إعادة فتح طريق صنعاء- عدن تعزز الآمال اليمنية بإنهاء الحصار الداخلي
الرأي الثالث - متابعات
أعلنتْ محافظة الضالع جنوبي اليمن، أمس الاثنين، بدء فرقها الهندسية إجراءات إعادة فتح الطريق الدولي صنعاء – عدن عبر الضالع من جانب واحد، في خطوة أرجعتها «لدواع إنسانية»، وذلك بعد زهاء سبع سنوات من الإغلاق، جراء الحرب المستعرة في البلاد منذ عشر سنوات.
وتسببت الحرب في إغلاق معظم الطرق والمنافذ، وبخاصة تلك التي تربط شمال البلاد بجنوبها، وبخاصة بين صنعاء وعدن، في سياق التصعيد المتبادل على صعيد تكريس الحصار الداخلي، من خلال تعقيد مسارات السفر والانتقال من وإلى مناطق نفوذ فرقاء الحرب، ما فاقم من معاناة المواطنين.
وتُمثل هذه الطريق، أهم منفذ حيوي بين صنعاء وعدن، وستسهم إعادة فتحها في تعزيز حركة المسافرين بين المحافظات الشمالية والجنوبية، كما ستسهل من تدفق البضائع، وتسهم في تخفيف معاناة وكُلفة التنقل، الذي كان أصحابه يضطرون لسلك طرق بديلة أكثر مشقة وأعلى كلفة مادية.
وأقرّ المكتب التنفيذي لمحافظة الضالع، الأحد، إعادة فتح الطريق المغلقة في منطقة «الزيلة»، الواقعة بين منطقة مريس ومديرية دمت، في خطوة جاءت استجابة لمناشدات مدنية حقوقية إنسانية، وتقديرًا للظروف الإنسانية، التي يعاني منها المسافرون في الطرق البديلة.
وظل الطريق مغلقًا لسنوات تخللها محاولات مدنية وقبلية لإعادة فتحها، وسط تبادل الاتهامات بين الحكومة المعترف بها دوليًا وحركة «أنصار الله»، يحمل فيها كل طرف الآخر مسؤولية الإغلاق، وإفشال جهود فتحها.
ولم يصدر حتى الساعة أي تعليق رسمي من قبل حركة الحوثي إزاء إعادة فتح هذه الطريق، بينما كانوا قد أعلنوا في العام الماضي موافقتهم ورغبتهم في فتح الطريق، وحملوا الطرف الآخر مسؤولية إغلاقها.
وشهد العام الماضي محاولة مجتمعية ومدنية لإعادة فتحها، لكنها قوبلت، حينها، برفض رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، التي تسيطر ميليشياته على محافظة الضالع.
محافظ الضالع المعين من الحكومة المعترف بها دوليًا، علي مقبل صالح، الموالي للمجلس الانتقالي الجنوبي، قال في تصريح تلفزيوني ، إن إعادة فتح الطريق جاء تنفيذًا لتوجيهات عضو مجلس القيادة الرئاسي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، ولدواعٍ إنسانية وتقديرًا لظروف المسافرين.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن السلطة المحلية في محافظة الضالع بدأت، أمس الاثنين، في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة فتح الطريق.
شهود عيان قالو إن عملية إعادة فتح الطريق بدأت صباح الاثنين وسط انتشار أمني من الجانبين، تمهيداً لتنظيم حركة المرور وضمان سلامة العابرين، مشيرة إلى وصول فرق هندسية لفحص وإزالة العوائق التي خلفتها سنوات الاشتباكات.
وقال مصدر محلي بالمحافظة إن «الإجراءات بدأت بالفعل، وتشمل التنسيق لضمان فتح الطريق بشكل آمن وسلس»، مشيراً إلى أن «هذه الخطوة تأتي في إطار تفاهمات بين الأطراف تهدف لتخفيف المعاناة عن المواطنين وتعزيز التواصل بين المحافظات».
