Logo

تسونامي الغلاء يجتاح محافظة المهرة .. التوترات تفاقم أزمة الواردات

الرأي الثالث

 تشهد محافظة المهرة الاستراتيجية أقصى شرقي اليمن المحاذية لسلطنة عمان توترات تصاعدت كثيراً مؤخراً على خلفية اعتقال إحدى الشخصيات القبلية أثناء محاولتها السفر من منفذ شحن بري إلى مسقط، 

حيث تسبب إغلاق مطار صنعاء في تضييق خيارات السفر ولجوء البعض إلى التنقل البري للسفر عبر منافذ محافظة المهرة. يأتي ذلك في الوقت الذي يشكو معظم سكان المهرة، 

كما هو الوضع في اليمن بشكل عام، من تبعات التردي الاقتصادي وانهيار العملة المحلية وتفاقم الأوضاع المعيشية، 

إذ تشكل أسعار السلع بمختلف أنواعها هاجسا أرق المواطنين خلال الفترة الماضية، مع انعكاس التوترات التي تشهدها هذه المحافظة ذات الموقع الاستراتيجي في اليمن من وقت على الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار.

هذا الموقع الاستراتيجي جعلها في موضع اهتمام لافت حيث برزت كوجهة رئيسية للكثير من التجار والمستوردين والمصدرين للمنتجات الزراعية وغيرها خاصة من مناطق شمال اليمن حيث المنافذ البرية الحدودية مغلقة،

 إضافة إلى الوضعية الأخيرة لميناء الحديدة المتضرر من العدوان الإسرائيلي الذي يستهدفه من وقت لأخر، مع تفضيل تجار ومستوردين استخدام منافذ وموانئ المهرة عوضاً عن ميناء عدن. 

يقول التاجر أحمد الصراري، إن التوترات تؤثر على عملية استخدام منافذ المهرة التي يفضلها الكثير من التجار المستوردين والمصدرين بسبب استعمالهم لموانئ سلطنة عمان بسبب الأوضاع المعقدة في الموانئ اليمنية منذ بدء الصراع في اليمن العام 2015.

وفي الوقت الذي يشكو تجار من إجراءات التفتيش في المنافذ والتأخير للشحنات لسلع قد لا تحتمل ذلك ويؤدي إلى تلفها حيث ينطبق ذلك على المنتجات التي يتم تصديرها من منافذ المهرة كالمنتجات الزراعية؛

 تؤكد السلطات المحلية المعنية التابعة للحكومة المعترف بها دولياً أن هناك إجراءات ضرورية لضبط تهريب الممنوعات حيث تعلن من وقت لأخر عن ضبط شحنات من الممنوعات في منافذ المهرة البرية والبحرية. 

في المقابل، يشكو سكان المهرة من الغلاء وارتفاع أسعار معظم السلع التي يُسعر كثير منها بالريال السعودي، 

إذ يصف أحد المواطنين ، الأسعار في المهرة بالجحيم الذي لا يستطيع المواطنون احتماله فهي مضاعفة بنسبة كبيرة مقارنة بالمحافظات الأخرى حتى القريبة من المهرة.

ويرصد ، ذلك في أسواق المهرة حيث يتم تسعير السلع كالملابس والأدوات الكهربائية والمنزلية وحتى بعض أصناف السلع الغذائية بالعملات الأجنبية كالريال السعودي، 

وهذا لا يقتصر فقط على المهرة بل على محافظات أخرى خصوصاً في جنوب اليمن، لكنه طاغ بشكل كبير في المهرة لخصوصيتها كمنطقة حدودية ونسبة الاغتراب المرتفعة في أوساط السكان بالمحافظة.
 
في السياق، يؤكد عبدالله بخاش، عميد كلية الإعلام في جامعة المهرة، أن الوضع المعيشي غير مستقر في البلاد بشكل عام وليس في المهرة فقط بسبب الحرب وتدهور أسعار الصرف والفجوة بين مستوى الدخل المعيشي والقدرة الشرائية،

 لكن بالنسبة للمهرة الأسعار تجدها أغلى مقارنة بالأسعار في عدن أو في حضرموت. 

ويعود السبب في ذلك إلى كون المهرة منطقة بعيدة وحدودية وهذا يؤدي إلى طول فترة وصول السلع إليها من المحافظات الأخرى، 

على سبيل المثال المنتجات الزراعية كالخضروات والفاكهة بالنظر إلى أن المهرة محافظة غير زراعية؛ والتي يتم نقلها من مناطق مثل صنعاء وذمار، أو حتى أبين وعدن حيث المسافة بعيدة وشاسعة وهذا بالطبع يضاعف التكاليف والأسعار.
 
ينطبق ذلك على الملبوسات فالحياة المعيشية مرتفعة بشكل لا يطاق وهذا يؤثر على القدرة الشرائية وتحديد الأولويات منها. ويرى اقتصاديون أن الأسعار مرتفعة ودخل الفرد لا يمّكن الأسر من توفير جميع احتياجاتها الضرورية الغذائية والاستهلاكية، 

مع تدهور القدرة الشرائية بشكل كبير لدى غالبية شرائح المجتمع، فالموظف الذي يستلم راتبا أو حتى العامل العادي بالأجر اليومي أو الموظف في القطاع الخاص، 

حتى الباعة والقطاع التجاري يتأثر بسبب هذا الوضع لأن حركة السوق في الأخير قائمة على العرض والطلب.

بدوره، يشير بخاش إلى مشكلة اضطراب العملة كعامل مؤثر بشكل كبير حيث طاولت تبعاته الجانب التجاري والأسواق وبيع السلع، 

ناهيك عن أن السلع أصبحت بسبب ذلك يتم تسعيرها بالريال السعودي وهذا لا يتوقف على المهرة فقط بل على محافظات أخرى في جنوب اليمن بدرجة رئيسية. 

ويشهد اليمن ارتفاعا متواصلا في أسعار السلع الغذائية الأساسية في عموم مدن ومحافظات البلاد، وسط تحذيرات منظمات أممية من أن ارتفاع أسعار الاحتياجات الأساسية سيؤدي إلى الحّد من إمكانية حصول معظم الأسر الفقيرة في اليمن على كفايتها من الغذاء، 

وبالتالي زيادة معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي الحاد في العديد من المحافظات اليمنية.

محمد راجح