Logo

حزب العمال الكردستاني يبدأ تسليم سلاحه في السليمانية شمالي العراق

الرأي الثالث - وكالات

بدأ حزب العمال الكردستاني اليوم الجمعة تسليم سلاح مجموعة من عناصره في فعالية أقيمت داخل كهف "جاسنة" بمدينة السليمانية ثاني أكبر مدن إقليم كردستان العراق، وسط استعدادات أمنية واسعة، وبحضور وفود أجنبية منها الوفد التركي. 

وأعلن حزب العمال الكردستاني حل نفسه وإلقاء السلاح الذي تبناه خيارا وحيدا في صراعه مع الدولة التركية، وذلك استجابة لدعوة مؤسسه المسجون عبد الله أوجلان، والتي على إثرها عقد مؤتمره العام في 5-7 مايو/أيار الماضي، وصوّت بالأغلبية على قرار الحل.

خطوة اليوم التي سيشارك فيها نحو 30 مقاتلا من الحزب، تتضمن إلقاء الأسلحة والإعلان عن تخليهم عن العمل المسلح، في مراسم رمزية للتأكيد على القرار الذي ستعقبه إجراءات طويلة ربما تستمر حتى نهاية العام الحالي. 

ومن المرتقب أن تكون خطوة اليوم، البادرة الأولى لإسدال الستار على صراع استغرق 47 عاماً، وكبّد الجانبين التركي و"الكردستاني" عشرات آلاف القتلى والجرحى. 

وكانت المرحلة الحالية قد انطلقت في بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ومرت بمحطات عديدة، منها لقاءات مع أوجلان في محبسه، ودعوات من الأخير للحزب إلى حل نفسه وتسليم سلاحه، وصولاً إلى استجابة الحزب لدعوة مؤسسه.
 
وقال مسؤول كردي رفيع في أربيل ، أن وفودا أوروبية وأخرى تركية وصلت إلى إقليم كردستان منذ ليلة أمس للمشاركة في الفعالية، 

مؤكدا أن الحكومة العراقية في بغداد، سهّلت إتمام العملية عبر الاتفاق على آليات مختلفة، تضمن تسليما سلسا وتدريجيا لسلاح حزب العمال الكردستاني.

 وأشار المسؤول إلى أن تفاصيل أخرى تتعلق بالسلاح الثقيل الموجود لدى الحزب، ولمن سيؤول هذا السلاح، ما زالت غير محسومة حتى الآن.

وأضاف المسؤول أن "الاتفاق حُسم فيما يتعلق بمصير مقاتلي الحزب، بشأن عودتهم إلى بلادهم في تركيا، أو اختيار بلد ثالث للانتقال إليه، وهناك تسويات واسعة في هذا الإطار، لمن لم يثبت تورطه بعمليات أفضت إلى ضحايا من الجيش التركي أو المدنيين"، وفقا لقوله،

 واصفا الأيام الحالية، بأنها "تاريخية، كونها تشهد بداية صفحة جديدة من الكفاح الكردي الذي بدأ بعد الحرب العالمية الأولى، وتقسيم دول المنطقة، وتوزيع القومية الكردية على أربع دول".

وبشأن الانعكاسات على الإقليم، قال "ستكون إيجابية، انتهاء الصراع يعني عودة الحياة لمئات القرى الحدودية العراقية مع تركيا التي هجرها أهلها منذ سنوات، ونأمل أن تلتزم أنقرة فورا بوعد انتهاء القصف والعمليات الحربية مع خطوة هذا اليوم الجمعة".
 
