دمار تقوده الآلة.. الاحتلال يستخدم التكنولوجيا لقتل سكان غزة
الرأي الثالث - وكالات
في مشهد يختصر المعادلة القاتلة التي يعيشها سكان قطاع غزة منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، كشف شهود عيان ومصادر ميدانية عن استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي لتقنيات متقدمة، من بينها روبوتات متفجرة، في تنفيذ عمليات تفجير ممنهجة لمنازل الفلسطينيين، خاصة في مدينتي رفح وخان يونس جنوب قطاع غزة، وهي مناطق أخليت من السكان قسراً تحت القصف.
كما يستخدم جيش الاحتلال، وفقاً لما تم رصده في غزة، روبوتات برية مسيرة عن بعد، تحمل كميات كبيرة من المتفجرات وتُرسل إلى داخل الأبنية، ثم تُفجَّر عن بُعد، ما يسهل تدمير المنازل دون الحاجة إلى اقتراب الجنود ميدانياً من مواقع الخطر.
وتعد هذه الممارسات جزءاً من أسلوب الحرب المتقدم الذي يعتمد على تقليل الخسائر البشرية في صفوف جيش الاحتلال، دون أي اعتبار للخسائر البشرية في صفوف المدنيين.
أسلوب قتالي جديد
وبدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي باستخدام تلك الروبوتات للمرة الأولى في غزة في مايو 2024، خلال الاقتحام الثاني لمخيم جباليا شمال قطاع غزة، ما أدى ذلك حينها لقتل عدد من المدنيين وتدمير منازل عدة في المخيم.
في جنوب مدينة خان يونس، أفاد المواطن محمد البيوك، بأن قوات الاحتلال أرسلت روبوتاً صغيراً إلى داخل مبنى مكون من ثلاث طبقات، يعود لعائلته، بعد أن تم إخلاء المنطقة بالقوة، وتم تفجير المبنى شكل كامل.
وقال البيوك : "كنا نراقب من بعيد، رأينا جسماً يتحرك داخل المنزل ثم سمعنا انفجاراً هائلاً، تلاه انهيار المبنى بالكامل، وفي هذا الوقت لم يكن هناك أي اشتباك، ولا مقاومة في المنطقة، فقط روبوت جاء ونفذ المهمة".
وفي حادثة مشابهة في الأحياء الشمالية لمدينة رفح والقريبة من خان يونس، يسمع النازحون يومياً أصوات انفجارات قوية، تسبب بتحريكهم من على الأرض وهي أشبه بالزلزال.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: إن "جيش الاحتلال الإسرائيلي يستخدم روبوتات مفخخة ومحملة بأطنان من المتفجرات في عمليات التدمير والقتل الواسعة التي ينفذها شمال غزة، خلال اجتياحه المتواصل لليوم التاسع على التوالي، مع تصعيد وتيرة جريمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين هناك بارتكاب المجازر وجرائم القتل العمد والتجويع والتهجير القسري واسع النطاق"، مؤكداً أن "الروبوت يدمر قرابة 6 أو 7 منازل دفعة واحدة".
وأبرز الأورومتوسطي، في تقرير له في أكتوبر الماضي، أنه "تلقى شهادات عديدة عن استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي لروبوتات مفخخة وتفجيرها عن بعد، محدثاً أضراراً واسعة النطاق في المنازل والمباني المحيطة وخسائر كبيرة بالأرواح".
كما بين أن "استخدام الاحتلال للروبوتات المفخخة أمر محظور بموجب القانون الدولي، حيث تعد من الأسلحة ذات الطابع العشوائي التي لا يمكن توجيهها أو حصر آثارها فقط بالأهداف العسكرية".
فنظراً لطبيعتها - يضيف التقرير - فهي تصيب السكان المدنيين على نحو مباشر، أو تصيب الأهداف العسكرية والمدنيين أو الأعيان المدنية بشكل عشوائي دون تمييز.
دمار ممنهج
وتشير المعلومات إلى أن الروبوتات المستخدمة في غزة هي من نوع "روبوت هندسي قتالي"، تستخدم عادة في كشف الألغام أو تفكيك العبوات الناسفة، لكن جيش الاحتلال الإسرائيلي طور استخدامها لتكون أداة تفجير هجومية، خاصة في البيئات المدنية.
ووفقاً لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، فإن استخدام هذه التقنيات داخل مناطق سكنية مكتظة دون إنذار مسبق أو وجود ضرورة عسكرية فورية، يعد انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني،
لا سيما أن العديد من تلك المنازل لم تستخدم لأغراض عسكرية، وكان بعضها يعود لأسر نازحة أو هجرت قسراً.
كما تفيد إحصائيات أولية من وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة، أن أكثر من 73 ألف وحدة سكنية دُمّرت كلياً أو جزئياً منذ بدء العدوان.
وتشير صور الأقمار الصناعية وتحقيقات صحفية دولية إلى أن العديد من المباني دمرت بأسلوب التفجير من الداخل، لا بالقصف الجوي فقط، ما يعزز من فرضية استخدام الروبوتات والألغام المتحكم بها عن بعد.
كذلك لا يخفي جيش الاحتلال الإسرائيلي في بعض الأحيان استخدامه قطاع غزة كميدان تجريبي لتقنياته الجديدة، سواء في الحرب الإلكترونية أو الأنظمة الذكية أو الأسلحة الدقيقة.
وتكررت الاتهامات لجيش الاحتلال من قبل منظمات حقوقية باستخدام القطاع "كساحة اختبار مفتوحة" لتطوير صناعاتها الدفاعية، التي تسوق لاحقاً للعالم على أنها "مجربة ميدانياً في القتال الحقيقي".
كما تؤكد مصادر طبية في غزة، أن كثيراً من الجثامين التي وصلت إلى المستشفيات كانت مشوهة بالكامل بسبب قوة التفجير الداخلي، وبعضها تم انتشاله من تحت الأنقاض بعد استخدام تقنيات هندسية لتفجير الأسقف أو الأساسات.