يمنيون رحبوا بالخطوة وباركوها في تدوينات على منصات التواصل الاجتماعي باعتبارها تصب في مصلحة المواطن، الذي يتكبد معاناة ونفقة مرتفعة في سلك طريق بديلة.
وقال رئيس منظمة فكر للحوار والدفاع عن الحقوق والحريات، عبد العزيز العقاب، إن «فتح طريق الضالع عدن صنعاء بمبادرة مجتمعية وتعاون الجهات الرسمية يشكل نجاح كبير للوساطة الوطنية، ويؤكد أهمية المسار الوطني في الوساطة والحوار وصناعة السلام».
وأضاف أن «هذا الطريق الرئيس سوف يُخفف كثيراً من معاناة المسافرين. وندعو إلى سرعة فتح الطرق والمنافذ الأخرى والتخفيف من المعاناة».
وزير التعليم العالي السابق في حركة الحوثي، حسين حازب، بارك الخطوة وقال: «الأخبار عن فتح الطريق من اتجاه عدن الضالع صنعاء، تستحق التقدير والاحترام، وخطوة في الاتجاه الصحيح، وتلزم البقية بفتح الطريق من اتجاه صنعاء الضالع لحج عدن، لإكمال ما بدأوه قبل حوالي عام، وما يفيد الوطن والمواطن نحن معه، وإن شاء الله تكون بداية لفتح بقية الطرقات في بقية المحافظات».
فيما قال ناصر أبو أصبع: «بدأت اليوم (أمس) الإثنين اجراءات فتح طريق حيوي يربط بين الضالع دمت يريم ذمار صنعاء، وقد كانت مغلقة منذ 10 سنوات، وقد وصلت فرق هندسية إلى طريق الضالع- دمت، وباشرت الفرق فتح الطريق وإزالة السواتر الترابية، وسط ترحيب شعبي واسع».
ويأمل يمنيون أن تسهم هذه الخطوة في تسهيل حركة المسافرين وإنعاش الحركة التجارية بين المحافظات الشمالية والجنوبية.
وأثارت هذه الخطوة مطالبات يمنيّة بإعادة فتح بقية الطرقات المغلقة، وبخاصة طريق عقبة ثرة، التي تربط بين محافظتي البيضاء الشمالية وأبين الجنوبية، والتي تُعدُّ، أيضًا، من أهم الطرق التي تربط شمال البلاد بجنوبها.
ونجحت وساطة محلية العام الماضي في إعادة فتح طريق البيضاء – فرضة نهم- مأرب، وكذلك في إعادة فتح طريق الحوبان – الكمب- مدينة تعز وغيرها، وهو ما عزز، حينها، من أهمية استمرار مسار الوساطة المحلية في معالجة ملف الطرقات المغلقة، لكن تلك الوساطة تعثرت في مساع إعادة فتح طريق صنعاء- الضالع، التي أعلنت محافظة الضالع، مؤخرًا، موافقتها على إعادة فتحها.
ويمثل ملف الطرقات المغلقة من أكثر ملفات الحرب تعقيدًا في اليمن، لارتباطها بعددٍ كبير من الطرقات، التي تم إغلاقها في سياق ما فرضته الحرب من معطيات جديدة على أرض الواقع، منها وقوع بعض الطرقات ضمن مناطق اشتباكات، وبعضها تقع في مناطق تماس بين نفوذين متصارعين، وبعضها باتت تمثل ملف ضغط سياسي لأهميتها، وأخرى تشكل معها حدود اقتصادية وأخرى سياسية (افتراضية)، وغيرها من المقتضيات، التي زادت من تعقيد تنقلات الناس.
وعلى الرغم من أن عدد من جولات التفاوض بين طرفي الصراع، أقر فيها المتفاوضون موافقتهم على فتح جميع الطرقات، إلا أن تنفيذ ذلك على أرض الواقع لم يتحقق، لأن فتحها يتطلب وقفًا للحرب وإقرارًا للسلام، وقبل ذلك ايمانًا بالوطن باعتباره هو، في الأصل، المواطن.