Logo

القصف الإسرائيلي لأقدم أحياء صنعاء: شهادات عن الرعب والدمار

 الرأي الثالث 

في وقت متأخر من ليل الأربعاء الخميس كان صوت سيارات الإسعاف يكسر هدوء صنعاء التي عاشت يوماً دامياً، جراء غارات إسرائيلية دمرت عدداً من المنازل في حي التحرير، أحد أقدم أحياء العاصمة ومركزها الحيوي المزدحم بالسكان والمارة.

 ودوت عصر الأربعاء انفجارات هائلة سُمعت في أنحاء واسعة في صنعاء، نتيجة موجة غارات جديدة استهدفت مبنى التوجيه المعنوي للقوات المسلحة (يضم صحيفة 26 سبتمبر ومنشآت أخرى) 

ومنازل مجاورة في حي التحرير الذي يقع في قلب العاصمة والمحاذي لسور مدينة صنعاء القديمة، بالإضافة إلى استهداف محطة مشتقات نفطية في شارع الستين.

كذلك شنت إسرائيل غارات في محافظة الجوف التي تبعد عن صنعاء بنحو 143 كيلومتراً، استهدفت منشآت في مجمع للسلطة المحلية. 

وأوردت وسائل إعلام تابعة لجماعة الحوثيين أن "الغارات استهدفت محطة كهرباء وفرع البنك المركزي ومباني أخرى للسلطة في محافظة الجوف".

 وأعلن جيش الاحتلال في بيان أنه "نفذ هجوماً على أهداف تابعة للحوثيين في صنعاء والجوف، استهدف معسكرات ومقر إدارة الدعاية الحوثية العسكرية، وموقع تخزين وقود يُستخدم في أنشطة عسكرية"، 

وأشار إلى أن "أكثر من 10 طائرات شاركت في الهجوم استخدمت 30 قنبلة ضد 15 هدفاً في أطول طلعة جوية ينفذها منذ بداية الحرب بمسافة 2350 كيلومتراً".
 
وروى أحمد نجاته من القصف حيث كان بالقرب من الغارات في حي التحرير، قائلاً: "كانت الانفجارات هائلة وهزت الأحياء المجاورة ووصلت الشظايا على بعد مسافات طويلة، كان الناس مفزوعين في الشوارع والنيران تتصاعد". 

وأضاف: "توقفت ولا أعرف في أي اتجاه اتحرك. كان مشهد الخراب والإصابات في الشوارع المحيطة مرعباً للغاية".

ووفق وزارة الصحة، أوقعت الغارات 35 قتيلاً و131 مصاباً في صنعاء والجوف، وهذا العدد مرشح للزيادة، حيث أوردت هذه الأرقام الأولية في الوقت الذي ما زالت فيه فرق الدفاع المدني ترفع الأنقاض للبحث عن الضحايا. 

وخيم الحزن في أوساط السكان على ضحايا الغارات الإسرائيلية، حيث أفاد شهود عيان وسكان ، "بأن عدداً من المباني دُمر كلياً وسُوِّي بالأرض وتضررت  المنازل كافة في حي التحرير، وانتُشل عشرات القتلى والمصابين من تحت الأنقاض، بينهم نساء وأطفال".
 
وخلفت الغارات دماراً كبيراً في المحال التجارية والمركبات والمباني المجاورة كافة، وانهارت منازل قديمة من عدة طوابق يقطنها عدد من الأسر، فيما تضرر مبنى المتحف الوطني كثيراً، واستمرت عملية البحث عن الضحايا لساعات طويلة، وفق الشهود. 

وقتل 5 أفراد من أسرة واحدة، بينهم أطفال، فيما أصيب البقية بجروح. وتحدث عماد من أصدقاء الأسرة ، عن "أن نساءً وأطفالاً من أقارب عائلة "العزب" كانوا متجمعين بالمنزل لزيارة إحدى المريضات. 

في تلك الاثناء حدثت الغارات، وقتل 5 بينهم طفل، وآخرون في العناية المركزة".

ونجا عدد من النساء من الأسرة المنكوبة. وقال عماد إن منزلهم شعبي قديم مكون من طابقين، وهو ملاصق لمبنى التوجيه المعنوي، وبجوارهم منزل جيرانهم "بيت الضمدي"، وهو الأكثر تضرراً، حيث قتل كل من في المنزل وما زال هناك مفقودون. 

