دلالات وأبعاد تهديد الحوثيين باستئناف هجماتهم ضد "إسرائيل"
الرأي الثالث
مجدداً أعلنت جماعة الحوثي أنها ستستأنف عملياتها البحرية ضد "إسرائيل" في غضون 4 أيام، في حال لم تسمح دولة الاحتلال بدخول المساعدات إلى قطاع غزة.
إعلان جاء على لسان زعيم الجماعة، يوم الجمعة الماضي (7 مارس)، وبعد أيام من دخول تصنيف الولايات المتحدة للجماعة في قائمة المنظمات الإرهابية حيز التنفيذ.
هذا التطور يرتبط بالتطورات الحاصلة في غزة، واستمرار عرقلة "إسرائيل" الدخول في المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، ومنعها دخول المساعدات إلى القطاع، لكنه يرتبط أيضاً بوضع الجماعة التي أصبحت الآن تحت طائلة أقسى العقوبات الأمريكية.
تهديد حوثي
زعيم جماعة الحوثي، قال في خطاب له، يوم الجمعة، إن جماعته لن تتفرج على ما يحصل من تصعيد ومنع دخول للمساعدات إلى القطاع، والعودة إلى التجويع من جديد.
وأضاف: "سنعطي مهلة 4 أيام للوسطاء فيما يقومون به"، ولم يحدث منذ الجمعة أي تقدم في المفاوضات من شأنه أن يقود لبدء المرحلة الثانية من الاتفاق، وبما يضمن دخول المساعدات إلى القطاع.
وتابع الحوثي: "سنعود لاستئناف عملياتنا البحرية ضد العدو إذا استمر بعد المهلة في منع دخول المساعدات إلى غزة والإغلاق التام للمعابر".
ومن شأن عودة الهجمات أن تنهي حالة الهدوء التي شهدها البحر الأحمر وخليج عدن، وتمهد لمرحلة جديدة من التصعيد في أحد أهم خطوط الملاحة الدولية.
وقوبل إعلان الحوثيين بترحيب من قبل حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، التي رحبت بالمهلة التي أعلنتها جماعة الحوثي لإدخال المساعدات إلى غزة، مشيرةً إلى أن هذا الإعلان هو امتداد لموقف الجماعة الداعم منذ بداية الحرب.
انتقاد يمني
وفي أول رد فعل رسمي، قال وزير الإعلام معمر الارياني إن تهديد الحوثيين باستئناف الهجمات، تزامن مع تصعيد عسكري واسع في المنطقة، لافتاً إلى هذه التهديدات تكشف بوضوح أن إيران ماضية في مخططها لزعزعة الأمن الإقليمي والدولي عبر أذرعها المسلحة، مستغلة الوضع في قطاع غزة.
وأوضح الوزير الارياني في تدوينة على منصة "إكس": إن "هذه التطورات ليست صدفة، بل هي إحدى مخرجات اللقاءات السرية التي عُقدت مؤخراً في بيروت، وجمعت قيادات من الحرس الثوري الإيراني مع ممثلي أذرعه في المنطقة، بما في ذلك مليشيا الحوثي، وحزب الله اللبناني، ومليشيا الحشد الشعبي العراقي، لوضع خطط واضحة لتصعيد التوتر الإقليمي".
ولفت إلى أن إيران تحاول فرض معادلة جديدة في المنطقة، من خلال استخدام الحوثيين كأداة لتهديد الملاحة الدولية، وإرباك الأسواق العالمية، مشيراً إلى أن "هذا السلوك الممنهج لا يهدد فقط دول المنطقة، بل الاستقرار العالمي ككل".
الرد المتوقع
إعلان الحوثيين جاء بعد أيام قليلة من دخول تصنيف الجماعة في قائمة المنظمات الإرهابية، وإدراج العديد من قياداتها في قائمة العقوبات، من ضمنهم رئيس وفد الجماعة التفاوضي محمد عبد السلام، وعضو الوفد عبد الملك العجري.
ويرى سياسيون وصحفيون يمنيون أنه في حال نفذ الحوثيون هجمات بحرية فإن الولايات المتحدة سترد بطريقة أشد ردعاً على هجمات الحوثيين.
