مضيق هرمز يتحوّل إلى بؤرة توتر في الصراع الأمريكي- الإيراني
الرأي الثالث - وكالات
هدّدت إيران، الأحد، بإغلاق مضيق هرمز، أحد أهم الممرات الحيوية لنقل النفط في العالم، في ردّ مباشر على الغارات الأمريكية التي استهدفت ثلاثة مواقع نووية داخل أراضيها.
التهديد الإيراني، الذي جاء عبر مصادقة البرلمان على مشروع قانون بهذا الشأن، أثار مخاوف جدية من تداعيات اقتصادية واسعة، لا سيما على الولايات المتحدة، التي تعتمد أسواقها على استقرار إمدادات الطاقة العالمية.
ووصف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الخطوة بأنها “انتحارية” للنظام الإيراني، داعيًا الصين، باعتبارها أكبر مشترٍ للنفط الإيراني، إلى التدخل لمنع طهران من تنفيذ تهديدها.
وأكد روبيو، في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز”، أن إغلاق المضيق سيؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط، وهو ما سينعكس على الاقتصاد الأمريكي بشكل مباشر.
ورغم أن واردات الولايات المتحدة من نفط الخليج تراجعت إلى نحو نصف مليون برميل يوميًا عام 2024، وفق إدارة معلومات الطاقة الأميركية، إلا أن أسواقها ستتأثر بشدة في حال إغلاق المضيق، نظرًا لأن أسعار النفط تُحدد في السوق العالمية.
ومع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل في الأسابيع الأخيرة، بدأت أسعار النفط بالارتفاع، ويتوقع خبراء أن تصل إلى 120 دولارًا للبرميل في حال تنفيذ طهران لتهديدها، بعد أن كانت مستقرة عند 73 دولارًا.
ونقلت صحيفة “ذا هيل” الأمريكية عن خبراء في مجال الطاقة قولهم إن أي عرقلة للملاحة في مضيق هرمز ستتسبب في موجة تضخم تطال مختلف القطاعات الأمريكية، من النقل إلى الصناعات الثقيلة.
وأضافت الصحيفة أن شركات النفط الأمريكية لن تكون قادرة على سدّ الفجوة الناتجة عن اضطراب الإمدادات في وقت قصير، ما يعني أن الأسواق الأمريكية ستواجه ضغوطًا متزايدة لعدة أشهر على الأقل.
ووصفت إدارة ترامب ضرباتها لمواقع نووية في نطنز وأصفهان وفوردو بأنها “نجاح كبير”، لكن لم يتضح بعد حجم الأضرار أو تأثيرها الفعلي على برنامج إيران النووي. في المقابل، لم يصدر حتى اللحظة قرار نهائي من مجلس الأمن القومي الإيراني بشأن تنفيذ قرار الإغلاق، رغم أن البرلمان أقرّه بشكل رسمي.
وبينما تواصل واشنطن تحذيراتها من خطورة الخطوة الإيرانية، تبدو طهران عازمة على استخدام ورقة مضيق هرمز كورقة ضغط استراتيجية، رغم التحذيرات المتكررة من أن أي تصعيد في هذا الاتجاه قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة، ويضرّ بمصالحها الاقتصادية قبل غيرها.
ما هو مضيق هرمز وما سبب أهميته الكبيرة للنفط؟
ذكر التلفزيون الإيراني الأحد أن القرار النهائي بشأن إغلاق مضيق هرمز يعود إلى أعلى هيئة أمنية في إيران، وذلك بعد أن أيد البرلمان هذا الإجراء ردا على قصف الولايات المتحدة مواقع نووية في طهران.
ومن شأن إغلاق إيران المضيق أن يُقيد التجارة ويؤثر على أسعار النفط العالمية. وسبق أن هددت طهران بإغلاقه دون أن تنفذ تهديدها.
وفيما يلي تفاصيل عن المضيق:
يقع المضيق بين عُمان وإيران ويربط بين الخليج شمالا وخليج عُمان وبحر العرب جنوبا.
يبلغ اتساعه 33 كيلومترا عند أضيق نقطة، ولا يتجاوز عرض ممري الدخول والخروج فيه ثلاثة كيلومترات في كلا الاتجاهين.
ما أهميته؟
يمر عبر المضيق نحو خمس إجمالي استهلاك العالم من النفط، وأظهرت بيانات من شركة فورتيكسا أن ما يقرب من 17.8 إلى 20.8 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات والوقود تدفقت عبر المضيق يوميا منذ بداية 2022 وحتى الشهر الماضي.
وتصدر السعودية وإيران والإمارات والكويت والعراق، الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، معظم نفطها الخام عبر المضيق، لا سيما إلى آسيا.
وتسعى الإمارات والسعودية إلى إيجاد طرق أخرى لتفادي عبور المضيق.
وذكرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في يونيو/ حزيران العام الماضي أن نحو 2.6 مليون برميل يوميا من طاقة خطوط الأنابيب الإماراتية والسعودية غير المستغلة قد تكون بديلا لمضيق هرمز.
وتنقل قطر، وهي من أكبر الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم، كل غازها الطبيعي المسال تقريبا عبر المضيق.
ويتولى الأسطول الأمريكي الخامس المتمركز في البحرين مهمة حماية الملاحة التجارية في المنطقة.
تاريخ التوتر
في عام 1973، فرض المنتجون العرب بقيادة السعودية حظرا نفطيا على الدول الغربية الداعمة لإسرائيل في حربها مع مصر.
وكانت الدول الغربية هي المشتري الرئيسي للنفط الخام الذي تنتجه الدول العربية حين ذاك، لكن اليوم، أصبحت آسيا المشتري الرئيسي لنفط أوبك.
وزادت الولايات المتحدة إنتاجها من السوائل النفطية أكثر من المثلين في العقدين الماضيين وتحولت من أكبر مستورد للنفط في العالم إلى واحدة من أكبر المصدرين.
وفي أثناء الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، سعى كل جانب إلى تعطيل صادرات الجانب الآخر فيما أطلق عليه “حرب الناقلات”.
في يوليو/ تموز 1988، أسقطت سفينة حربية أمريكية طائرة ركاب إيرانية، مما أدى إلى مقتل 290 شخصا كانوا على متنها. وقالت واشنطن إنه كان حادثا عرضيا وقالت طهران إنه هجوم متعمد.
في يناير/ كانون الثاني 2012، هددت إيران بإغلاق المضيق ردا على العقوبات الأمريكية والأوروبية. وفي مايو أيار 2019، تعرضت أربع سفن، من بينها ناقلتا نفط سعوديتان، لهجوم قبالة سواحل الإمارات خارج مضيق هرمز.
واحتجزت إيران ثلاث سفن، اثنتان في 2023 وواحدة في 2024، قرب مضيق هرمز أو في داخله. وجاءت بعض عمليات الاحتجاز عقب احتجاز الولايات المتحدة ناقلات مرتبطة بإيران.