Logo

المجاعة بغزة تتفاقم... وأكثر ضحاياها من الرضع نتيجة سوء التغذية

الرأي الثالث - وكالات

 في ظل قصف متواصل ونسف للمنازل، تتفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة مع استمرار العدوان الإسرائيلي بوتيرة متصاعدة. 

فقد أعلنت وزارة الصحة في غزة، السبت، عن استشهاد 81 شخصاً وإصابة 422 آخرين خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، ليرتفع إجمالي حصيلة الشهداء منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى 56,412 شهيداً، فيما تجاوز عدد المصابين 133,000. 

وفيما لم تهدأ الغارات، أعلنت مصادر قريبة من حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" عن استشهاد "أبو عمر السوري"، أحد أعضاء المجلس العسكري للحركة، في غارة استهدفته جنوبي مدينة غزة، 

وأفاد الناشطون أن القائد العسكري السوري لم يكن معروفاً في الأوساط الغزية، وأن استهدافه جرى دون إعلان مسبق من الحركة.

على الجبهة الميدانية، أعلنت كتائب القسام عن استهداف أربع حفّارات هندسية إسرائيلية بقذائف "الياسين 105" شرقي مدينة خانيونس، مشيرة إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف جنود الاحتلال، ونزول مروحيات إسرائيلية للإخلاء في موقع العملية. 

وفيما تتواصل الاشتباكات، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إنّ بلاده تبذل جهوداً حثيثة، بالتنسيق مع وسطاء دوليين، للاستفادة من وقف إطلاق النار الأخير بين إيران وإسرائيل للدفع باتجاه تهدئة في غزة. 

وأضاف في تصريح لوكالة "فرانس برس" أن هذه اللحظة قد تمثّل "فرصة لا ينبغي إضاعتها"، في ظل زخم إقليمي متجدّد، مشيراً إلى أن فشل استغلال هذه الفرصة قد يكرّس مزيداً من الانهيار في مسار التهدئة.

سياسياً، تواصلت الضغوط على حكومة الاحتلال من الداخل، إذ طالبت عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة بعقد اتفاق تبادل يُفضي إلى إطلاق سراحهم دفعة واحدة. 

وجاء ذلك خلال لقائهم بوزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في أول لقاء لهم معه منذ توليه منصبه في يناير/ كانون الثاني الماضي، بحسب ما أوردت صحيفة "معاريف" العبرية. 

وتزامن اللقاء مع تضارب في التصريحات الإسرائيلية بشأن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول إمكانية التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق نار في غزة خلال الأسبوع المقبل، إذ نفى عدد من المسؤولين الإسرائيليين وجود أي تقدم في المفاوضات، 

فيما كشفت القناة 12 العبرية أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يستعد لزيارة البيت الأبيض قريباً في محاولة لدفع خطة صفقة تبادل شاملة تتضمن إنهاء الحرب.

المجاعة بغزة تتفاقم... وأكثر ضحاياها من الرضع نتيجة سوء التغذية

تتفاقم الأزمات الإنسانية في قطاع غزة، خصوصاً مع استمرار المجاعة بنسب متفاوتة في ظل إدخال المساعدات بشكل غير منظم، وتعرضها في أحيان كثيرة للنهب والسرقة من قبل عصابات اللصوص، وسيطرة المواطنين عليها في بعض الأحيان، الأمر الذي يفاقم الواقع المعيشي للأطفال والنساء وكبار السن بشكل خاص، ويعرضهم لخطر حقيقي.

وخلال الأيام الأربعة الأخيرة، توفي كثير من الأطفال؛ نتيجة سوء التغذية، وعدم قدرة الجهات الصحية على تقديم أفضل علاج ممكن لهم؛ نتيجة فقدان المستشفيات المستلزمات الطبية اللازمة في مواجهة هذه الأزمة التي تتفاقم من حين إلى آخر.

ولعل ما أسهم في تفاقم مثل هذه الأزمات، سرقة شاحنات أدوية ومكملات غذائية صحية للأطفال، من قبل عصابات اللصوص، وبعض المتجمهرين عند نقاط دخول المساعدات، بينما لم تقدم «مؤسسة غزة الإنسانية»، الأميركية المدعومة إسرائيلياً، أي حلول حقيقية يمكن أن تسهم في استقرار الأوضاع إنسانياً بغزة.

وقالت مصادر طبية فلسطينية إنه خلال يومَي الخميس والجمعة، توفي 4 أطفال رُضَّع، هم الرضيعة جوري المصري (3 أشهر) من سكان دير البلح، وكندة الهمص (10 أيام) من خان يونس، وكذلك نضال شراب (5 أشهر) من المدينة ذاتها، وأحمد طليب (شهران) من سكان حي الصبرة جنوب مدينة غزة.