وتشير التوقعات إلى أن الدور الأمريكي سيشمل عقوبات أكثر صرامة ضد الجماعة خصوصاً ما يتعلق بالجانب المالي، في حين من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تصعيد عسكري جوي وبحري ضد الجماعة.
رسمياً تعهدت الولايات المتحدة باتخاذ خطوات إضافية ضد جماعة الحوثي في حال استأنفت هجماتها البحرية، أو جددت استهداف "إسرائيل".
وقالت القائمة بأعمال المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، دوروثي شيا، خلال جلسة مجلس الأمن حول اليمن الخميس 6 مارس: "إذا استأنف الحوثيون هجماتهم المتهورة في البحر الأحمر أو في الممرات المائية المجاورة، أو استهدفوا إسرائيل، فإننا سنقوم باتخاذ إجراءات إضافية ضدهم".
المندوبة الأمريكية قالت إن واشنطن تنوي اتخاذ مزيد من الإجراءات ضد إيران لإيقاف دعمها المستمر للحوثيين، وذلك في إطار سياسة "أقصى ضغط" التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب.
وسبق أن تعرضت الجماعة لهجمات أمريكية، وأخرى إسرائيلية، منذ يناير من العام 2024، استهدفت منشئات حيوية ومواقع تابعة للجماعة، وسط توقعات بأن تنخرط "إسرائيل" أيضاً في الصراع ضد الجماعة في حال استأنفت هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.
إلا أن الخبير العسكري اليمني علي الذهب لا يرى أي ارتباط بين تهديد الحوثيين باستئناف العمليات البحرية ضد "إسرائيل"، وبين الموقف الأمريكي من الجماعة.
وقال الذهب : "العنف المتوقع من الولايات المتحدة بشكل منفرد أو مع الحكومة اليمنية ضد الحوثيين، حتى اللحظة يبدو أنه مؤجل، وهذا التأجيل قد يطول، إلى ما بعد زيارة ترامب إلى السعودية، ومفاوضات البرنامج النووي مع إيران".
تنسيق مع "حماس"
وأضاف الذهب أن إعلان الحوثيين يأتي بتنسيق مباشر بين الجماعة و"حماس"، كورقة ضغط في المفاوضات التي تحتضنها الدوحة بين الحركة و"إسرائيل".
واستطرد الذهب قائلاً: "هذا التنسيق من شأنه أن يمنح المفاوضين في حماس موقفاً قوياً، وبالتالي إذا أخفقت هذه المفاوضات فإن الحوثيين سيستأنفون به بعد انتهاء المهلة، خصوصاً أن الإسرائيليين متشددون بشأن إخراج حماس من غزة، ونزع سلاح المقاومة، وفي المقابل، حماس ترفض ذلك".
وأشار إلى أن هذا التهديد يشكل أيضاً فرصة لـ"حماس"، أثناء تفاوضها مع الولايات المتحدة الأمريكية في قطر، مضيفاً: "المسألة مرتبطة بموضوع التفاوض بين حماس والإسرائيليين والأمريكيين، والحوثيون يمثلون بتهديدهم ورقة ضغط لصالح حماس وإيران".
ولفت إلى أن الجماعة الحوثية "تحاول أن تستغل الظروف الإقليمية وحتى الداخلية، لتحقيق التعبئة الداخلية، وتصوير أنها تخوض معركة ضد غازٍ أجنبي، تقوده الولايات المتحدة الأمريكية".
وتحدث عن أنه بعد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، وإضافة 8 من قياداتهم في قائمة العقوبات، شهدت مناطق التماس في مأرب وشبوة وتعز والحديدة تصعيداً بين الجماعة والقوات الحكومية، وهذا كله يساهم في خلق حالة حرب تخدم الجماعة.
واختتم حديثه بالقول: "استفاد الحوثي من مسألة إسناد غزة، على المستوى الوطني، وعلى المستوى القومي، استثمروا نشاطهم في البحر الأحمر، لتعزيز موقفهم الدولي والإقليمي، وإظهار أنفسهم بوصفهم أبطال قوميين، في الوقت الذي تبدي فيه الحكومات العربية الرسمية تخاذلاً تجاه القضية الفلسطينية".