Logo

وقف النار بين إيران وإسرائيل يعفي الحوثيين من التصعيد ضد أميركا

الرأي الثالث 

لم تُعلّق الجماعة الحوثية على الفور بخصوص دخول وقف النار بين إسرائيل وإيران حيّز التنفيذ، الثلاثاء، غير أن ذلك سيعفيها من تنفيذ تهديداتها بالعودة إلى مهاجمة السفن الأميركية في البحر الأحمر، في سياق ما وصفته سابقاً بالرد على قصف واشنطن لمفاعلات إيران النووية.

وإذ يُرتقب أن تلتقط الجماعة خطاب طهران المعلن «تحقيق الانتصار» على إسرائيل، كما هو حال بقية أذرع إيران في المنطقة، يتوقع مراقبون أن تواصل الجماعة إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه تل أبيب، في سياق ما تقول إنه مناصرة للفلسطينيين في غزة.

وكانت الجماعة أعلنت، عقب الهجوم الإسرائيلي على إيران في 13 يونيو (حزيران)، أنها ستساند طهران بكل ما تستطيع، لكنها لم تتبنَّ سوى مرة واحدة عملية إطلاق صواريخ، ما عكس محدودية قدراتها مقارنة بعشرات الصواريخ الإيرانية.

ومع دخول الولايات المتحدة على الخط وقيام قاذفاتها الشبحية، الأحد الماضي، بقصف المفاعلات النووية الإيرانية الثلاثة، كانت الجماعة الحوثية قد أعلنت استعدادها للعودة إلى مهاجمة السفن الأميركية في البحر الأحمر ضمن ما قالت إنه «مساندة لإيران»،

 إلا أن هذا التهديد بقي ضمن بيانات خطابية دون تنفيذ فعلي.
 
وتعهدت الجماعة المدعومة من إيران، في 6 مايو (أيار) الماضي، بعدم مهاجمة السفن الأميركية، عقب تلقيها أكثر من 1700 ضربة جوية وبحرية، وذلك إثر اتفاق توسّطت فيه سلطنة عمان،

 مقابل وقف الحملة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 15 مارس (آذار) الماضي.

واكتفى الحوثيون، منذ ذلك الوقت، بإطلاق الصواريخ من وقت لآخر باتجاه إسرائيل، معلنين نيتهم فرض حظر جوي على مطار بن غوريون. 

وفي المقابل، استهدفت إسرائيل مطار صنعاء الخاضع للجماعة وأخرجته عن الخدمة، كما دمّرت معظم أرصفة موانئ الحديدة الثلاثة، إلى جانب أربع طائرات مدنية ومصنعَي أسمنت وثلاث محطات كهرباء.

​تهديد الحوثيين بمهاجمة السفن الأميركية يُثير مخاوف اليمنيين

أثار إعلان جماعة الحوثيين في اليمن استعدادها للعودة لمهاجمة السفن والبوارج الأميركية في البحر الأحمر، بعد تعرض المفاعلات النووية الإيرانية لضربات دقيقة من قاذفات واشنطن الشبحية، ردود فعل غاضبة؛ إذ رأى الشارع اليمني في ذلك «دليلاً جديداً على انسلاخ الجماعة عن الهوية اليمنية، وإقرارها بالتبعية للنظام الإيراني».

وأبدى سكان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء تخوفهم من احتمالية تجدد الصراع وعودة الغارات الأميركية والإسرائيلية لاستهداف المدينة ومناطق أخرى في حال أقدمت الجماعة الحوثية على مهاجمة السفن الأميركية.

ويؤكد السكان في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» رفضهم القاطع للمساعي الحوثية التي قالوا إنها تهدف إلى الزج باليمن وشعبه في أتون صراعات جديدة تزيد من حدة تدهور الظروف، ولا تحقق لهم أي منفعة معيشية.

ويرى سمير وهو موظف في قطاع الصحة بصنعاء أن الإعلان الحوثي يعد بمثابة إشعال فتيل حرب جديدة يدفع ثمنها اليمنيون في مناطق سيطرة الجماعة في سبيل أجندة إيران.
 
وكانت جماعة الحوثيين أعلنت، الأحد، استعدادها لبدء مهاجمة السفن الأميركية في البحر الأحمر، وذلك بعد ساعات من قيام قاذفات واشنطن الشبحية بضرب المُفاعلات النووية الإيرانية، وهو ما يجعل الجماعة في مقدمة أذرع إيران الإقليمية التي تُهدد رسمياً بالمواجهة العسكرية مع الولايات المتحدة انتصاراً لإيران.

ومع عدم وجود يقين في أوساط المراقبين بأن الجماعة ستنفذ عملياً تهديداتها وتقوم بمهاجمة السفن الأميركية، قد يدفع ذلك في حالة حدوثه الرئيس الأميركي دونالد ترمب للعودة مجدداً إلى ضرب قدرات الجماعة العسكرية وملاحقة قادتها، كما حدث في المرة السابقة.

تعليمات إيرانية

يقول حسام وهو موظف في القطاع التجاري بصنعاء إن استعداد الجماعة مهاجمة السفن الأميركية في البحر الأحمر لا علاقة له بالدفاع عن اليمن أو السيادة الوطنية كما يدعي قادة الجماعة في خطاباتهم الإعلامية، بل يأتي ضمن تنفيذهم للأوامر الصادرة من نظام إيران للدفاع عنه، ومن أجل تنفيذ مشروعه التوسعي في المنطقة.

واستهجن الموظف معاودة الانقلابيين إقحام اليمن في صراع جديد مع واشنطن دفاعاً عن طهران، بينما لا يزال يدفع ملايين السكان أثماناً باهظة نتيجة الضربات الإسرائيلية والغربية السابقة التي استدعتها الجماعة.

ويرى ناشطون سياسيون في العاصمة صنعاء أن الأولى بجماعة الحوثيين أن تستجيب لنداءات السكان بمن فيهم الموظفون الحكوميون لجهة توفير أبسط الخدمات ودفع الرواتب، عوضاً عن «تسخير كل الجهود والأموال لمصلحة شن حروب عبثية».
 
وفي حين يرى الشارع اليمني في صنعاء في تهديد الحوثيين الجديد دليلاً إضافياً على تبعيتهم لنظام إيران، اتهم الناشطون السياسيون الجماعة بتجاهل معاناة ملايين السكان التي تسببت فيها مغامرات الجماعة.

وقبيل الضربة الأميركية على مفاعلات إيران النووية كان المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع قال في بيان متلفز إنه «لا يمكن السكوت على أي هجوم أميركي مساند لإسرائيل ضد إيران».

وزعم أن جماعته «تتابع وترصد التحركات في المنطقة ومنها التحركات المعادية» ضد الجماعة، وأنها «ستتخذ ما يلزم من إجراءات دفاعية مشروعة»، حسب قوله.

إلى ذلك نقل الإعلام الحوثي تصريحات لمهدي المشاط وهو رئيس مجلس حكم الجماعة الانقلابي، بأن جماعته ستعمل «على التصدي ومواجهة أي مشاركة في العدوان على إيران بكل الطرق المشروعة» على حد تعبيره.