Logo

«هدنة غزة» عالقة بين التصعيد الإسرائيلي ودعوات إنهاء الحرب

الرأي الثالث - وكالات

 تصاعدت دعوات إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والمطالبات بضغوط دولية في هذا الصدد، تزامناً مع تصعيد إسرائيلي أسفرت إحدى هجماته على مستشفى ناصر الطبي الاثنين، عن استشهاد 20 شخصاً على الأقل، بينهم صحافيون.

ذلك المشهد الذي يأتي وسط ترقب نتائج اجتماع لـ«الكابينت» الثلاثاء، للنظر في المقترح المصري - القطري بشأن وقف جزئي لإطلاق النار لمدة 60 يوماً، والذي قبلته «حماس» قبل نحو أسبوع، ويرى خبراء أن مساعي الهدنة ستبقى بين هذين المسارين؛ سواء بتحركات التصعيد أو مطالب التهدئة،

 مؤكدين أن الأمر سيبقى هكذا حتى نرى ضغطاً أميركياً جاداً على حكومة بنيامين نتنياهو لوقف الحرب.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان الاثنين، تنفيذه غارة جوية في محيط مستشفى ناصر بخان يونس في قطاع غزة، وفتح تحقيق في الحادث الذي أسفر بحسب مسؤولين بقطاع الصحة الفلسطيني عن استشهاد 20 شخصاً، من بينهم 5 صحافيين.

وجاء ذلك التصعيد غداة تعهد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عبر منصة «إكس»، بالمضي قدماً في احتلال كامل قطاع غزة، وتأكيد صحيفة «معاريف» الإسرائيلية الأحد، أن «الانطباع السائد هو أن نتنياهو مُصرّ على العملية حتى النهاية».

ومتمسكاً بالمسارين العسكري والتفاوضي، أعلن نتنياهو، خلال تفقُّده وحدات عسكرية تُقاتل في غزة، الجمعة، أنه صادَقَ على خطط الجيش للسيطرة على مدينة غزة، و«هزيمة» حركة «حماس»، ووجّه ببدء مفاوضات فورية لإطلاق سراح جميع المحتجَزين، وإنهاء الحرب «بشروط مقبولة من إسرائيل»،

 في إشارة إلى الشروط الخمسة؛ وأبرزها نزع سلاح «حماس» وهو ما ترفضه الحركة عادة.
 
ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن الهدنة ستبقى عالقة بين تصعيد إسرائيلي مستمر ودعوات تتكرر بإنهاء الحرب دون أفق لحل قريب، 

مؤكداً أن حكومة بنيامين نتنياهو تنفذ استراتيجية للتصعيد في المديين القريب والبعيد، بينما الآخرون مشغولون بتكتيكات مرحلية مرتبطة بالتفاوض.

ويعتقد هريدي أن «حماس» حالياً ليست في موقف تستطيع من خلاله إملاء شروط لها، والدليل قبولها مقترحاً سبق أن وضعت عليه ملاحظات، بعدما فقدت كل أوراقها وأصبحت ورقة الرهائن أيضاً عبئاً عليها.

ويرى السفير الفلسطيني السابق بالقاهرة بركات الفرا، أن التصعيد الإسرائيلي يأتي نتيجة ضوء أخضر أميركي، وحرصاً من نتنياهو ذاته على إطالة أمد الحرب، لإدراكه جيداً أنه سيسقط سياسياً بأي انتخابات وسيحاكم على اتهاماته بالفساد حال وقف إطلاق النار.

وشدد على أن «حماس» أيضاً لا يعتقد أن تستسلم وتلقى سلاحها، وبالتالي ستبقى مساعي الهدنة بين هذا التصعيد والتأخير في حسم ملف التفاوض والدعوات العربية والدولية لإنهاء الحرب، عالقة.

