مجلس الوزراء اللبناني يكلّف الجيش وضع خطة لحصرية السلاح قبل نهاية العام
الرأي الثالث - وكالات
أعلن رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، أن مجلس الوزراء قرّر في جلسته اليوم الثلاثاء "استكمال النقاش في الورقة التي تقدّم بها الجانب الأميركي إلى يوم الخميس في 7 أغسطس/آب الجاري، وتكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي بيد الجهات المحددة في إعلان الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية وحدها وعرضها على مجلس الوزراء قبل 31 من الشهر الجاري لنقاشها وإقرارها".
وأتى هذا القرار وفق تعبير سلام "بعد الاطلاع على ورقة المقترحات التي تقدّمت بها الولايات المتحدة الأميركية عبر السفير توماس برّاك من أجل تمديد وتثبيت إعلان وقف الأعمال العدائية لشهر نوفمبر/تشرين الثاني 2024، لتعزيز الوصول إلى حلٍّ دائم وشامل وعلى التعديلات التي أضيفت إليها بناء على طلب المسؤولين اللبنانيين".
وتوقف سلام في كلمة له بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء، مساء يوم الثلاثاء، والتي استمرت لنحو ستّ ساعات عند بنود أساسية في وثيقة الوفاق الوطني، والبيان الوزاري لحكومته، وقسم الرئيس جوزاف عون، على صعيد ملف السلاح وسلطة الدولة اللبنانية.
وجاءت المقررات اليوم وفق ما تلا سلام، بناءً على "وثيقة الوفاق الوطني التي أقرت في مدينة الطائف وانبثق منها الدستور الحالي خصوصاً ما نصت عليه لجهة استعادة سلطة الدولة حتى الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً وبسط سلطة الدولة اللبنانية تدريجياً على كامل أراضيها بواسطة قواها الذاتية"،
إلى جانب "اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها ونشر الجيش اللبناني في منطقة الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً".
كما جاءت المقررات بناء على البيان الوزاري لحكومة "الإصلاح والإنقاذ" الذي نالت على أساسه ثقة 95 نائباً من أعضاء المجلس النيابي، والذي أكد على أن الدولة اللبنانية تلتزم بالكامل مسؤولية أمن البلاد والدفاع عن حدودها وتنفيذ قرار مجلس الأمن 1701 كاملاً من دون اجتزاء ولا انتقاء،
مع تأكيد ما جاء في القرار نفسه والقرارات ذات الصلة عن سلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دولياً حسب ما ورد في اتفاق الهدنة بين إسرائيل ولبنان عام 1949،
والتشديد على حق لبنان في الدفاع عن النفس في حال حصول أي اعتداء وذلك وفق ميثاق الأمم المتحدة.
كذلك، جاءت بناءً على ما ورد في خطاب قسم الرئيس جوزاف عون في 9 يناير/كانون الثاني الماضي، والذي أكدت الحكومة الحالية التزامه في بيانها الوزاري تحديداً في ما خصّ تنفيذ "واجب الدولة في احتكار حمل السلاح".
وجاء ذلك أيضاً بناء على إقرار لبنان بإجماع الحكومة السابقة على إعلان الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية كما أقرّ في 27 نوفمبر الماضي وهو الإعلان الذي دعا إلى الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي، والذي يؤكد على نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان وضمان أن تكون القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام وأمن الدولة والجمارك اللبنانية والشرطة البلدية هي الحاملة الحصرية للسلاح في لبنان.
وعقد مجلس الوزراء عند الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم الثلاثاء بالتوقيت المحلي، جلسة في قصر بعبدا الجمهوري برئاسة الرئيس جوزاف عون بغياب وزيرين بداعي السفر، وعلى جدول أعمالها بنود عادية إلى جانب الملف الأبرز وهو سلاح حزب الله، والترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية الذي كان وُضع بنداً أول،
بيد أن البحث به أرجئ إلى النهاية. وفي إطار المواقف التي أدلى بها بعض الوزراء لدى دخولهم الجلسة، قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيّد، إنها ستصوّت دعماً لبند سحب السلاح، بينما أيّدت بدورها وزيرة السياحة، لورا الخازن لحود، مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة.
من جهته، شدد الرئيس جوزاف عون خلال الجلسة على "وجوب عدم المماطلة في ملف انفجار مرفأ بيروت بعد خمس سنوات على وقوع الحادث المشؤوم، والإسراع في الملف لتأخذ العدالة مجراها".
ودعا الرئيس عون المسؤولين إلى "الكف عن تخويف الناس من بعضها وتوتير الوضع على أمور لا تستحق ذلك، وترك المجال أمام الراغبين في الاستثمار وتمضية موسم الصيف، بدلاً من الكلام الباعث على الخوف والقلق، وتحديد مواعيد وهمية لضربات أو لحرب".
وطلب عون من مجلس الوزراء تعديل اسم الجادة الممتدة من طريق المطار باتجاه نفق سليم سلام من "جادة حافظ الأسد" إلى "جادة زياد الرحباني"، الأمر الذي وافق عليه مجلس الوزراء وطلب من وزير الداخلية إتمام الإجراءات اللازمة بشأنه.
من جهته، قال وزير الإعلام بول مرقص في معرض ردّه على أسئلة الصحافيين إن وزيري حركة أمل وحزب الله "انسحبا لعدم موافقتهما على قرار مجلس الوزراء الذي كان في صدد الصدور والذي تلاه رئيس الحكومة.
وانسحبا فقط من الجلسة، وتحدثا بكلام جيد قبل انسحابهما، ولا مشكلة بتاتاً، وإن شاء الله يكونان موجودين في جلسة الخميس التي ستعقد استكمالاً للبحث الذي بدأناه".