ونعت كلية العلوم في جامعة صنعاء وفاة الطالبتين في كلية الطب صفية الحطاب وماريا الجعفري، جراء إصابتهما في الغارات الإسرائيلية حيث كانتا من المارة في الشارع الرئيسي الذي يضم محطة نزول وصعود ركاب باصات النقل العام لعدد من الشوارع والأحياء.

وأظهرت الإحصاءات الأولية أن غالبية الضحايا كانوا في حي التحرير حيث استهدفت مقاتلات جيش الاحتلال الإسرائيلي مقر التوجيه المعنوي الذي وصفته بأنه "مقر إدارة الدعاية الحوثية". 

وقال يحيى سريع المتحدث العسكري ومدير دائرة التوجيه المعنوي على منصة "إكس" إن الغارات "طاولت أعيانًا مدنية بحتة ومنها صحيفتا "26 سبتمبر" و"اليمن"، وهناك شهداء وجرحى من الصحافيين والصحافيات".

والمبنى المستهدف يتوسط أحياءً شعبية قديمة بالقرب من ميدان التحرير الشهير في العاصمة صنعاء وتوجد فيه عدد من المؤسسات الحكومية ومقرات شركات وبنوك، 

وعلى بعد مسافة قصيرة يقع حي "باب السبح" الذي يعد أحد أبواب مدينة صنعاء التاريخية. 

وقال سفير اليمن لدى اليونسكو، محمد جميح "إن صنعاء على قائمة التراث العالمي المحمي بالاتفاقيات الدولية، واستهداف تراثها جريمة حرب". 

وأشار على منصة "إكس" إلى أن "العدوان الاسرائيلي المجرم على العاصمة اليمنية صنعاء (ضحاياه) مدنيون أبرياء، ومنجزات عقود طويلة تدمَّرت في ثوانٍ معدودة". 

وأضاف: "أمس في الدوحة، وقبلها في سورية ولبنان، واليوم في صنعاء، وكل يوم في غزة، بلطجة إسرائيلية بلا حدود".

من جانبها، قالت الهيئة العامة للآثار والمتاحف في صنعاء إن "آلاف القطع الأثرية معرضة للخطر بعد تعرض المتحف الوطني بصنعاء لأضرار جسيمة في المبنى التاريخي جراء القصف الإسرائيلي". 

وأضافت في بلاغ: "المتحف الوطني يمثل أحد رموز الهوية الوطنية اليمنية وصرحاً ثقافياً وتاريخياً"، مطالبة اليونسكو بإدانة هذا الاعتداء والتدخل العاجل لحماية المبنى والمقتنيات المتضررة.

تدمير وقتل ممنهج في صنعاء

ويشير توسع الهجمات الإسرائيلية إلى تدمير ممنهج يستهدف المدنيين بدرجة رئيسة وإثارة حالة الرعب، ففي 28 أغسطس/آب الماضي استهدفت غارات إسرائيلية اجتماعاً لحكومة الحوثيين (غير معترف بها) ما أدى إلى مقتل رئيس الحكومة وعدد من الوزراء، ضمن موجات غارات على العاصمة صنعاء المكتظة (3.4 ملايين نسمة وفق التقديرات).

وأخيراً، تركزت الغارات في صنعاء، لكنها شهدت تحولاً في الأهداف بوسط الأحياء السكنية، وقبل ذلك كانت تركز على محطات الكهرباء ومطار صنعاء والموانئ ومنشآت أخرى، لكنها تحولت إلى استهداف المنازل والمقرات المزدحمة بالمدنيين.

 ورغم زعم الاحتلال أنه استهدف مواقع عسكرية ومنصات إطلاق صواريخ، تنفي جماعة الحوثي ذلك باستمرار، حيث تشير وسائل إعلام الأخيرة إلى "انعدام الحاجة لوضع منصات في صنعاء وخصوصاً أن جغرافيا اليمن واسعة جداً"،

 في الوقت الذي تؤكد فيه مواصلة هجماتها والرد على العدوان الإسرائيلي.

وبدأت الهجمات الإسرائيلية على اليمن في يوليو/تموز 2024 باستهداف ميناء الحديدة غربي اليمن، مخلفة عشرات القتلى والمصابين وأضراراً مادية كبيرة. 

وقالت منظمة مواطنة إنها وثقت خلال عام 17 هجمة جوية نفذتها المقاتلات الإسرائيلية، استهدفت منشآتٍ وأعيانًا مدنية وأحياءً سكنية في عددٍ من المحافظات اليمنية، وأوقعت ما لا يقل عن 141 ضحية مدنيين بين قتيل وجريح.

ياسر حميد