أول إعلان رسمي سوري.. الشيباني يلتقي وفداً إسرائيلياً في باريس
الرأي الثالث - وكالات
التقى وزير الخارجية والمغتربين السوري، أسعد الشيباني، مساء الثلاثاء في العاصمة الفرنسية باريس، وفداً إسرائيلياً لمناقشة عدد من الملفات المرتبطة بتعزيز الاستقرار في المنطقة والجنوب السوري، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا".
وهذا أول إعلان رسمي سوري للقاء مباشر مع إسرائيليين، بعد مفاوضات غير مباشرة كانت القيادة السورية تقرّ بوجودها.
وتركزت النقاشات في باريس، بحسب "سانا"، حول خفض التصعيد وعدم التدخل بالشأن السوري الداخلي، والتوصل لتفاهمات تدعم الاستقرار في المنطقة، ومراقبة وقف إطلاق النار في محافظة السويداء، وإعادة تفعيل اتفاق 1974.
ولفتت الوكالة إلى أن هذه النقاشات تجري بوساطة أميركية، "في إطار الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تعزيز الأمن والاستقرار في سورية والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها".
وفي حين لم تسمِ الوكالة الوفد الذي التقاه الشيباني، نقل مراسل موقع أكسيوس الأميركي، باراك رافيد، في وقت سابق الثلاثاء، عن مصدرين مطلعين قولهما إنّ وزير الخارجية السوري سيلتقي وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، المقرّب من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، والمبعوث الأميركي إلى سورية، توماس برّاك، لمناقشة الترتيبات الأمنية على طول الحدود بين الجانبين، وهو ما أوردته القناة 12 العبرية أيضاً.
وقال رافيد في تدوينة له على منصة إكس إنه "كان من المقرر عقد الاجتماع الأسبوع الماضي، ولكن تم تأجيله في اللحظة الأخيرة"، مضيفاً: "ستكون هذه هي المرة الثانية خلال شهر التي يلتقي فيها ديرمر والشيباني برعاية أميركية، بعد ما يقرب من 25 عاماً من انقطاع دبلوماسي شبه كامل بين البلدين".
وأضاف أنّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحاول "التوسط بين إسرائيل وسورية للتوصل إلى اتفاق بشأن إنشاء ممر إنساني من إسرائيل إلى مدينة السويداء جنوبي سورية، لتقديم المساعدة إلى الطائفة الدرزية هناك".
في الشأن ذاته، نقلت "القناة 12" العبرية بدورها عن مصدرين قالت إنهما "مطّلعان"، دون الكشف عن هويتهما، أن "ديرمر وبرّاك سيلتقيان الشيباني في باريس الليلة، لبحث الترتيبات الأمنية على الحدود بين البلدين"، دون ذكر تفاصيل أخرى. وحتى الساعة لم تؤكد أو تنفِ إسرائيل أو سورية رسميا صحة عقد هذا اللقاء.
على صعيد متصل، ذكر موقع واينت العبري، أن برّاك التقى قبل الاجتماع مع ديرمر والشيباني، في باريس أيضاً، بالزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، المعروف أنه مقرب جداً من سلطات الاحتلال ويتبنّى سرديتها.
وأضاف الموقع أن النقاش تضمن "خططاً لإنشاء طريق إنساني من قرية حضر الدرزية قرب جبل الشيخ إلى السويداء، مما يسمح بإيصال المساعدات إلى المتضررين وبناء الثقة مع النظام السوري برئاسة أحمد الشرع تحت إشراف الولايات المتحدة".
وزعم "واينت" أن الاجتماع عُرضت فيه "أدلة تُشير إلى تورط النظام السوري في مذبحة المدنيين الدروز في السويداء".
ووصف الشيخ طريف المحادثات بأنها "إيجابية ومتفائلة"، مشيراً إلى احتمال أن يشهد الدروز بعض الانفراج.
وفي 24 يوليو/ تموز الماضي، قال برّاك في تدوينة عبر "إكس"، إن "وزراء إسرائيليين وسوريين بارزين (لم يحددهم) اتفقوا على الحوار في إطار جهود خفض التصعيد، وذلك خلال اجتماع جمعهم في العاصمة الفرنسية باريس".
وعقب ذلك بيوم، ادعت "القناة 13" الإسرائيلية الخاصة، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي وصفته بـ"الكبير" دون تسميته، أنّ ديرمر التقى في باريس الشيباني بحضور برّاك،
واصفاً اللقاء في حينه بأنه كان "مهماً للغاية". بينما أفاد "أكسيوس" في حينه بأن الهدف من الاجتماع كان "التوصل إلى تفاهمات أمنية بشأن جنوب سورية، بهدف الحفاظ على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسورية".
ومنذ عام 1967 تحتل إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت الوضع الجديد في البلاد بعد إسقاط نظام بشار الأسد، واحتلت المنطقة السورية العازلة، وأعلنت انهيار اتفاقية فض الاشتباك بين الجانبين لعام 1974.
كما احتلت جبل الشيخ الاستراتيجي الذي لا يبعد عن العاصمة دمشق سوى نحو 35 كيلومتراً، ويقع بين سورية ولبنان ويطل على إسرائيل.
ورغم أن الإدارة السورية الجديدة، برئاسة أحمد الشرع، لم تهدد إسرائيل بأي شكل، تشن تل أبيب غارات جوية على سورية، ما أدى لمقتل مدنيين، وتدمير مواقع عسكرية وآليات وذخائر للجيش السوري. وتبذل الإدارة السورية الجديدة جهوداً مكثفة لضبط الأمن في البلاد، منذ إطاحة نظام الرئيس بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 بعد 24 عاماً في الحكم.
وأقرّت الحكومة السورية بأنها عقدت مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بهدف احتواء التصعيد، بعدما شنّت إسرائيل مئات الغارات على الترسانة العسكرية السورية وتوغلت قواتها في جنوب البلاد عقب إطاحة نظام الأسد.
وتربط دمشق هذه المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بالعودة إلى تطبيق اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، لجهة وقف الأعمال القتالية وإشراف قوة من الأمم المتحدة على المنطقة منزوعة السلاح الفاصلة بين الطرفين.