Logo

حرب الإبادة في غزة: استمرار القصف العنيف غداة قرار الجمعية العامة

الرأي الثالث - وكالات

 تتواصل الغارات الإسرائيلية العنيفة على قطاع غزة وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية وتصاعد في العمليات العسكرية التي تطاول مناطق مكتظة بالسكان. 

في أحدث التطورات، أنذر جيش الاحتلال الإسرائيلي سكان البلدة القديمة وأحياء الروضة والتفاح شرقي مدينة غزة بإخلاء فوري تمهيدًا لقصفها، فيما لا توجد مآوٍ آمنة داخل المدينة. 

وتأتي هذه التهديدات في ظل استمرار سياسات التجويع والإبادة التي تنتهجها إسرائيل، بحسب تصريحات المفوض العام لوكالة "أونروا" فيليب لازاريني، الذي حذّر من أن آلية المساعدات الأميركية "لن تعالج الجوع المتفاقم".

دبلوماسيًا، شهدت الساعات الماضية تحركات مكثفة شملت اتصالًا هاتفيًا بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، تطرّقا خلاله إلى جهود التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب على غزة، 

إضافة إلى التطورات المتعلقة بمفاوضات واشنطن وطهران بشأن الملف النووي الإيراني. 

وبالتوازي، أفادت وسائل إعلام عبرية بأن إسرائيل قدّمت ردها الرسمي على مقترح ويتكوف المعدّل، لكنها رفضت فيه التعهد بإنهاء الحرب رغم الإشارة إلى وجود توافق داخلي إسرائيلي على التعديلات الجديدة التي نُقلت إلى حركة "حماس" عبر الوسطاء.

وفي السياق تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، مساء الخميس، قرارا بأغلبية ساحقة يطالب بوقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري وعاجل وإطلاق سراح المحتجزين والأسرى والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من القطاع. 

وحصل القرار على تأييد 149 دولة ومعارضة 12 من بينها إسرائيل والولايات المتحدة، فيما امتنعت 19 دولة عن التصويت. كما يطالب القرار بإدخال المساعدات الإنسانية والمحاسبة على الانتهاكات وإنهاء الاحتلال. 

ويشدد على واجب إسرائيل باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال أن تكفل وصول المساعدات الإنسانية لكل السكان المحتاجين وأن تضمن لهم الوصول إلى المياه الصالحة. ويندد القرار باستخدام تجويع المدنيين أداةَ حرب وإعاقة وصول المساعدات وإمدادات الإغاثة.

وقال السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور قبل التصويت على القرار: "إن مواصلة إسرائيل واستخفافها بكل قواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة يجب أن تؤدي لتحويل هذه الصيغة المكتوبة في النص لأفعال". 

وأضاف: "لا أسلحة ولا أموال ولا تجارة لاضطهاد الفلسطينيين وتطهيرهم عرقيا ولسرقة أراضيهم.. استخدموا الأدوات المتاحة أمامكم بصفتكم دولا وأعضاء في الجمعية العامة... 

هذه الأدوات الدبلوماسية وغيرها. استخدموها لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، لا تنتظروا أكثر من ذلك". 

وتابع: "إن هذا الوضع العبثي وغير القانوني وغير الأخلاقي لا يمكن أن يستمر ويجب أن يتوقف. على إسرائيل أن تنهي حربها وحصارها ضد الشعب الفلسطيني حيث أخضع أكثر من مليوني فلسطيني للتجويع.. 

عليها الامتثال للقانون الدولي ولا يمكن أن تبقى الاستثناء لكل قاعدة. لا بد من إنهاء إفلاتها من العقاب". 

ورحب منصور "بتشديد النص صراحة على ضرورة توفير المساءلة لعدم احترام إسرائيل واجباتها بموجب القانون الدولي، ودعوته كل الدول بشكل فردي وجماعي لاتخاذ كل الإجراءات الضرورية لضمان امتثال إسرائيل لواجباتها". 

وشدد على أن الواقع المروع الذي يواجهه الفلسطينيون يمكن أن ينتهي إن ترجم التنديد والاستنكار إلى أفعال".
 
من جهتها، وقبل التصويت على القرار، تحدثت السفيرة الأميركية بالإنابة دوريثي شيا في الجمعية العامة، ورأت أن نص القرار يوجه رسالة لحماس مفادها أنه ستجرى مكافئتها على ما تقوم به. وادعت الدبلوماسية الأميركية أن حماس مستمرة برفض اتفاقيات وقف إطلاق النار، مشددة على أن بلادها لن تدعم أي قرار لا يطالب بتفكيك حماس.

نص قرار الجمعية العامة

وحمل القرار عنوان "حماية المدنيين والوفاء بالالتزامات القانونية والإنسانية". ومن أبرز ما نص عليه مطالبته: "بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار، يحترمه جميع الأطراف". كما ذكّر "بمطالبته بالإفراج الفوري والكريم وغير المشروط عن جميع الرهائن المحتجزين لدى حماس والجماعات الأخرى". 

