Logo

مطالبة بتفكيك منظومة الفساد قبل إعادة تصدير النفط اليمني

الرأي الثالث - متابعات

 طالب خبراء اقتصاد في اليمن بتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي شامل وفاعل يستهدف ضبط الموارد العامة، ومنع تسربها وهدرها المستمر، وتفكيك منظومة الفساد قبل إعادة فتح ملف تصدير النفط الخام الذي توقف منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2022. 

وتلقي الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً باللوم على جماعة الحوثي في الأزمات الاقتصادية المتفجرة في اليمن، وفي انهيار العملة المحلية المتسارع والمقلق، بسبب استهدافها لموانئ تصدير النفط الخام في شبوة وحضرموت جنوب شرق البلاد.

وقد فشلت كل محاولات اليمن خلال السنوات الثلاث الماضية في رفع الحظر وإعادة تصدير النفط، إذ تصر جماعة الحوثي في صنعاء على ضرورة التوافق على خطة شاملة لتقاسم وإدارة عائدات النفط. 

أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، محمد علي قحطان، أكد أن غياب القدرة على استعادة الدولة يجعل ملف إعادة تصدير النفط والغاز ملفًا معلقًا، موضحًا أن شركات الإنتاج والتصدير هي برأس مال أجنبي ولن تعود دون وجود دولة فاعلة.

في المقابل، شكك خبراء في ما تذهب إليه حكومة اليمن من أن توقف تصدير النفط وحرمانها من عائداته المالية هو السبب الوحيد لتدهور سعر صرف الريال اليمني في مناطق إدارتها، وتدهور الخدمات، خصوصًا الكهرباء، التي زادت من معاناة المواطنين.

 الخبير الاقتصادي عبد المجيد البطلي، وهو مسؤول سابق في قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية الحكومية، أكد أن أسباب تدهور العملة المحلية ليست فقط في توقف عائدات النفط، بل هناك عوامل أخرى كثيرة تؤثر في سعر الصرف.

وأشار البطلي إلى أهمية أن يرتبط تصدير النفط بتسوية اقتصادية تضمن توزيع العائدات على المحافظات وفق معايير تراعي حجم السكان، معتبرًا أن تصدير الغاز أقل جدوى مقارنة باستخدامه محليًا. 

من جانبه، ربط قحطان استمرار تدهور سعر العملة الوطنية بعدة عوامل، بينها الفساد، وانفلات موارد الدولة، وانهيار الجهاز المصرفي، وانقسام العملة، بالإضافة إلى الإنفاق المفتوح داخليًا وخارجيًا لقيادات الشرعية.
 
وتؤكد الحكومة اليمنية المعترف بها أنها خسرت أكثر من مليار ونصف دولار منذ توقف تصدير النفط الخام من الموانئ الشرقية، بسبب استهداف الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيرة، مع تهديدهم المستمر بعدم السماح باستئناف التصدير قبل أي اتفاق.
 
الباحث الاقتصادي عبدالواحد العوبلي أشار إلى أن الخسائر التي تتحدث عنها حكومة اليمن هي في النفقات وليس الإيرادات، مؤكداً أن الإصلاح الحقيقي يجب أن يبدأ من معالجة هذا الخلل.

وحذر العوبلي من أن استئناف تصدير النفط في الظروف الراهنة قد يعزز نفوذ وتمرد المناطق المنتجة في مأرب وحضرموت وشبوة، كما قد يفاقم الفساد والتسيب الإداري. 

وأشار إلى أن الحكومة عاجزة عن ضبط النفقات المتعلقة بشراء المشتقات النفطية، والرواتب المدفوعة بالدولار، والمنح الخاصة، كما تعجز عن التحكم في إيرادات المنافذ والمطارات والموانئ والضرائب والجمارك، 

مما يعني أن أي إيرادات قد تصل ستتبخر بفعل التسرب والفساد.

من جهته، أضاف قحطان أن بقاء قيادات مؤسسات الشرعية وعائلاتهم في الخارج يستنزف أرصدة الدولة من العملات الأجنبية، ويدفع رجال المال والأعمال للبحث عن استقرار مالي خارج اليمن، ما يؤدي إلى تسرب المزيد من العملات الأجنبية للخارج. 

وفي اجتماعها الأخير في عدن، استعرضت الحكومة تقارير قدمها عدد من الوزراء حول أداء القطاعات الخدمية، والخطط الطارئة لمواجهة تدهور سعر الصرف والانقطاعات الكهربائية الحادة في العاصمة المؤقتة وعدد من المحافظات.

وكان المجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، وهو تحالف سياسي يضم مختلف المكونات والتحالفات في إطار الحكومة الشرعية، حمّل الحوثيين مسؤولية الانهيار الاقتصادي،

 واعتبره نتيجة مباشرة لانقلابهم واستهدافهم لموانئ النفط. كما أشار المجلس إلى غياب السياسات المالية الرشيدة، وتفكك المنظومة المالية، وتسرب الموارد خارج الأوعية القانونية، مما أدى لاختلال ميزان المدفوعات وفقدان الثقة بالسلطات النقدية.

 وحذر المجلس من خطورة استمرار الوضع الراهن دون تدخل عاجل يعيد للدولة هيبتها المالية ويخفف من معاناة المواطنين.
 
وقال في بلاغ عاجل عقب اجتماع طارئ، اطلع عليه "العربي الجديد"، إن الانهيار المتسارع للعملة الوطنية، وتدهور قيمتها الشرائية، وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق،

 يثقل كاهل المواطن ويوسع دائرة الفقر والعجز المعيشي، في ظل غياب المعالجات، ما أدى إلى موجة احتجاجات شعبية مشروعة، منها الاحتجاجات النسوية التي تعمّ عدة محافظات. 

ودعا المجلس القيادة الرئاسية والحكومة إلى تحمل مسؤولياتهم واتخاذ إجراءات ضرورية، من بينها السيطرة التامة على الموارد، وضمان الاستخدام الأمثل للتدفقات النقدية الأجنبية، وتعزيز القوة الشرائية للعملة الوطنية، وضبط السياسة النقدية.

كما طالب بإصلاح قطاع الخدمات عموماً، وقطاعي الكهرباء والمياه خصوصاً وبسرعة، ووقف عقود شراء الطاقة، والتوجه نحو شراكات فاعلة مع دول الخليج والدول الصديقة لاستثمار المنح والمشاريع في دعم البنية التحتية الأساسية.

 واختتم قحطان تحذيره بالقول إن استمرار عجز مكونات الشرعية وفسادها سيؤدي إلى المزيد من تسرب العملات الأجنبية، وانهيار قيمة العملة الوطنية، وارتفاع معدلات التضخم والفقر والبطالة، وتصاعد الاحتجاجات الشعبية.

محمد راجح