Logo

المجاعة تزداد شراسة في غزة رغم دخول مساعدات

الرأي الثالث - وكالات

أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، مساء أمس، أن 73 شاحنة فقط دخلت إلى القطاع ، منوهًا إلى أن "عمليات الإنزال سقطت في مناطق قتال خطرة".

 وقال المكتب في بيان، إن المجاعة تزداد شراسة في قطاع غزة والاحتلال يواصل جرائم الإبادة، مبينا أن القطاع يعاني من مجاعة شرسة تتوسع وتتفاقم بشكل غير مسبوق، وتطال 2.4 مليون إنسان، بينهم 1.1 مليون طفل.

وبدأت شاحنات المساعدات الغذائية والإنسانية القادمة من مصر والأردن والإمارات بالدخول تباعاً إلى قطاع غزة عبر موقع زيكيم الإسرائيلي ومعبر كرم أبو سالم، وذلك لأول مرة منذ الثاني من مارس/آذار الماضي، 

ما يعني دخولها بعد انقطاع كامل دام نحو خمسة أشهر، ما خلّف أزمة إنسانية وصحية واقتصادية غير مسبوقة.

وضمّت القوافل، التي دخلت كميات محدودة منها حتى الآن وفي انتظار زيادتها تباعاً، كميات من الطحين والمواد الغذائية والسلع التموينية وحليب الأطفال والأدوية والمياه المعدنية، في محاولة لتخفيف حدّة المجاعة التي اجتاحت القطاع، وباتت حديث العالم في الأيام الأخيرة،

 إلّا أن مراقبين أكدوا أن هذه المساعدات لن توقف المجاعة التي تحتاج إلى فتح كامل للمعابر ودخول ما لا يقل عن 600 شاحنة يومياً.

يأتي ذلك في ظلّ هدنة جزئية أعلن عنها الاحتلال. وفي هذا السياق، قال رئيس شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة، أمجد الشوا، إنّ إعلان جيش الاحتلال "هدنة إنسانية" في قطاع غزة، يتعلق بهدنة جزئية محدّدة بساعات عدّة من أجل تأمين دخول المساعدات، 

وأوضح في اتصال مع وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) أن ذلك ينطبق في مواقع عدّة فقط حدّدها جيش الاحتلال، وهي المناطق ذات الكثافة السكانية العالية التي تستقبل الآلاف من النازحين، وفي مقدمتها المواصي ودير البلح.
 
وكانت مئات الشاحنات قد تحركت من الجانب المصري عبر معبر رفح باتجاه معبر كرم أبو سالم، صباح أمس الأحد، وسط إجراءات تنسيقية مكثفة مع الأمم المتحدة وجهات إنسانية.

 وجاء ذلك في وقت اعتُبرت فيه هذه الخطوة الأولى في طريق طويل لاستعادة الحد الأدنى من تدفق الإغاثة، بعدما كانت إسرائيل قد سمحت خلال الشهور الماضية بدخول أعداد محدودة جداً من الشاحنات عبر ما تعرف بـ"مراكز المساعدات الأميركية"، والتي لم تغطِّ سوى 5% من الاحتياجات الفعلية للسكان.
 
وتأتي هذه الخطوة بعد موجة انتقادات دولية ونداءات إنسانية عاجلة طالبت بإنهاء الحصار، خاصة مع تفاقم الأزمة المعيشية وبلوغ أسعار السلع الأساسية مستويات قياسية، 

إذ تضاعفت أسعار المواد الغذائية بنسب تتراوح بين 1000% و8000% مقارنة بفترة وقف إطلاق النار في فبراير/ شباط الماضي.

ومع بدء دخول الشاحنات إلى قطاع غزة، شهدت الأسواق المحلية تراجعاً ملحوظاً في أسعار بعض السلع الأساسية وفق تجار ومستهلكين، إذ انخفض سعر كيلو الطحين من 55 شيكلاً إلى أقل من 20 شيكلاً، في مؤشر على بدء تعافٍ محدود للسوق. 

ويتوقع هؤلاء أن تستمر الأسعار في الهبوط داخل أسواق القطاع إذا استمر تدفق المساعدات الغذائية بانتظام خلال الأيام المقبلة.

