قتلى من الأمن العام في ريف اللاذقية وتظاهرات دعماً للإدارة الجديدة
الرأي الثالث - وكالات
سقط عدد من القتلى من عناصر الأمن العام التابع لوزارة الدفاع السورية، والعشرات من المسلحين، الذين ينتمون لفلول النظام السابق داخل مدينة جبلة جنوبي اللاذقية، والذين شنوا عدداً من الهجمات.
يأتي ذلك فيما شهدت عدة مدن سورية، مساء، مظاهرات داعمة للدولة السورية ومنددة بهجمات فلول نظام الأسد.
وذكر مصدر محلي لـ"العربي الجديد" أن ستة من عناصر الأمن الداخلي قتلوا في هجوم مسلح على الكورنيش البحري لمدينة جبلة، كما قتل أربعة آخرون في هجوم عند مدخل مدينة جبلة الشمالي، فيما قتل عنصر أمن آخر في هجوم على طريق اللاذقية - جبلة.
وسبق هذه الهجمات مقتل أربعة عناصر في ريف مدينة جبلة خلال حملة أمنية.
وقال مدير أمن اللاذقية المقدم مصطفى كنيفاتي، في تصريح صحافي نقلته وكالة "سانا" الرسمية، إن "هجوماً مدروساً ومعداً مسبقاً من فلول مليشيات الأسد استهدف نقاطنا وحواجزنا والعديد من دورياتنا في منطقة جبلة وريفها"،
مضيفاً أن الهجوم أسفر عن سقوط العديد من القتلى والمصابين في صفوف قواتنا. وأكد كنيفاتي أن المباني الحكومية والممتلكات العامة والخاصة لم تسلم من الهجوم، فيما أعلن مدير أمن اللاذقية حالة استنفار لقوات الأمن العام في المحافظة بشكل كامل، وقال إن قواته تمكنت من امتصاص هجوم فلول النظام في ريف جبلة، مضيفاً أن الاشتباكات لا تزال مستمرة معهم داخل المدينة.
وسمعت أصوات اشتباكات عنيفة داخل أحياء مدينة جبلة، وسط انتشار مسلحين في محيط قاعدة حميميم العسكرية والمشفى الوطني داخل مدينة جبلة، فيما أقيم مشفى ميداني لمعالجة جرحى قوات الأمن الداخلي داخل مسجد بمدينة جبلة بعد تعذر الوصول إلى المشفى الوطني بالمدينة إثر انتشار مسلحي فلول النظام في محيطه.
وفي مدينة اللاذقية، استهدف مسلحون فرع الأمن الجنائي في اللاذقية، فيما أكدت مصادر من الأمن الداخلي لـ"العربي الجديد" وجود أسرى من عناصر الأمن بأيدي مسلحين من فلول النظام.
وتزامنت هذه الاشتباكات التي تعد الأوسع نطاقاً منذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي مع وصول أرتال ضخمة تابعة لوزارة الدفاع السورية إلى محافظة اللاذقية لفرض الأمن وإعادة الاستقرار إلى المحافظة.
من جانب آخر، نقلت وكالة "سانا" عن مصدر في إدارة الأمن الداخلي في مدينة جبلة تأكيده اعتقال اللواء إبراهيم حويجة، رئيس المخابرات العامة السابق في سورية في عهد نظام الأسد والمتهم بمئات الاغتيالات بعهد حافظ الأسد، منها الإشراف على اغتيال كمال بيك جنبلاط.
وفي محافظة طرطوس غربي سورية الواقعة جنوبي اللاذقية، أعلنت إدارة الأمن الداخلي في مدينة طرطوس فرض حظر تجول عام اعتباراً من الساعة 10:00 مساء اليوم وحتى الساعة 10:00 صباحاً من يوم غد الجمعة.
كما فرضت إدارة الأمن العام في مدينة حمص حظراً مماثلاً للتجول حتى صباح الغد.