وأشار إلى أن "الحكومة اقرت في بيانها الوزاري حصر السلاح بيد قواتها الذاتية حصراً.
وفي الحكومة السابقة في 27 نوفمبر الفائت، أقرّت الترتيبات التي تنصّ على ذلك، وقبلها القرار الدولي 1701، هناك مهلة للجيش للعودة إلى المجلس بخطة تنفيذية هذا الشهر، ومهلة مبدئية لآخر السنة لتوحيد السلاح في يد الدولة".
وأوضح: "هناك جلسة لاستكمال بحث ما بدأناه اليوم، لأننا لم ننته من الموضوع بعد، وبالتالي لم يتم إقرار الورقة، بل اتخذنا قرارات واضحة تلاها رئيس الحكومة"،
مشدداً على أن "الدولة تتعامل مع هذا الأمر وفق قرارات رسمية تصدر عن الحكومة التي هي على مسافة واحدة من الجميع، وملتزمة باستقرار البلاد وبحماية المواطنين، وتحترم كل فئات الشعب".
وعما إذا كان هناك من قرار لوضع الجيش في وجه حزب الله، قال مرقص: "لا لم يتم اتخاذ مثل هذا القرار، ولا يمكن اتخاذه، اطمئنوا".
ورداً على سؤال بأنه "سبق للحكومة أن اتخذت قراراً بالنسبة إلى السلاح الفلسطيني ولم ينفّذ. وما إذا كان قرار اليوم هو بسبب الضغوط الدولية المتزايدة؟"،
أجاب مرقص: "هذا القرار الرسمي الصادر عن الحكومة، وهناك مهل ووضوح، وبالتالي نحن نتعهد ونلتزم بذلك، في ضوء ما سيرد من قيادة الجيش التي ستتولى دراسة الأمر والعودة إلينا".
وعما إذا كانت الدولة اللبنانية سترد إذا حصلت اغتيالات أو اعتداءات اعتباراً من الغد، قال: "هذه بدايات القرارات الحكومية التي لم تكتمل وستكتمل مع الجلسة المقبلة وربما ما سيليها من جلسات.
وعندما تنهي الحكومة درس الورقة، يتم إقرارها وستكون هناك تكاملية في القرارات. إنما اليوم حصل نقاش ديمقراطي وحيوي وتحدثنا بالسياسة وكان هناك قرار في هذا الاتجاه، وسنتخذ قرارات أخرى كلما استكملنا البحث".
وبالتزامن مع انعقاد الجلسة، جالت مسيرات دراجة نارية في الضاحية الجنوبية لبيروت وذلك تعبيراً عن رفض تسليم السلاح، رُفعت خلالها أعلام حزب الله وصور الأمين العام السابق حسن نصر الله (اغتالته إسرائيل في 27 سبتمبر/أيلول الماضي)، فيما عمل الجيش اللبناني على تحويل بعض مساراتها.
وقبيل انتهاء الجلسة، أطلّ الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم بكلمة أكد خلالها عدم الموافقة على أي اتفاق جديد غير الموجود بين الدولة اللبنانية والكيان الإسرائيلي، حاسماً بأن "أي جدول زمني يُعرض في لبنان بما خصّ السلاح ليُنفذ تحت سقف العدوان الإسرائيلي لا يمكن أن نوافق عليه".
وفي وقتٍ اعتبر قاسم أن لا مصلحة لإسرائيل بالذهاب نحو عدوان واسع، هدّد بأنها في حال قررت ذلك فإنه سيؤدي "إلى سقوط صواريخ في داخل الكيان الإسرائيلي وكلّ الأمن الذي بنوا عليه حتى الآن لمدة 8 أشهر يسقط بساعة واحدة".
في المقابل، ورداً على مقرّرات الحكومة، حذر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، من "17 مايو/أيار جديد (اتفاق السلام مع إسرائيل، الموقّع في 17 مايو 1983)، لأن البلد بارود وإطفاءه بالنزين يضع لبنان كله بقلب النار".
وقال قبلان في بيان مساء الثلاثاء إن "لبنان أكبر من توقيع يخدم إسرائيل، والسلم الأهلي يمر بحماية القوة الوطنية السيادية وتعزيزها لا تمزيقها وتطويقها، والمقاومة هي التي استرّدت لبنان يوم كان البعض جزءا من الاحتلال الإسرائيلي
فضلاً عمّن كان يجوب العالم للسياحة والترفيه، والحكومة وظيفة وطنية وليست سوق بضاعة أميركية أو إقليمية، ومن يغامر بالسلم الأهلي يضع لبنان بقلب المجهول، ومن يحمل وطنه بحقيبة لا يحق له أن ينادي بسيادة هذا الوطن،
ومن تلطخ تاريخه بالعمالة لإسرائيل وقتال الجيش اللبناني هو آخر من يحق له الحديث عن سيادة البلد وحصر السلاح، ومن يضع لبنان بقلب الكارثة يتحمّل تداعيات مواقفه التي تخدم إسرائيل، واللحظة تاريخ، والسيادة الوطنية جيش وشعب ومقاومة ومن يطعن هذه الحقيقة يطعن لبنان،
والجيش اللبناني شريك المقاومة ورفيق سلاحها وتضحياتها وفوق المغامرة السياسية القذرة، وجماعة النعيم السلطوي الجدد يقامرون بالوحدة الوطنية والسلم الأهلي، وحذار من 17 أيار جديد لأنّ البلد بارود وإطفاءه بالبنزين يضع لبنان كله بقلب النار".
تجدر الإشارة إلى أنه بعد انتهاء الجلسة، استهدف طيران الاحتلال سيارة في بلدة بريتال في محافظة بعلبك الهرمل وقد أدى الاستهداف بحسب وزارة الصحة اللبنانية إلى سقوط شهيد.