في الأثناء، قال مستشار الأمن القومي العراقي، بهاء الأعرجي، أنه "تم تكليف وفد رفيع المستوى من جهاز المخابرات العراقي، ممثلا رسميا للحكومة العراقية ببغداد، للمشاركة في مراسم إلقاء السلاح"، 

وفقا لتصريحات أدلى بها للصحافيين في مدينة أربيل اليوم الجمعة. فيما أكدت محطة تلفزيون كردية مقربة من حكومة أربيل، أن الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني من بين الأطراف الرئيسية التي تمت دعوتها رسمياً من قبل حزب العمال الكردستاني، 

كما أن وفودا من أوروبا والولايات المتحدة تضم أكثر من 30 شخصاً من برلمانيين وأكاديميين وسياسيين، ستشارك أيضاً، وقد وصل بعضهم بالفعل إلى إقليم كردستان، وفقا لتلفزيون "روداوو"، الكردي العراقي.
 
كما أكدت مصادر عراقية كردية ، وصول وفد تركي أمني وآخر برلماني إلى إقليم كردستان للمشاركة بالفعالية التي سيغيب عنها البث المباشر من وسائل الإعلام، لأسباب أمنية، مع الاكتفاء بتصوير الحدث من الجهة المنظمة ذاتها. 

وفي الأول من تشرين الأول الماضي، أعلنت الدولة التركية مبادرة لإطلاق عملية سلام داخل تركيا، أطلقت عليها اسم "عملية منع الإرهاب"، بينما أطلق عليها حزب العمال الكردستاني اسم "عملية السلام والديمقراطية".

وبعد زيارات متكررة من وفد حزب "المساواة وديمقراطية الشعوب"، إلى عبد الله أوجلان في سجن إمرلي، دعا زعيم حزب العمال الكردستاني، في 27 فبراير/شباط من هذا العام، حزبه إلى عقد مؤتمر، وإلقاء السلاح، وحلّ نفسه. 

واستجابةً لدعوة أوجلان، عقد الحزب مؤتمره الثاني عشر بين 5 و7 مايو/أيار، وقرّر خلاله حلّ نفسه وإنهاء الكفاح المسلح. وقد رحّب الرئيس التركي أردوغان، وعدد من الأحزاب التركية بدعوة أوجلان، في وقت دخلت فيه العملية مرحلة جديدة لا تزال مستمرة حتى الآن.

وقال الخبير بالشأن الكردي، سلام الجاف ، إن فعالية اليوم رمزية، وهي بمثابة إطلاق قذائف المدفعية إيذانا ببدء حدث ما، مضيفا أن ترسانة حزب العمال الكردستاني المعقدة والتي تشمل طائرات مسيرة وصواريخ وقذائف، وُضعت ضمن جدول أعمال بغداد وأنقرة وأربيل، للاتفاق على مصير هذا السلاح وآلية لتسليمه. 

ولفت إلى أن عملية تمشيط الجبال والمناطق العراقية الوعرة في إقليم كردستان وإعلان خلوها من الأنشطة المسلحة، مهمة ليست سهلة، 

"لذا نتوقع أن تستمر الأمور حتى نهاية العام، هذا في حال لم تحدث انتكاسة بالعملية الحالية"، 

مؤكدا أن فعالية اليوم الجمعة، جعلت الخطوة الثانية على عاتق تركيا، والمتمثلة في البدء بوقف القصف والعمليات البرية، وإنهاء محاصرة بعض المناطق الجبلية التي يوجد بها مقاتلو الحزب، وإعادة النظر بوضع مؤسس الحزب عبد الله أوجلان. 

وأشار إلى أن "هذه الخطوة قد لا تحدث دفعة واحدة إنما على شكل خطوات".

وبشأن مصير الحزب وكتلته البشرية، قال الجاف إنه من المبكر الحديث الآن عن هذا الموضوع لكن الأغلب أن تكتلا سياسيا كرديا سيكون امتدادا سلميا له، وضمن الشروط التي تفرضها الحكومة التركية"، معتبرا أن "العراق عامة وإقليم كردستان خاصة، بوصفه أرض صراع سيكون الرابح الأكبر من حسم هذا الملف، بعد الدولة التركية".