وحسب تقرير سابق للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الفلسطيني، تشهد مستويات الأسعار تقلباً حاداً بين الارتفاع والانخفاض في قطاع غزة، مرتبطة بتطورات العدوان الإسرائيلي وحركة المعابر التجارية، وليست نتيجة تغيرات ناتجة عن تفاعل عوامل السوق، 

وبالتالي يكون تأثيرها كبيراً على الرقم القياسي العام للأراضي الفلسطينية.

وقال التقرير: هذه المعطيات لابد من أخذها بعين الاعتبار عند قراءة مؤشر غلاء المعيشة، حيث يتم التركيز على تغير غلاء المعيشة على مستوى المنطقة، للوقوف على حقيقة التغير فيها،

 ونظراً لخصوصية هذه المرحلة الاستثنائية، يستخدم متوسط الرقم القياسي العام للأراضي الفلسطينية، ليمثل متوسط التغيرات على مستوى المناطق المختلفة، نظراً للتباين الحاد في البيانات مناطقيا، وتأثرها بشكل كبير بتغيرات الأسعار في قطاع غزة.

منع دخول 81 ألف شاحنة

قالت الأمم المتحدة إنّ نحو ثلث سكان غزة محرومون من الطعام، محذرة من أزمة إنسانية تزداد تفاقماً، بينما أفاد برنامج الغذاء العالمي أن هناك 90 ألف امرأة وطفل بحاجة عاجلة لعلاج سوء التغذية، 

وقد يواجه ما يقرب من نصف مليون شخص "جوعاً كارثياً" بحلول سبتمبر/ أيلول المقبل.

بدوره، قال مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، إنّ الاحتلال أغلق المعابر كافّة مع القطاع لمدة 148 يوماً متواصلة، ومنع خلالها دخول 81.4 ألف شاحنة مساعدات إنسانية ووقود، 

واستهدف مباشرةً 46 تكية طعام و58 مركزاً لتوزيع المساعدات، في محاولة لفرض سياسة "التجويع الممنهج".
 
وأضاف الثوابتة : "الاحتلال نفذ 121 هجوماً على قوافل الإغاثة، في وقت استشهد فيه 1121 وأصيب 7485 شخصاً، إلى جانب 48 مفقوداً، في "مراكز المساعدات الأميركية-الإسرائيلية" بسبب المجازر بحق منتظري المساعدات.

وأشار إلى أن قطاع غزة يواجه كارثة إنسانية حقيقية، مؤكداً أن الحل الجذري هو كسر الحصار وفتح المعابر فوراً دون شروط، لتأمين تدفق دائم لحليب الأطفال والمساعدات والوقود، 

لافتاً إلى أن القطاع يحتاج إلى 600 شاحنة إغاثية يومياً، و250 ألف علبة حليب شهرياً لإنقاذ الرضّع من سوء التغذية، مشدداً على أن أي خطوات جزئية أو مؤقتة لن تكون كافية لكسر حالة المجاعة المتفشية.

وضع اقتصادي هش

من جانبه، قال المختصّ في الشأن الاقتصادي، نسيم أبو جامع، إنّ دخول المساعدات يعد خطوة مهمة لتخفيف حدة المجاعة، لكنها لا تمثل حلاً مستداماً، 

موضحاً أن القطاع يحتاج إلى ما بين 600 و800 شاحنة يومياً دون انقطاع لتغطية الحاجات الأساسية. 

وأوضح أبو جامع،  أنّ استمرار دخول هذه الشاحنات هو ما يضمن خفض معاناة السكان، وليس مجرد دفعات رمزية بين حين وآخر.

وأضاف: "ما يزيد عن 95% من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات الإنسانية كلياً، وهو ما يكشف عن هشاشة الوضع الاقتصادي الذي خلّفته الحرب المتواصلة منذ قرابة عامين"،

 لافتاً إلى أن الحل الحقيقي يتمثل في وقف الحرب بالكامل، وبدء عملية إعمار شاملة من شأنها أن تخفض نسب الفقر التي تجاوزت 93%، وتقلص معدلات البطالة التي فاقت 83% في الوقت الراهن".