Logo

«مثلث الموت».. طيّ صفحة مخيّم الركبان الشاهد على مأساة النزوح السوري

الرأي الثالث - وكالات 

غادرت، أمس الجمعة، آخر عائلة سورية مخيّم الركبان بعد أكثر من عقد من الزمن، لتُطوى بذلك صفحة هذا المخيّم المعزول والمهمل الذي يمثّل واحداً من أبرز رموز معاناة النازحين السوريين. 

وهذا المخيّم الواقع في منطقة الـ"55 كيلومتراً"، في ريف حمص الشرقي حيث قاعدة التنف العسكرية التابعة لقوات التحالف الدولي عند المثلث الحدودي بين الأردن والعراق وسورية، 
 
وأسس مخيم الركبان في عام 2014 بعد هجرة آلاف من أبناء مناطق ريف حمص الشرقي وحماة باتجاه البادية، والسكن قرب قاعدة الـ«55 التنف» بريف حمص
 
وفرض النظام السوري السابق والقوات الروسية، في عام 2016، حصاراً خانقاً على مخيّم الركبان وشاغليه، فمُنع إدخال المواد الغذائية والأدوية، الأمر الذي أدّى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بطريقة مأساوية.

 وفي عام 2019، توقّفت المساعدات الأممية المخصّصة لهذا المخيّم، وازدادت معاناة النازحين إليه الذين لجأوا إلى الزراعة في بيئة صحراوية، في محاولة للبقاء على قيد الحياة. 

وقد عاد النظام السابق ليشدّد حصاره على المخيّم في عام 2023، قاطعاً الطريق الوحيد لإدخال المواد الغذائية إليه، الأمر الذي أدّى إلى نقص حاد في الأغذية والأدوية ومستلزمات الأطفال إلى جانب ارتفاع أسعار السلع الأساسية بصورة كبيرة.

وفي ديسمبر/ كانون الأول من عام 2024، مع سقوط نظام الأسد، رُفع الحصار عن مخيّم الركبان وراح شاغلوه يغادرونه. 

وبحلول منتصف العام الجاري، لم تتبقَّ في المخيّم إلّا عشر عائلات تقريباً، معظمها من أبناء المنطقة قبل عام 2011. 

وقبل تفكيكه، كان مخيّم الركبان يؤوي نحو 8500 شخص، غالبيتهم (نحو 85%) من أبناء ريف حمص الشرقي، تحديداً من القريتَين وتدمر ومهين.

 كذلك كان المخيّم يؤوي عدداً من أبناء محافظة دير الزور، بالإضافة إلى أفراد من عشائر البدو التي كانت منتشرة سابقاً في البادية السورية، 

وأغلب مَن عادوا خلال اليومين الماضيين لم يكن يملكون منازل، بسبب تدمير منازلهم وقراهم من قبل قوات النظام وسرقتها؛ حيث قام البعض منهم بنصب خيام.
 
يُذكر أنّ هؤلاء رفضوا للعودة إلى مناطق النظام السوري المخلوع، خوفاً من الاعتقال أو الإخفاء القسري، خصوصاً بعد شهادات عن مصير عائدين اختفوا فور دخولهم إلى تلك المناطق.

أمّا العائلات القليلة التي بقيت في مخيّم الركبان حتى اللحظة الأخيرة، فكانت بمعظمها غير قادرة على دفع تكاليف التهريب المرتفعة، للوصول إلى مناطق "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) ومنها إلى مناطق المعارضة أو حتى إلى تركيا. 

وكانت تكلفة الخروج من المخيّم، وفقاً لشهادات عديدة، قد بلغت آلاف الدولارات، الأمر الذي جعل بقاء هذه العائلات في مخيّم الركبان أشبه بحكم إجباري بالموت البطيء.

وأكد وزير الإعلام السوري، حمزة المصطفى، أنه بتفكيك مخيم الركبان وعودة النازحين يُطوى فصل مأساوي وحزين من قصص النزوح التي صنعتها آلة الحرب للنظام البائد.
 
وقال الوزير المصطفى في تغريدة عبر منصة «إكس»: «إن مخيم الركبان لم يكن مجرد مخيم، بل كان مثلث الموت الذي شهد على قسوة الحصار والتجويع؛ حيث ترك النظام الناس لمواجهة مصيرهم المؤلم في الصحراء القاحلة».

وأضاف: «مع كل خطوة نحو العودة، يتسلل من بين رمال الألم أمل عظيم في قلوب السوريين وعزيمتهم لفعل المستحيل من أجل بناء وطن جديد يتسع للجميع».

وأوضح المصطفى أن نهاية مُخيم الركبان تُمثل بداية طريق جديد لتفكيك باقي المخيمات، بإرادة تتجدد يوماً بعد يوم تدعمها الدولة حتى يصل كل نازح إلى بيته.
 
وتعمل الحكومة السورية على إخلاء المخيَّمات وتسهيل عودة النازحين والمهجّرين إلى مناطقهم؛ حيث عادت في وقت سابق قافلة من المهجّرين قادمة من مخيم «مريجيب الفهود» في الأراضي الأردنية.

وكشفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في أبريل (نيسان) الماضي أن أكثر من مليون و400 ألف سوري عادوا إلى ديارهم منذ سقوط النظام البائد، منهم 400 ألف عادوا من دول الجوار، وأكثر من مليون نازح داخل سوريا عادوا إلى مدنهم وقراهم الأصلية.