن المقترحات المطروحة في المحادثات مع الولايات المتحدة تمديد وقف إطلاق النار لأيام إضافية بهدف إطلاق سراح مزيد من المختطفين".
وشكك مسؤول مطلع على المفاوضات في إمكانية تمديد اتفاق وقف إطلاق النار دون إحراز تقدم في المحادثات ومن دون إعطاء أفق لـ"حماس"؛ وفقاً لـ"كان 11" العبرية.
وبحسب القناة 13 الإسرائيلية، فإن تل أبيب تريد تبكير الإفراج عن جثث الأسرى المقرر قبل يوم الخميس، وذلك تحت ادعاء خرق "حماس" الاتفاق وتأخرها في إعادة جثة الأسيرة شيري بيباس.
ووصفت القناة الـ12 الإسرائيلية بأن ما قام به نتنياهو بكل بساطة هو "عملية خداع للوسطاء وحركة حماس، وتوجيه طعنة للجهود الأمريكية، لحسابات سياسية داخلية؛ خوفاً من إسقاط حكومته".
وتضم الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين، 402 أسير منهم 50 معتقلاً من المحكومين بالمؤبد، و60 من الأحكام العالية، و47 من الأسرى المعاد اعتقالهم في صفقة "شاليط"، و445 من أسرى قطاع غزة، اعتقلتهم قوات الاحتلال خلال عدوانها على القطاع بعد السابع من أكتوبر 2023.
خرق كبير
حركة "حماس" بدورها، أصدرت بياناً شديد اللهجة، حذرت فيه "إسرائيل" من أن "أي تأخير في تسليم الأسرى يعد خرقاً واضحاً للاتفاق وقد يؤدي إلى تصعيد ميداني".
وأضافت الحركة أن "إسرائيل" تستغل تأجيل الإفراج عن الأسرى للتنصل من التزاماتها، وأنها ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه السياسة.
على الصعيد الفلسطيني، سادت حالة من الاستنكار والغضب على قرار دولة الاحتلال، حيث اعتبره عديد من المسؤولين الفلسطينيين انتهاكاً للاتفاقات السابقة ولحقوق الأسرى.
وصرح رئيس اللجنة العليا لشؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، حسين الشيخ، بأن "إسرائيل" تسعى إلى استغلال الأسرى كورقة ضغط سياسية، وأن هذا التأجيل يزيد من معاناة الأسرى وعائلاتهم.
المختص في الشأن الإسرائيلي، أحمد موسى، يرى أن نتنياهو يضع العراقيل والعقبات باستمرار أمام مراحل اتفاق وقف إطلاق النار؛ من أجل تحقيق بعض المكاسب السياسية وإرضاء اليمين الإسرائيلي المتطرف في حكومته، "ولكن بالنهاية هو مجبر على إتمام الاتفاق".
يريد نتنياهو، حسب حديث موسى ، تسجيل نفسه بأنه من يتحكم في الاتفاق وصفقة التبادل من خلال تأجيل إطلاق سراح الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين، ومنع إدخال المعدات الثقيلة والبيوت المتنقلة إلى قطاع غزة، لذلك يضع العراقيل ويماطل في تنفيذ بنود الاتفاق كاملة.
ويضيف موسى: "المماطلة الأخيرة من قبل نتنياهو والتي تمثلت في تأجيل إطلاق الدفعة السابعة من الأسرى لن تتسبب في نسف اتفاق وقف إطلاق النار والعودة للحرب؛ بسبب قوة الوسطاء وتدخلهم على مدار الساعة، وتشكيلهم ضغطاً على حكومة الاحتلال من أجل إتمام الاتفاق".
ويعد تعطيل نتنياهو الاتفاق، وفق موسى، "خرقاً كبيراً للاتفاق، هدفه أيضاً الضغط على حركة حماس، التي نجحت في إدارة المعركة الإعلامية من خلال تسليمها الأسرى الإسرائيليين، وإيصال الرسائل السياسية والعسكرية من خلال عمليات التسليم".