بيدرسون: التحركات الدولية بشأن سورية "تاريخية" وقد تعيد الأمل
الرأي الثالث - وكالات
قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية، غير بيدرسون، إن أجواء من التفاؤل الحذر والتوق إلى التجديد تسود سورية في أعقاب التحركات الدولية واسعة النطاق، وعلى رأسها إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقف العمل بالعقوبات المفروضة على سورية.
وجاء ذلك خلال إحاطته الدورية أمام مجلس الأمن في نيويورك، التي قدمها من دمشق عبر تقنية الفيديو.
وأشار بيدرسون في مستهل إحاطته إلى إعلان الاتحاد الأوروبي، يوم أمس الثلاثاء، رفعه العقوبات الاقتصادية عن سورية، بالإضافة إلى إلغاء المملكة المتحدة نظام عقوباتها الشهر الماضي.
وأشار إلى دعوته المتكررة "إلى اتخاذ خطوات جريئة بشأن العقوبات".
ورحب بيدرسون بتلك الخطوات، بالإضافة إلى "الدعم الذي قدمته دول المنطقة لسورية وشعبها، وأبرزها المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر وشركاء رئيسيون آخرون.
ولا يقتصر هذا الدعم على مبادرات تخفيف العقوبات، بل يشمل أيضاً تسوية التزامات سورية المتبقية تجاه المؤسسات المالية الدولية، ودعم دفع رواتب القطاع العام، وضمان توفير موارد الطاقة الأساسية".
ووصف تلك التحركات الدولية بـ"التاريخية"، معبّراً عن أمله في أن تؤدي إلى مساعدة الشعب السوري على مواجهة إرث النظام السابق، بما فيه من أعباء اقتصادية.
وأشار، في الوقت نفسه، إلى التحديات الكثيرة التي ما زالت تواجه السوريين، وإلى أن هذه الخطوات الدولية تتطلب، في المقابل، من السلطات المؤقتة اتخاذ إجراءات مستدامة، بما في ذلك الإصلاح الاقتصادي الشامل، ومعايير الحوكمة في جميع أنحاء النظام المالي، وهو ما يتطلب استمرار الدعم الدولي.
وتوقف كذلك عند عدد من الخطوات التي اتخذتها السلطات السورية، التي شملت إنشاء مؤسستين رئيسيتين: الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، والهيئة الوطنية للمفقودين.
وأشار بيدرسون إلى أنه "وبموجب الإعلان الدستوري، فإن الخطوة الحاسمة التالية في عملية التحول السياسي السوري ستكون إنشاء لجنة عليا مسؤولة عن اختيار أعضاء مجلس الشعب الجديد، وهي العملية التي تشمل انتخاب ثلثي أعضائه".
وشدد على أن "الهيئة التشريعية الانتقالية ستكون مسؤولة عن العمل على أجندة إصلاح تشريعي عاجلة، وهي جزء أساسي من إعادة بناء التوافق السياسي في سورية ومؤسسات الدولة، وخلق الأطر اللازمة في مجالات الاقتصاد والعدالة، والأحزاب السياسية، والانتخابات، وغيرها".
وتحدث عن نقاشه "مع السلطات المؤقتة حول ضرورة بذل جهود جوهرية نحو الشفافية والانفتاح، وكلها أمور من شأنها أن تُساهم في ضمان اعتبار مجلس الشعب مُمثلاً لوحدة الأمة وتنوعها.
وقد تبادلتُ أفكاراً ملموسة بهذا الشأن مع السلطات المؤقتة، ونتطلع إلى تعزيز هذا التعاون والدعم".
وشدد على وجود الكثير من التحديات المتعلقة بالحماية والثقة والمشاركة، مؤكداً ضرورة مواجهتها بحزم. وأشار، في هذا الصدد، إلى الأحداث التي شهدتها سورية أواخر إبريل/نيسان، ووصفها بالانتكاسات الخطيرة.
وقال: "تصاعدت التوترات بشكل كبير في المناطق السكنية ذات الأغلبية الدرزية في ضواحي دمشق، ثم في ضواحي محافظة السويداء. جاء ذلك على خلفية تصاعد التحريض الطائفي.
وقد أثار العنف رعب السكان، وتسبب في سقوط عشرات الضحايا بين المدنيين والفصائل الدرزية المسلحة وأفراد أمن الدولة، مع ورود تقارير عن إطلاق قذائف هاون وأسلحة ثقيلة على السويداء.
هدأت الاشتباكات في نهاية المطاف عقب اتفاقات بين السلطات المؤقتة وممثلي الدروز، لكن التوترات لا تزال قائمة، مع ورود تقارير جديدة عن هجمات صاروخية على السويداء الليلة الماضية".
كما أعرب عن قلقه "إزاء تجدد الهجمات والغارات الجوية الإسرائيلية داخل سورية خلال الفترة المشمولة بالتقرير، بما في ذلك خلال أعمال العنف في المناطق الدرزية وبالقرب من القصر الرئاسي.
هذه الهجمات غير مقبولة ويجب أن تتوقف. يجب احترام سيادة سورية واستقلالها وسلامة أراضيها. من الواضح أن هناك إمكانيات دبلوماسية، ويجب إعطاؤها الأولوية".
وختم بالحديث عن أن التحديات التي "تواجه سورية هائلة، ولم يجر التغلب بعد على المخاطر الحقيقية المتمثلة في تجدد الصراع وتعميق التشرذم.
ومع ذلك، فقد استمد الشعب السوري الشجاعة من حقيقة أن قرارات الأسبوع الماضي برفع العقوبات تمنحه فرصة أفضل من ذي قبل للنجاح في مواجهة صعوبات جمة".
الوضع الإنساني
من جهته، ذكّر مدير قسم التنسيق في مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، راميش راجاسينغهام، الدول الأعضاء بأن الحرب والصراع الذي استمر لأكثر من عقد في سورية دفع 90% من السكان إلى براثن الفقر، مما أدى إلى نزوح ما يقرب من 7.5 ملايين شخص داخل سورية، وأكثر من 6 ملايين آخرين لاجئين.
وأشار إلى أن الاحتياجات الإنسانية في سورية لا تزال هائلة وتزداد تعقيداً، مؤكداً أن 16.5 مليون سوري بحاجة إلى الحماية والمساعدة الإنسانية.
وأضاف: "يعاني أكثر من نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي، ويواجه ما يقرب من 3 ملايين شخص انعداماً حاداً في الأمن الغذائي. لقد نزح أكثر من 670 ألف رجل وامرأة وطفل منذ نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي،
ويشمل ذلك حوالي 15 ألف شخص نزحوا بين 30 إبريل/ نيسان و6 مايو/ أيار من ريف دمشق، بسبب أعمال العنف في المنطقة ذات الأغلبية الدرزية".
ولفت الانتباه كذلك إلى عودة "أكثر من مليون نازح داخلي إلى مناطقهم الأصلية منذ ديسمبر/ كانون الأول، من بينهم نحو 330 ألف شخص من مخيمات شمال غرب سورية.
إلا أن المنازل المتضررة، ونقص الخدمات الكافية، وخطر الذخائر غير المنفجرة، كلها عوامل تعوق عودة مزيد من النازحين".
وأشار كذلك إلى مقتل وجرح أكثر من 900 مدني بسبب الذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحرب منذ ديسمبر/ كانون الأول، مؤكداً أن أكثر من ثلث الضحايا هم من الأطفال.