Logo

من السجن إلى المقبرة: المهاجرون الأفارقة ضحايا الحرب على اليمن

الرأي الثالث  

 استهدفت الطائرات الأميركية، فجر الاثنين، إصلاحية السجن الاحتياطي بمحافظة صعدة بغارتين، ما أسفر عن وقوع عدد من القتلى والجرحى من المهاجرين الأفارقة.

ويعيش المهاجرون الأفارقة غير النظاميين في اليمن، حالة من القلق والخوف، يتجرعون مرارة الظروف القاسية في السجون ومراكز الاحتجاز التابعة لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، يتأرجحون بين شبح الملاحقة والتجنيد القسري، لتزداد معاناتهم بعد الغارات الجوية التي شنتها الطائرات الأميركية على مركز الاحتجاز في صعدة.

وجّمع 115 مهاجراً، معظمهم من إثيوبيا والصومال، في السجن الاحتياطي بصعدة والذي تحول إلى "مركز إيواء" وفق تسميات الحوثيين. هؤلاء المهاجرون احتجزوا بسبب دخولهم اليمن بطرق غير قانونية، في ظروف احتجاز غاية في الصعوبة.

وبينما كان المحتجزون نياماً داخل الإصلاحية، شن الطيران الأميركي، فجر اليوم الاثنين، عدة غارات على الموقع، مما أسفر عن تدميره بشكل شبه كامل. سارعت فرق الإسعاف من الهلال الأحمر اليمني والدفاع المدني إلى المكان المستهدف، لانتشال جثث الضحايا وإسعاف المصابين، الذين نُقلوا إلى المستشفى الجمهوري.

ساهم الاكتظاظ داخل السجن في ارتفاع عدد الضحايا، حيث تشير إحصاءات وزارة الصحة في حكومة الحوثيين إلى سقوط 60 قتيلاً و65 جريحاً، في حصيلة أولية لم تُعلن نهائيتها بعد.
 
وفرضت جماعة الحوثيين حالة تعتيم إعلامي على الحادثة .
 
ويُعد السجن الاحتياطي في صعدة أحد أهم مراكز احتجاز المهاجرين الأفارقة غير النظامين الذين يدخلون اليمن، حيث يستقر القليل منهم، فيما يعتبره معظمهم محطة عبور نحو السعودية.

وتُثار تساؤلات جدية حول الصفة القانونية لاحتجاز هؤلاء المهاجرين، خاصةً مع وصف سلطات الحوثيين للسجن بأنه "مركز إيواء" يخضع لإشراف منظمات دولية. 

وقد زعمت وزارة الداخلية الحوثية أن المركز يُدار بالتنسيق مع منظمة الهجرة الدولية والصليب الأحمر، غير أن المتحدثة باسم منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، مونيكا شيرياك، سارعت إلى نفي ذلك، 

مؤكدة في بيان مقتضب أن المنظمة لم تكن تعمل في ذلك الموقع، لكنها تتابع الوضع من كثب ومستعدة لتقديم الدعم المطلوب.

تأتي هذه الحادثة في ظل تقارير حقوقية تتهم الحوثيين باستغلال وتجنيد المهاجرين الأفارقة قسراً. 

وأشار تقرير صادر عن منصة "تعقّب الجرائم المنظمة" (P.T.O.C) إلى أن مليشيات الحوثي تستخدم المهاجرين الأفارقة وقوداً لحروبها، عبر التجنيد القسري والاستغلال العسكري، حيث حُوِّلت مواقع خاصة إلى معسكرات للتدريب والاستقطاب والاستخدام في الأنشطة الاستخباراتية،

 إضافة إلى إرسالهم لجبهات القتال أو نشر الفكر الطائفي في بلدان القرن الأفريقي، إلى جانب استخدامهم في عمليات تهريب السلاح والمقاتلين عبر البحر الأحمر.

وبلغ عدد المهاجرين الأفارقة الوافدين إلى اليمن خلال العام الماضي نحو 61 ألف مهاجر، وهو أدنى مستوى يجري تسجيله خلال السنوات الثلاث الماضية.

و أكد رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، توفيق الحميدي، أن "احتجاز المئات من المهاجرين الأفارقة بشكل جماعي في منشأة غير خاضعة للرقابة، ودون تهم قانونية، وبالقرب من مؤسسات عسكرية وأمنية، يشكل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان". 

وأضاف أن "تداخل أماكن الاحتجاز مع منشآت عسكرية، وعدم إخطار لجنة الصليب الأحمر الدولي بوجود هذا الموقع، يمثل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي، ويعرّض حياة المحتجزين للخطر، خاصة في ظل استمرار القصف الأميركي على صعدة منذ منتصف مارس/آذار الماضي".

وأكد الحميدي أن جماعة الحوثي تتحمل المسؤولية القانونية الكاملة عن حياة الضحايا، كما حمّل الإدارة الأميركية مسؤولية ضرورة وجود بنك أهداف نظيف لتفادي سقوط ضحايا مدنيين، مطالباً بتشكيل لجنة تحقيق دولية لكشف ملابسات ما جرى.

ووفقاً للبيانات الشهرية الصادرة عن منظمة الهجرة الدولية (IOM)، بلغ عدد المهاجرين الأفارقة الوافدين إلى اليمن خلال الفترة بين يناير/كانون الثاني وديسمبر/كانون الأول 2024، نحو 60,897 مهاجراً. 

وتشير تقارير المنظمة إلى أن نحو 37,166 مهاجراً من القرن الأفريقي دخلوا اليمن بين شهري يناير/كانون الثاني ومارس/آذار 2025، منهم 36,191 مهاجراً إثيوبياً بنسبة 97%، و975 مهاجراً صومالياً بنسبة 3%. وقد مثّل الرجال 58% من المجموع العام للوافدين، مقابل 22% من النساء، و20% من الأطفال من الجنسين.
 
فخر العزب
صحافي يمني