الحكومة اليمنية: السلام لن يتحقق إلا بإنهاء الانقلاب الحوثي
الرأي الثالث
أكدت الحكومة اليمنية أن أي مسار نحو السلام والاستقرار لا يمكن أن يتحقق دون إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة، مع تشديدها على أن «السلام الحقيقي يرتكز على معالجة جذور الأزمة اليمنية ومحاسبة الطرف المعرقل لجهود إحلال السلام».
جاء ذلك في كلمة مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي، حيث أشار فيها إلى أن حكومة بلاده لا تزال منفتحة على كل المبادرات الجادة لإنهاء الحرب، لكنها تحذر من محاولات تمكين الحوثيين من إعادة إنتاج أنفسهم تحت أي غطاء. وأكد التزام مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بالسلام العادل والمستدام، وفق المرجعيات المعترف بها، وعلى رأسها القرار 2216.
ودعا السعدي المجتمع الدولي إلى مواقف أكثر صرامة تجاه الحوثيين، الذين يتعاملون مع السلام كوسيلة للمراوغة بينما يواصلون أعمالهم الإرهابية، واصفاً إياهم بجماعة تدّعي «حقاً إلهياً» في حكم اليمنيين، وتعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة.
وسلّط المندوب اليمني الضوء على الانتهاكات المستمرة للحوثيين منذ انقلابهم قبل 11 عاماً، متهماً إياهم بتحويل المدنيين إلى وقود لحربهم، وبارتكاب «شتى صنوف الجرائم والانتهاكات»، من حصار المدن والاختطاف والإخفاء القسري، إلى التعذيب والقتل والتهجير وتفجير المنازل ودور العبادة.
كما اتهم السعدي الحوثيين بزراعة ملايين الألغام الأرضية، وتجنيد آلاف الأطفال في أكبر عملية تجنيد يشهدها التاريخ الحديث، فضلاً عن تحويل اليمن إلى منصة لتهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب.
وأضاف أن الجماعة الحوثية شنت حرباً اقتصادية منهجية ضد الحكومة والشعب اليمني، عبر نهب مؤسسات الدولة، وفرض الجبايات والاستيلاء على عائدات الضرائب والموارد العامة.
تنفيذ أجندة إيران
أشار البيان اليمني إلى أن الحوثيين صادروا مئات المليارات من مقدَّرات اليمن، بينما يعيش ملايين اليمنيين تحت خط الفقر وانعدام الأمن الغذائي، مؤكداً أن هذه السياسات تهدف لإطالة أمد الصراع، وتنفيذ أجندة النظام الإيراني في المنطقة.
وأدان البيان اقتحام الحوثيين مقرات منظمات أممية مثل «اليونيسف» وبرنامج الغذاء العالمي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومصادرة ممتلكاتها، إضافة إلى اختطاف 21 موظفاً أممياً ضمن موجات اعتقال متكررة منذ 2021. وقال السعدي إن ذلك يمثل «انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وتهديداً مباشراً لحياة العاملين الإنسانيين».
وأكد أن استمرار التغاضي الدولي عن انتهاكات الحوثيين جعلهم أكثر جرأة، مطالباً بتحرك عاجل لتأمين إطلاق سراح المختطفين ونقل مقرات الأمم المتحدة من مناطق سيطرة الحوثيين إلى العاصمة المؤقتة عدن، لضمان بيئة عمل آمنة ومستقرة.
كما شدد على أن بقاء المكاتب الأممية في صنعاء يعرض موظفيها للخطر، ويتيح للحوثيين الاستمرار في استغلال المساعدات الإنسانية لأغراض عسكرية وسياسية.
تحذير أممي
وفي إحاطته أمام مجلس الأمن، أكد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، أن الصراع اليمني أصبح «مرآة لاضطرابات المنطقة ومكبّراً لها»، محذراً من أن استمراره دون معالجة سيضاعف التوترات الإقليمية، ويمتد أثره خارج حدود اليمن. وأشار إلى أن الاستقرار في اليمن والمنطقة مترابط، وأن عملية السلام ستظل هشة إذا لم تُعالج مصادر عدم الاستقرار الإقليمي.
وتناول غروندبرغ التصعيد الأخير بين الحوثيين وإسرائيل، مشيراً إلى هجمات الطائرات المسيّرة والصواريخ الحوثية، وما تبعها من غارات إسرائيلية أودت بحياة مدنيين وقادة حوثيين، وقال: «لقد آن الأوان لوقف هذه الدورة المستمرة من التصعيد».
وفي ملف حقوق الإنسان، عبَّر المبعوث عن قلق بالغ إزاء الاعتقالات التعسفية التي طالت أكثر من 40 موظفاً أممياً في صنعاء والحديدة، مؤكداً أن هذه الانتهاكات تقوّض قدرة الأمم المتحدة على أداء مهامها الإنسانية. وأعلن تضامنه مع المحتجزين، ودعا إلى إطلاق سراحهم فوراً ودون قيد أو شرط.
كما حذّر من مخاطر العودة إلى حرب شاملة في اليمن نتيجة الأنشطة العسكرية الأخيرة في مأرب وتعز والضالع، داعياً إلى الحفاظ على قنوات الاتصال بين الأطراف، وتعزيز الثقة من خلال خطوات عملية مثل فتح وتأمين الطرق الرئيسية.
وأشاد المبعوث الأممي بالجهود الحكومية الأخيرة لتحسين الاقتصاد، ورفع قيمة العملة، مشيراً إلى أن مكتبه انخرط في حوار واسع مع مسؤولي البنك المركزي والوزارات والقطاع الخاص في عدن، لكنه شدد على أن تحقيق الاستقرار الاقتصادي يتطلب إبعاد المؤسسات عن التسييس، وتبنِّي رؤية وطنية جامعة.
كما أكد أن التقدم في الإصلاحات الاقتصادية، ووقف إطلاق النار الشامل، والشروع في عملية سياسية جامعة بقيادة يمنية، لا تزال أهدافاً أساسية، داعياً القادة اليمنيين إلى «التراجع الواعي عن مسار التصعيد الحالي» والانخراط في حوار جاد.