في سياق متصل، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات صوتية للمدعو مقداد فتيحة، قائد ما يسمى مليشيا "درع الساحل"، يعلن فيه النفير العام والسيطرة على محيط مطار حميميم لإخراج الأمن العام من الساحل السوري وفق زعمه.
وتسود حالة من التوتر الشديد مناطق ريف اللاذقية في ظل تدهور الأوضاع بشكل متسارع، وحديث عن انتشار مسلحين من فلول النظام السابق في عدة مناطق.
وفي وقت سابق، نقلت وكالة الأنباء السورية "سانا" عن مصدر أمني حكومي قوله إن "مجموعات من فلول المسلحين نفذت هجومًا على عناصر وآليات تابعة لوزارة الدفاع في منطقة بيت عانا بريف اللاذقية، ما أدى إلى مقتل عنصرين وإصابة آخرين"،
مشيرًا إلى أن سيارات الإسعاف التي توجهت إلى المنطقة بهدف نقل المصابين تعرضت أيضًا للاستهداف من قبل المسلحين.
وتحصنت فلول النظام بعد الهجوم داخل البلدة، حيث واصلوا استهداف القوات الحكومية بعد وصول تعزيزات عسكرية.
وأكد المصدر أن "الجهات المختصة ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لمحاسبة منفذي الهجوم والضرب بيد من حديد على كل من يهدد أمن سورية".
وفي السياق، أكدت مصادر ميدانية أن قوات الأمن السورية بدأت باستخدام الطيران المروحي في عمليات تمشيط المنطقة لملاحقة المسلحين في بلدة بيت عانا،
بالتزامن مع اشتباكات في محيط مدينة جبلة، حيث أسفرت المواجهات مع فلول نظام الأسد عن مقتل عنصر في الأمن العام.
وأشارت المصادر إلى أن مجموعات مسلحة تابعة لفلول النظام، تطلق على نفسها "درع الساحل" ويقودها المدعو مقداد فتيحة، هي المسؤولة عن زعزعة الأمن في المنطقة واستهداف عناصر الأمن العام وعناصر وزارة الدفاع.
وذكرت أن العملية بدأت بعد تنسيق بين الأمن العام ورئيس بلدية بيت عانا للقبض على أحد المطلوبين في البلدة، إلا أن الهجوم على الدورية أدى إلى اندلاع مواجهات في المنطقة.
ووفق مصادر، فقد فرضت قوات الأمن العام بريف اللاذقية طوقًا أمنيًا على فلول النظام في البلدة.
وذكرت مصادر محلية أن مروحية تتبع لوزارة الدفاع السورية شاركت في عملية عسكرية تستهدف قرى في ريف جبلة، فيما تشهد قاعدة "حميميم" الروسية إقلاعات متتالية لطائرات حربية تزامناً مع العملية العسكرية لوزارتي الدفاع والداخلية في قرى بين عانا والدالية بريف اللاذقية، والتي تستخدم فيها راجمات صاروخية وطائرات مروحية.
ووفق المصادر، فقد قتل خلال الاشتباكات وئام خضور، متزعم مجموعة "درع الساحل"، وهو أحد أبرز مساعدي المطلوب لدى الأمن مقداد فتيحة، وذلك خلال اشتباكات مع عناصر الأمن الداخلي في حي الدعتور بمدينة اللاذقية.
من جهة أخرى، ذكرت إدارة الأمن العام في اللاذقية أنه جرى اتخاذ "الإجراءات اللازمة بحق عنصر استخدم ألفاظاً مسيئة لأهل منطقة الدعتور".
تظاهرات داعمة للدولة السورية بعد الهجمات
في غضون ذلك، شهدت عدة مدن سورية، مساء اليوم، تظاهرات داعمة للدولة السورية ومنددة بهجمات فلول نظام الأسد.
ودعا ناشطون إلى هذه التظاهرات في كل من مدن إدلب، أعزاز، عفرين، والباب شمال غربي سورية، إضافة إلى مدينة حمص وسط البلاد، ومدينة نوى في الجنوب السوري.