وبحسب تلك المصادر، فإن الأطفال الرُّضَّع الأربعة توفوا نتيجة عدم توافر حليب طبي خاص يستخدم دعماً غذائياً لمثل هذه الحالات، إلى جانب نقص أدوية أخرى، في ظل حاجتهم إليها، مع نقص المكملات الغذائية أو أي مواد غذائية صحية تسهم في تحسين وضعهم.

وقال محمود شراب، والد الطفل نضال، إن طفله وُلد في ظروف صحية صعبة، مشيراً إلى أن والدته كانت تعاني هي الأخرى من سوء التغذية لعدم توافر مواد غذائية تناسب صحتها في فترة الحمل، الأمر الذي تسبَّب في مضاعفات لديها، وتأثر بها طفله.

وأشار إلى أنه منذ ولادة طفله واجه كثيراً من المشكلات الصحية؛ بسبب سوء التغذية، وعدم توافر حليب طبي يساعده على تحسين وضعه الصحي، مشيراً إلى أن والدته لم تستطع إرضاعه طبيعياً؛ نتيجة الظروف القاسية التي مرَّت بها بفعل المجاعة التي تضرب قطاع غزة.

وأضاف: «ما ذنب أطفالنا يموتون جوعاً، وأمهاتهم ونحن آباءهم بالكاد أيضاً نستطيع الوقوف أو التحرك لعدم توفر الطعام لدينا»، موجهاً مناشدته لكل العالم للتحرك السريع من أجل إنقاذ ما تبقَّى من أطفال غزة في ظل المجاعة التي تجتاح القطاع.

ووفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فإن 66 طفلاً توفوا نتيجة سوء التغذية الحاد، منذ بداية الحرب الحالية، وذلك بفعل استمرار الاحتلال الإسرائيلي في إغلاق المعابر، ومنع إدخال حليب الأطفال والمكملات الغذائية المخصصة للفئات الهشة والضعيفة، لا سيما للرُّضَّع والمرضى.

وهذا العدد من الأطفال الرُّضَّع جزء من أصل 249 فلسطينياً توفوا بسبب نقص الغذاء والدواء، الذي طال أيضاً النساء وكبار السن. وفق إحصاءات حكومية وحقوقية من داخل القطاع.

وعدّ المكتب هذا السلوك «يمثل جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية، ويكشف عن تعمد الاحتلال الإسرائيلي استخدام التجويع سلاحاً لإبادة المدنيين، خصوصاً الأطفال، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقات جنيف».

وأدان بشدة هذه الجرائم المستمرة بحق أطفال غزة، مستنكراً الصمت الدولي تجاه معاناتهم، وتركهم ليكونوا «فريسة للجوع والمرض والموت البطيء»، 

محملاً إسرائيل والولايات المتحدة المسؤولية الكاملة عن هذه «الكارثة»، كما وصفها. ودعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول العربية والإسلامية إلى التدخل العاجل، والضغط على الاحتلال؛ لفتح المعابر فوراً، والسماح بدخول الإمدادات الغذائية والطبية، وإنقاذ ما تبقَّى من الأطفال والمرضى قبل فوات الأوان.
 
وقال منير البرش، المدير العام لوزارة الصحة بغزة، إن آلاف الأطفال في قطاع غزة يعانون من سوء التغذية الحاد، وقد يموتون في أي لحظة جوعاً؛ نتيجة استمرار منع المساعدات، مشدداً في تصريحات متلفزة على أن إنقاذ الأطفال لن يكون إلا بإعادة فتح المعابر.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن نحو 112 طفلاً فلسطينياً يدخلون المستشفيات بقطاع غزة يومياً لتلقي العلاج من سوء التغذية منذ بداية العام الحالي.

وأوضح المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في تصريح صحافي له يوم الجمعة، أن الوضع في غزة التي تتعرَّض لهجمات إسرائيلية مكثفة وحصار خانق «تَجاوَزَ مرحلة الكارثة»،

 مشيراً إلى ممارسة 17 مستشفى العمل جزئياً من أصل 36 في القطاع، وعدم وجود مستشفى في شمال غزة أو في رفح جنوب القطاع.

ولفت إلى أن 500 شخص قُتلوا في أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء في نقاط توزيع المساعدات الإنسانية التي تتبع الولايات المتحدة وإسرائيل.

وذكر غيبريسوس أن منظمة الصحة العالمية تمكَّنت بشكل «محدود للغاية» من الوصول إلى غزة للمرة الأولى هذا الأسبوع بعد 2 مارس (آذار) الماضي.

ويواجه القطاع الصحي بغزة واقعاً مأساوياً بفعل العدوان الإسرائيلي المستمر، وتضييق الخناق على إدخال المعدات والمستلزمات الطبية ومنها الأدوية، والوقود وغيرهما؛ لإبقاء هذه المستشفيات تعمل، بجانب الاستهدافات المتعمدة من حين إلى آخر، ما أخرج كثيراً منها عن الخدمة.