وطالب "الأطراف بتنفيذ جميع أحكام قرار مجلس الأمن 2735 (2024) المؤرخ 10 يونيو/حزيران 2024 تنفيذًا كاملًا ودون قيد أو شرط ودون تأخير، بما في ذلك وقف إطلاق النار الفوري، والإفراج عن الرهائن، وإعادة رفات الرهائن الذين قُتلوا، وتبادل الأسرى الفلسطينيين، وعودة المدنيين الفلسطينيين إلى منازلهم وأحيائهم في جميع أنحاء قطاع غزة، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة".

ودان قرار الجمعية العامة بشدة "أي استخدام لتجويع المدنيين أسلوبا من أساليب الحرب والحرمان غير المشروع من وصول المساعدات الإنسانية"، مشددا على الالتزام بعدم حرمان المدنيين في قطاع غزة من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة". 

كما أكد القرار أن القوة القائمة بالاحتلال "ملزمة بموجب القانون الدولي بضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع السكان المحتاجين، وتيسير دخول المساعدات الإنسانية على نطاق واسع، بما في ذلك الغذاء والإمدادات الطبية، إلى قطاع غزة وفي جميع أنحائه، بشكل فوري ودائم وكامل وسريع وآمن ودون عوائق، إلى جميع المدنيين الفلسطينيين 
 
وكذلك، شدد القرار على "ضرورة المساءلة لضمان احترام إسرائيل التزاماتها بموجب القانون الدولي" داعيا في هذا الصدد "جميع الدول الأعضاء إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة، بشكل فردي وجماعي، بما يتماشى مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لضمان امتثال إسرائيل لالتزاماتها". 

وكذلك أعرب القرار "عن دعمه الخطة التي وضعتها الأمم المتحدة لاستئناف تسليم المساعدات الإنسانية إلى غزة"، مؤكدا أن "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) لا تزال العمود الفقري للاستجابة الإنسانية في قطاع غزة، 

ويرفض الإجراءات التي تقوض تنفيذ ولاية الوكالة".

كما رحب القرار "بخطة جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي للتعافي وإعادة الإعمار أساسا لمعالجة الوضع الإنساني المروع في قطاع غزة، ويدعو جميع الدول الأعضاء والأمم المتحدة والجهات المانحة الدولية إلى التعاون وتقديم المساعدة لضمان التنفيذ الفعال للخطة، مع دور قيادي للسلطة الفلسطينية".

وشجع القرار المجتمع الدولي على المشاركة في المؤتمر الدولي الذي تخطط مصر لعقده لإعادة الإعمار في قطاع غزة.

وأكد كذلك "التزامه الثابت بحل الدولتين وقطاع غزة جزءًا من الدولة الفلسطينية، وحيث تعيش دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، جنبًا إلى جنب في سلام وأمن داخل حدودهما الآمنة المعترف بها دوليًا، وفقًا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة،

 مجلس الأمن

وكان مجلس الأمن الدولي في نيويورك قد صوت، الأسبوع الماضي، على صيغة مشابهة، ولكن مختصرة، من القرار ولم يتمكن من تبنيه بسبب الفيتو الأميركي. وطالب قرار المجلس بوقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري وعاجل. 

وحصل مشروع القرار على تأييد كل الدول الأعضاء في المجلس، 14 دولة، باستثناء الولايات المتحدة التي استخدمت الفيتو. 

وكان ذلك أول فيتو أميركي ضد وقف الحرب وإدخال المساعدات منذ تولي الرئيس دونالد ترامب سدة الحكم في يناير/ كانون الثاني، وخامس فيتو أميركي منذ بدء الحرب إذ استخدمت إدارة الرئيس السابق جو بايدن الفيتو أربع مرات ضد وقف إطلاق النار وقرارات مشابهة.

وكان آخر قرار تبناه مجلس الأمن حول غزة في يونيو/حزيران 2024، وقد نص على تأييده خطة بايدن لوقف إطلاق النار متعددة المراحل، ولم ينفذ إلا جزء منه. 

ويحتاج أي قرار لتبنيه في مجلس الأمن إلى تسعة أصوات على الأقل، شرط ألا تستخدم أي من الدول الخمس دائمة العضوية (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا) حق النقض (الفيتو). أما في الجمعية العامة، فتحتاج القرارات لأغلبية بسيطة أو أغلبية الثلثين (بحسب نوعية القرار).

 وكان قرار اليوم يحتاج إلى ثلثي الأصوات، من الدول التي صوتت بنعم أم لا، ولا تحسب أصوات الدول الممتنعة. وفي الجمعية يوجد 193 دولة عضواً ولكل دولة صوت واحد ولا يمكن استخدام الفيتو.