الموفد الأميركي من بيروت: خطة نزع سلاح حزب الله قبل الانسحاب الإسرائيلي
الرأي الثالث - وكالات
شدّد الموفد الأميركي توماس برّاك، الذي يقوم بجولة على المسؤولين في لبنان، غداة زيارته إسرائيل، على أن واشنطن ستعمل على ضمان انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، لكن الأهم هو نزع سلاح حزب الله،
مشيراً إلى أن إسرائيل تقول إنها ستلاقي خطوة بخطوة ما تقوم به الحكومة اللبنانية، فهي لا تريد أن تحتل لبنان، وستلاقي هذه التوقعات بالانسحاب، فور أن ترى خطة نزع سلاح حزب الله،
مؤكداً "أننا لا نتحدث عن نزع سلاح حزب الله عسكرياً ولا عن نشوب حرب، بل عن كيفية إقناع حزب الله بالتخلي عن الأسلحة".
وأشار برّاك في تصريحه اليوم من قصر بعبدا الرئاسي، إلى أن الحكومة اللبنانية ستقدّم خلال الأيام المقبلة خطتها حول كيفية نزع سلاح حزب الله، وذلك في 31 أغسطس/آب الحالي، وعندها ستقابلها إسرائيل باقتراح حول الانسحاب من النقاط الخمس، وهناك إشارات إيجابية من الجانبين،
مؤكداً أن لا أحد يريد حرباً أهلية في لبنان، ومشدداً كذلك على أن ما قام به الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المنطقة يشير إلى رغبته في أن يكون لبنان مزدهراً.
ويعدّ هذا التصريح بمثابة تراجع بموقف برّاك الأخير في بيروت الأسبوع الماضي الذي اعتبر فيه أن على إسرائيل أن تبادل بالقيام بخطوة، بعد إقرار الحكومة اللبنانية أهداف الورقة الأميركية وتكليف الجيش اللبناني بوضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الجاري،
وذلك في وقت لم يقم الاحتلال حتى الآن بأي خطوة لملاقاة الجهود اللبنانية، مع استمراره في اعتداءاته اليومية على لبنان، ورفضه المتواصل للانسحاب من النقاط الخمس التي يحتلّها جنوبي البلاد.
إلى ذلك، قال برّاك، اليوم، إن الرئيس السوري أحمد الشرع ليست لديه أي مصلحة في وجود علاقة عدائية مع لبنان بأي طريقة من الطرق، وهو لا يرى في ضعف الشيعة فرصة له، بل يتطلع إلى علاقة تاريخية وتعاون مع لبنان، وهو مستعد لمحادثات حول الحدود.
على صعيد ثانٍ، لفت برّاك إلى أن واشنطن قد تؤيد التمديد لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) عاماً إضافياً، لكنه ركز على أهمية أن يكون الجيش اللبناني هو الحامي الوحيد للبنان.
بدورها، قالت الموفدة الأميركية، مورغان أورتاغوس، إن إسرائيل مستعدة لأن تتحرك خطوة مقابل خطوة لربما خطوات صغيرة، لكنها مستعدة للسير، ونحن نشعر ومتشجعون للقرار التاريخي الذي اتخذته الحكومة اللبنانية،
لكن الآن وقت الفعل وليس الكلام، ونحن هنا لمساعدة الحكومة اللبنانية على المضي قدماً في هذا القرار التاريخي، ونشجع الحكومة الإسرائيلية للقيام بالخطوات نفسها.
من جهتها، قالت السيناتور جين شاهين إن اجتماعنا كان مثمراً مع الرئيس جوزاف عون، ونتفهّم أن نزع سلاح حزب الله خطوة صعبة، لكنها حاسمة، ونحن من جهتنا ندعم القرارات الجريئة التي تتخذها الحكومة اللبنانية،
مشيرة إلى أن حزب الله ليس للشعب اللبناني بل يعمل لأجندة خارجية.
من جانبه، رأى السيناتور الأميركي، ليندسي غراهام، أن فكرة نزع سلاح حزب الله تأتي من الشعب اللبناني، وعندما يجري نزع السلاح سيكون هناك حديث مع إسرائيل بشأن النقاط الخمس في الجنوب،
مضيفاً "لا تسألوني ماذا ستقوم به إسرائيل قبل أن تنزعوا سلاح حزب الله، وإلا فإن الحديث لن يكون له معنى"،
مشيراً إلى أن "حزب الله ليس من الشعب، وأجندته ليست للبنان، ويجب أن يتم نزع سلاح الفلسطينيين ونزع سلاح حزب الله، وأن يكون الجيش اللبناني من يحمي لبنان"، مضيفاً "إسرائيل لن تنظر إليكم بطرق مختلفة قبل أن تنزعوا عدو الشعب الإسرائيلي".