كما شهدت مدينة حمص تظاهرة داعمة للدولة السورية، حيث طالب المشاركون ببسط سيطرة الدولة على كامل الأراضي السورية، مرددين هتافات مثل: "بالروح بالدم نفديكِ يا سورية"، "سورية لنا وليست لبيت الأسد"، و"عاشت سورية ويسقط فلول النظام".
كما هتف المتظاهرون دعماً للأمن العام ورفضاً لعمليات الاستهداف التي ينفذها عناصر من فلول نظام الأسد، مطالبين بملاحقتهم ومحاسبتهم.
من جانبه، أكد الإعلامي محمد الضاهر أن مدينة إدلب شهدت طوفاناً شعبياً مساء اليوم، في إطار دعم الدولة السورية ورفض حركات التمرد واستهداف عناصر الأمن العام والاعتداء على مؤسسات الدولة،
كما حدث في الساحل السوري اليوم. وأضاف الضاهر: "الهدف من هذه التظاهرات أيضاً هو تأكيد دعم الأمن العام السوري في ملاحقة فلول النظام والمحاسبة على استهداف عناصر الأمن العام في ريف اللاذقية اليوم".
مدينة إدلب شهدت طوفاناً شعبياً مساء اليوم في إطار دعم الدولة السورية
بدوره، قال الإعلامي مهند البكور، المنحدر من محافظة حمص، إن ما يجري في الساحل هو تحرك مدروس، تبعاً لما شاهدناه من هجمات متسلسلة نفذتها مجموعات مسلحة خارجة عن القانون، كانت سابقاً ضمن صفوف جيش نظام الأسد المخلوع، ورفضت الرضوخ لسلطة الدولة.
وأضاف أن هذه المجموعات تهدف إلى ضرب الاستقرار والسلم الأهلي، بتوجيهات من قوى محلية وإقليمية.
وأشار البكور إلى أن هذا التحرك جاء بعد تصريحات لسياسيين إيرانيين خلال الأيام الماضية تحدثوا فيها عن "حرب أهلية قادمة إلى سورية"،
كما خرج ما يسمى بـ"مجلس الطائفة العلوية" مطالباً بالنزول إلى الساحات، وهو ما ترافق مع هجمات على نقاط أمنية وحواجز ومراكز حكومية في جبلة ومناطق متفرقة من الساحل السوري.
وأضاف البكور: "حالياً، بدأت القوات السورية وقوى الأمن السوري بالرد على مصادر النيران والتعامل مع تلك الفلول، التي سعت خلال الساعات الأخيرة من عصر اليوم إلى زعزعة الاستقرار.
هذا التحرك رافقته دعوات للتظاهر في الساحات بعموم المحافظات السورية دعماً لسيادة الدولة وسلطة القانون، فالسوريون اليوم لا يريدون خسارة دولتهم مرة أخرى أو بداية حقبة جديدة من الفلتان الأمني وسلطة الخوف، بعد اقتلاع نظام الإجرام الذي جثم على صدور السوريين لسنوات".
وأكدت هذه التظاهرات دعم الدولة وحق السوريين في الحفاظ على سورية واحدة موحدة، وفق البكور، وهو ما يعدّ من الركائز الأساسية، ومن أبرز مطالب السوريين خلال أكثر من عقد من الثورة على نظام بشار الأسد.
كما أن بقاء قوات سورية الديمقراطية يفتح الباب أمام القوى المتربصة والدول الساعية إلى إضعاف سورية عبر ترسيخ التقسيم وفرض السلطة اللامركزية، وهو ما يرفضه السوريون. وجاءت التظاهرات مساء اليوم بعد سقوط أكثر من 15 قتيلاً من قوى الأمن العام في مناطق بالساحل السوري، بعمليات استهداف منسقة حملت طابع التمرد المدروس لفلول نظام الأسد، استهدفوا فيها حواجز ونقاطاً للأمن العام في محافظتي طرطوس واللاذقية.