وعقب استهداف مستشفى ناصر، قالت «حماس» في بيان الاثنين، إنه «أمام هذه الجريمة المروّعة، فإنّ المجتمع الدولي وكل الأطراف المعنيّة مطالبون بالتحرّك الفوري والجاد لوقف الإبادة الممنهجة في غزّة»، 

داعية «قادة الدول العربية والإسلامية إلى الضغط على الإدارة الأميركية والدول الداعمة للاحتلال، لوقف الحرب فوراً».

فيما أكد الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة «التعاون الإسلامي» في قرار ختامي الاثنين، أن «استمرار إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، في هذا النهج التصعيدي يقوّض فرص التوصل إلى تسوية عاجلة، ويعرّض أمن واستقرار المنطقة لمزيد من المخاطر»، 

داعياً المجتمع الدولي إلى «إلزام إسرائيل بالاستجابة لمقترحات الوسطاء التي تعاطت مع ما سبق أن طرحته إسرائيل ذاتها».

وأعرب الاجتماع الذي عقد في مدينة جدة السعودية الاثنين، عن «دعم الجهود الرامية إلى تحقيق وقف إطلاق نار فوري وشامل، التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة، للتوصل إلى اتفاق تبادل الأسرى»،

 مستنكراً رفض إسرائيل «الاستجابة للمقترح الأخير للوسطاء، رغم أن المقترح حظي بموافقة الجانب الفلسطيني، ومن شأنه أن يفضي إلى صفقة مهمة ومحورية».

وقال وزير خارجية مصر، بدر عبد العاطي، في الاجتماع ذاته، إنه «يدين بأشد العبارات توسيع إسرائيل العمليات العسكرية في غزة»، داعياً المجتمع الدولي إلى «ممارسة كل أشكال الضغط على إسرائيل، وإلزامها بقبول الصفقة المطروحة حالياً»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية الاثنين.

وعلى هامش الاجتماع بجدة، شهدت لقاءات وزير خارجية مصر مع نظرائه: السعودي الأمير فيصل بن فرحان، والتركي هاكان فيدان، والتونسي محمد الفنطي، والجزائري أحمد عطاف، والباكستاني محمد إسحاق دار، التأكيد على رفض للعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، 

وبحث الجهود التي تضطلع بها مصر بالتنسيق مع قطر، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وفق بيانات منفصلة لـ«الخارجية» المصرية.

وتأتي تلك المطالبات بوقف الحرب ودعم مسار الوساطة، عشية «انعقاد المجلس الوزاري السياسي الأمني المصغر» يوم الثلاثاء، بشأن المفاوضات والرهائن، وفق ما نقلته قناة «آي نيوز 24» الإسرائيلية مساء الأحد.

وطالب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، الأحد، من نتنياهو، «اغتنام الفرصة المتاحة حالياً لإبرام صفقة تقضي بتحرير الرهائن المحتجزين في قطاع غزة»، مؤكداً أن «خطوة نحو احتلال غزة بشكل كامل ستعرّض حياة الرهائن لخطر بالغ»، وفق إعلام إسرائيلي.

ولا يعتقد السفير هريدي أن إسرائيل ستستجيب للضغوط العربية والدولية في ظل ضوء أخضر أميركي داعم لها، أو أن نتنياهو سيستجيب لمطالب التهدئة، مؤكداً أن «الكابينت» إن قرر إرسال وفد للتفاوض حول المقترح الجديد للهدنة من باب التكتيك وإشغال الرأي العام، فإنه ماضٍ في تنفيذ استراتيجيته في التصعيد.

ويؤكد الفرا أن الضغوط العربية والدولية ستتواصل ضد إسرائيل، لكن الفيصل أن تتحرك واشنطن وتقلل من انحيازاتها لإسرائيل وتوقف تلك الحرب فوراً، لافتاً إلى أن «الكابينت» قد يضع ملاحظات على المقترح الجديد، ويوجه بالاستمرار في تصعيده العسكري، وقد يلجأ للمفاوضات من باب المماطلة لا أكثر.