واستهلّ الوفد الموسّع الذي يرافق برّاك، ويضم الموفدة مورغان أورتاغوس والسيناتورين جاين شاهين وليندسي غراهام، لقاءاته بلقاء مع رئيس الجمهورية جوزاف عون في قصر بعبدا الجمهوري،
على أن يلتقي تباعاً باقي المسؤولين، لنقل الجواب الإسرائيلي على الورقة الأميركية التي سبق أن أقرّ لبنان أهدافها الـ11.
وقبيل مجيئه إلى لبنان، ناقش برّاك، أول من أمس الأحد، مع رئيس حكومة الاحتلال مطلب الإدارة الأميركية بـ"كبح" الهجمات الإسرائيلية على لبنان، والمباحثات بين إسرائيل وسورية.
أورتاغوس: حزب الله وقاسم لا يمثلان لبنان
واستبقت أورتاغوس جولة الوفد بتصريحات تصعيدية تجاه حزب الله، مساء أمس الاثنين، خلال حضورها عشاء خاصاً في بيروت بضيافة النائب راجي السعد (عضو اللقاء الديمقراطي الذي يتزعمه تيمور وليد جنبلاط)،
حيث اعتبرت أن حزب الله وأمينه العام نعيم قاسم لا يمثلان المواطنين اللبنانيين، بل يمثلان قوى خارجية مثل إيران،
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة تحاول أن تعمل مع الحكومة اللبنانية وعلى تحسين المؤسسات الرسمية، لا سيما المؤسسة العسكرية،
وأضافت "نحن نريد ما يريده الرئيس جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام وحتى رئيس البرلمان نبيه بري، وهو لبنان سيّد وقوي ومستقل، لا نريد أن يكون محكوماً من أحد سوى شعبه ومؤسساته".
وقالت أورتاغوس إن "قيادة الجيش اللبناني ستقدّم خطتها إلى مجلس الوزراء لمناقشتها والتصويت عليها، ونحن في الولايات المتحدة سنقوم بكلّ ما يمكننا لدعم الجيش ليس فقط لتطوير الخطة بل وتنفيذها".
وكانت أورتاغوس قد أشادت لدى وصولها إلى بيروت، أمس الاثنين، بموقف رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي عبر عن تقدير تل أبيب لجهود الحكومة اللبنانية في نزع سلاح حزب الله،
واستعدادها التعاون معها ودعم جهودها، وتقليص تدريجي لقوات الاحتلال في لبنان إذا اتخذت قوات الأمن اللبنانية خطوات لنزع سلاح حزب الله.
وعشية جولة الوفد الأميركي، رفع الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، أمس الاثنين، شعار "استعادة السيادة الوطنية"، ودعا الحكومة اللبنانية إلى العمل وفقه لمدة أسبوع على الأقل وعقد جلسات مناقشة مكثفة لأجل ذلك،
وكرر قاسم موقفه بأن الحكومة اللبنانية اتخذت قراراً غير ميثاقي، بموجب الإملاءات الأميركية والإسرائيلية، بتجريد المقاومة وشعبها من السلاح أثناء وجود العدوان ونواياه التوسعية بإشراف أميركي آثم.
وطرح قاسم خريطة طريق تتمثل بـ"إخراج العدو من أرضنا، ووقف العدوان، والإفراج عن الأسرى، والبدء بالإعمار، وبعد ذلك الذهاب إلى الاستراتيجية الدفاعية"، رافضاً طرح الخطوة مقابل الخطوة والمسار الذي، وفق تعبيره، يدعو إلى التنازلات،
مشدداً على أن الحركة الأميركية هي لتخريب لبنان ودعوة إلى الفتنة.
وارجأ حزب الله وحركة أمل (يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري) وقفتهما الاحتجاجية التي كانت مقرّرة يوم غد الأربعاء استنكاراً لمقررات الحكومة، بذريعة "المسؤولية الوطنية التي تفرضها المرحلة الراهنة،
وتلبيةً لتمنيات المرجعيات الوطنية الحريصة على وحدة الموقف وصون الاستقرار، وإفساحاً في المجال أمام حوارٍ معمّقٍ وبنّاءٍ حول القضايا المصيرية التي تواجه وطننا"، علماً أنّ معلومات تردّدت عن عدم رغبة لدى رئيس البرلمان نبيه بري في الدخول بلعبة الشارع.
في هذا الإطار، يقول مصدر مقرّب من بري ، إن "إرجاء التحرّك كان بناءً على اتصالات حصلت بين مرجعيات سياسية وعلى خطّي حزب الله وحركة أمل، وهناك حرص لدى بري، كما حزب الله، على الاستقرار والسلم الأهلي، والإرجاء لا يعني أن التحرك لن يحصل،
لكنه مرتبط بالتطورات، وبخطوات الحكومة المقبلة"، مشيراً إلى أن الرئيس بري ستكون له كلمة مهمة في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه، في 31 أغسطس/آب الجاري، وسيقول فيها الكثير.