Logo

استهداف المدنيين.. استراتيجية إسرائيلية لنسف وقف إطلاق النار

الرأي الثالث - وكالات

يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي خروقاته ضد سكان قطاع غزة رغم محاولات الوسطاء الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة قطرية، ومصرية، وأمريكية، مما يهدد بإمكانية انهياره في أي وقت.

وتحاول "إسرائيل" تخريب جهود الوسطاء الهادفة إلى الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، من خلال خروقاتها المتكررة، وكان آخرها وأكثرها وحشية استهداف سيارة مدنية في مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، السبت 15 مارس الجاري.

أدى الاستهداف الإسرائيلي إلى استشهاد تسعة من العاملين في مؤسسة خيرية ببيت لاهيا شمالي قطاع غزة، بينهم صحفيون.

وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، أن 9 شهداء وعدداً من الإصابات، بعضها في حالة خطرة، وصلوا إلى المستشفى الإندونيسي، نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع.

وإلى جانب الشهداء التسعة، استهدفت طائرات الاحتلال خيمة تؤوي نازحين في مدينة رفح جنوب قطاع غزة؛ ما أدى إصابة 8 مدنيين.

واستشهد أيضاً الطفل يامن الحملاوي بعد إطلاق النار من قِبل طائرات الاحتلال المسيّرة باتجاه خيام النازحين مقابل أبراج الندى في شمال غزة.

وضمن الخروقات، قصفت طائرات الاحتلال مجموعة من المدنيين وسط غزة.
 
ومنذ اليوم الأول لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، تنوعت الخروقات الإسرائيلية بين الغارات الجوية على مناطق متفرقة من القطاع تحت ذرائع أمنية، مما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين، إضافة إلى إطلاق النار على الصيادين والمزارعين.

كما استمر الاحتلال في تنفيذ عمليات توغل بري داخل أراضي قطاع غزة، خاصة في مدينة رفح والمناطق الحدودية، مما يشكل انتهاكاً صارخاً للهدنة، إضافة إلى استهداف المنازل والمنشآت المدنية.

ويُنتظر أن تتخذ حكومة الاحتلال أيضاً، قراراً بشن عمليات عسكرية محدودة في غزة؛ للضغط على "حماس"، وفقاً لتأكيدات الإعلام العبري، وهو ما يعكس وجود قرار سياسي بتخريب اتفاق وقف إطلاق النار.

حركة "حماس" أكدت أن التصعيد الإسرائيلي، وما يرافقه من قتلٍ متعمد وقصفٍ همجي في مختلف مناطق القطاع، يعكس نية الاحتلال الانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، وتعمده تخريب أي فرصة لاستكمال تنفيذ الاتفاق وتبادل الأسرى، في تحدٍّ سافر للوسطاء والمجتمع الدولي.

وأوضحت "حماس" في بيان لها، صدر في 15 مارس الجاري، أنَّ تصاعد جرائم الاحتلال، التي أودت بحياة أكثر من 150 شهيداً منذ بدء سريان وقف إطلاق النار في يناير الماضي، يضع الوسطاء الضامنين، والأمم المتحدة، وكافة الأطراف المعنية أمام مسؤولياتهم السياسية والقانونية لوقف هذه الجرائم البشعة، ومنع الاحتلال من مواصلة عدوانه بحق الشعب الفلسطيني، ومحاسبة مرتكبيها.
 
محاولات تخريب

الكاتب والمحلل السياسي محمود حلمي أكد أن "إسرائيل" تسعى من خلال هذه الخروقات إلى خلق بيئة غير مستقرة في القطاع، وإبقاء الأوضاع متوترة؛ لمنع استقرار طويل الأمد، وإحباط الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

وأضاف حلمي،  أن الاحتلال يريد أيضاً اختبار ردود فعل المقاومة، ومراقبة كيفية استجابة الفصائل الفلسطينية للخروقات، واستخدامها كمبرر لتصعيد أكبر.

وتهدف "إسرائيل" كذلك، وفق حلمي، إلى تقويض الجهود الدبلوماسية، وإفشال الوساطات الدولية والإقليمية التي تسعى إلى تثبيت التهدئة وإنهاء الحرب على قطاع غزة بشكل كامل.

وأشار إلى أن نتنياهو يعزز أيضاً، من خلال هذه الخروقات، موقف حكومته باستخدام التصعيد في غزة كأداة سياسية لتعزيز شعبيته بين المتطرفين.

وأكد أن الخروقات الإسرائيلية تتطلب تحركاً دولياً أكثر فاعلية لحماية المدنيين في قطاع غزة، ومنع انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، وتجنب العودة إلى الحرب، فضلاً عن ضرورة تسجيل هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.

وتوقع الكاتب والمحلل السياسي أن يشهد قطاع غزة جولة محدودة من التصعيد المتبادل بين "إسرائيل" والمقاومة إذا ما ضاعف الاحتلال انتهاكاته بحق المدنيين، أو ارتكب مجازر جديدة، أو نفذ عمليات اغتيال بحق قادة من فصائل المقاومة الفلسطينية.
 
نية مبيتة  

المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة أكد أن التصعيد الإسرائيلي يعكس نية مبيتة للجريمة، والاستهتار بكافة القوانين والمواثيق الدولية. وأشار إلى أن نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، لم يكتفِ بجريمة حصار غزة ومنع أسباب الحياة عن سكانها، بل صعّد جرائمه عبر عمليات القتل والاستهداف العشوائي للمواطنين.

ورفض المكتب الإعلامي، في بيان ، كافة الادعاءات الإسرائيلية التي تبرر هذه الجرائم، مؤكداً أن الطاقم المستهدف بالقصف كان مدنياً بالكامل، ويعمل في منطقة تضم مركز إيواء، حيث كان يقوم بمهمة توثيق إعلامي لنشاط جمعية خيرية، ولم يكن في منطقة محظورة أو تمثل أي تهديد على جيش الاحتلال.

وأشار المكتب إلى أن الاحتلال تعمد مؤخراً تصعيد جرائمه الميدانية بحق المدنيين، حيث قُتل أكثر من 150 شهيداً منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في يناير الماضي، بينهم 40 شهيداً خلال الأسبوعين الماضيين، جميعهم من المدنيين العزل، ومن بينهم أطفال كانوا يجمعون الحطب أو يتفقدون منازلهم عندما استهدفهم جيش الاحتلال.