ترقب نتائج مفاوضات شرم الشيخ لأنهاء حرب غزة في ذكراها الـ2
الرأي الثالث - وكالات
دخلت حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصر، اليوم الثلاثاء، عامها الثالث، مخلفة أكثر من 67 ألف شهيد، وما يزيد عن 169 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 460 فلسطينياً، بينهم 154 طفلاً،
فيما توقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الاثنين، التوصل إلى اتفاق قريباً لإنهاء الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
أما على صعيد الخسائر المادية في قطاع غزة، فقد سوّيت بالأرض أحياء بأكملها، ودُمّرت غالبية المنازل والمستشفيات ودور العبادة والمدارس والبُنى التحتية.
ومنذ اندلاع الحرب يعيش مئات الآلاف من الفلسطينيين بلا مأوى، في مخيّمات مزدحمة وأراض مفتوحة، حيث يعانون من شحٍّ في الطعام والمياه وانعدام إمدادات الصرف الصحّي.
وحوّلت الحرب الآلاف من الفلسطينيين إلى ذوي إعاقات، فيما حرمت الأطفال من مدارسهم حيث يجد جيل كامل نفسه بلا تعليم ولا حقوق لعب.
أما الصحافيون في غزة، فقد تحولوا إلى هدف عسكري للاحتلال، مع استهدافه أكثر من 250 صحافياً، ما دفع منظمات دولية إلى وصف القطاع بأنه "مقبرة" للصحافة.
وعلى مدار العامين المنصرمَين وسّعت إسرائيل نطاق عملياتها العسكرية إلى خارج القطاع الفلسطيني لتشمل أهدافاً في خمس عواصم إقليمية، بما في ذلك طهران.
وتمكّنت الدولة العبرية في عملياتها هذه من تصفية مسؤولين وقياديّين بارزين، من بينهم معظم قادة الصفّ الأول في حركة حماس، وكذلك أيضاً في حزب الله اللبناني ولا سيّما أمينه العام السابق حسن نصر الله.
غير أنّه وبعد عامين على السابع من أكتوبر، تجد إسرائيل نفسها وسط عزلة واضحة تعانيها عالمياً، وهي التي تجلت على نحو واضح في ما جرى خلال أعمال الجمعية العام للأمم المتحدة، إلى جانب استمرار خروج الملايين حول العالم في تظاهرات منددة بالحرب وبالعدوانية الإسرائيلية غير المسبوقة.
ورغم أن إسرائيل حاولت استخدام شماعة "معاداة السامية" لوصف أي تحرك ضد حرب الإبادة التي تقودها، فإن الوقائع تؤكد أنها خسرت معركة الوعي، ولم تنجح في محاولتها تصوير أن عملية طوفان الأقصى حدثت من فراغ، وأن الصراع بدأ عقبها.
وبالتزامن مع الذكرى الثانية لهجوم السابع من أكتوبر، يسود ترقب بشأن مفاوضات شرم الشيخ حول خطة ترامب لأنهاء حرب غزة، إذ وصف قيادي في حركة حماس الموقف بـ"الصعب"، قائلاً إنّ "الكثير مما يُثار في دوائر رسمية أميركية وإسرائيلية يأتي للاستهلاك فحسب"،
مضيفاً أنّ ما أبلغته الحركة بوضوحٍ لا لبس فيه إلى الجانب الأميركي عبر الوسطاء في مصر وقطر هو استعدادها الكامل للابتعاد عن حكم القطاع وإدارته، مع الاستعداد أيضاً للدخول في هدنة طويلة، يجري بموجبها تجاوز المخاوف الإسرائيلية بشأن أسلحة المقاومة، دون الحديث عن التخلي عن هذا السلاح كلياً أو تسليمه أو القبول بنزعه.
بدوره، قال القيادي في حركة حماس فوزي برهوم اليوم الثلاثاء إن وفد الحركة المشارك في المفاوضات الحالية في مصر يسعى إلى تذليل كل العقبات أمام التوصل إلى اتفاق يلبي طموحات الشعب الفلسطيني وأهالي قطاع غزة.
وأوضح خلال تصريح صحافي أن في مقدمة تلك الطموحات:
وقف دائم وشامل لإطلاق النار
الانسحاب الكامل لجيش الاحتلال من كافة مناطق قطاع غزّة
إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية دون قيود
ضمان عودة النازحين إلى مناطق سكناهم
البدء الفوريّ بعملية إعادة الإعمار الشاملة تحت إشراف هيئةٍ وطنيةٍ فلسطينيةٍ من التكنوقراط
إبرام صفقة تبادل أسرى عادلةٍ
وحذر من محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، "عرقلة وإفشال الجولة الحالية من المفاوضات، كما أفشل متعمداً كل الجولات السابقة"،
مشيراً إلى أن "جرائم الاحتلال المروعة والإبادة الجماعية في غزة جرائم حرب موصوفةٌ وموثقةٌ بالدليل القاطع، ولن تسقط بالتقادم. وإن مجرم الحرب نتنياهو، المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية، وعصابة جيشه الإجرامية، يجب أن تطاولهم يدُ العدالة عاجلًا غير آجل".
وفي المقابل، أكد ترامب أن "حماس" وافقت على أمور وصفها بـ"المهمة للغاية"، متحدثاً عن إحراز "تقدم هائل".
كما توقع ترامب التوصل إلى اتفاق بشأن غزة "قريباً"، لكنه نفى أن يكون قد طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "ألا يكون سلبياً بشأن صفقة الرهائن".
وثيقة مسربة تكشف هيكلية إدارة قطاع غزة من توني بلير
أشارت صحيفة يسرائيل هيوم العبرية إلى تسريب وثيقة من 21 صفحة، في الآونة الأخيرة، تكشف عن خطة مفصّلة، ساهمت إسرائيل في وضعها، لإنشاء الهيئة الدولية الانتقالية لإدارة قطاع غزة بعد الحرب بقيادة رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، توني بلير، وبدون دور فلسطيني مؤثّر.
وقالت الصحيفة، أمس الاثنين، إنّ الخطة التي صاغها فريق مرتبط بمكتب بلير ودوائر أميركية وإسرائيلية، مقرّبة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تقترح إطاراً إدارياً دولياً يعمل في غزة لمدة تتراوح بين ثلاث إلى خمس سنوات، إلى حين نقل السيطرة إلى سلطة فلسطينية "معدّلة" أو خاضعة لإصلاحات.
ولم تستخدم الصحيفة، مصطلح "السلطة الفلسطينية"، وإنما سلطة فلسطينية ما قد يحمل دلالات حول مستقبل السلطة الحالية.
وتحمل الوثيقة، التي لم تذكر الصحيفة مصدرها ولم تنشر صورة عنها، اسم "الهيئة الدولية الانتقالية لغزة" (GITA)، وتفصّل هيكل الحكم المقترح وهويات الشخصيات المركزية المتوقّع أن تتولى مناصب رفيعة، إلى جانب الخطة الاقتصادية والأمنية المصاحبة لها.
ويأتي في صلب الخطة فكرة إنشاء مجلس إدارة دولي يتألف من 7 إلى 10 أعضاء، من بينهم رجال أعمال ودبلوماسيون وخبراء اقتصاديون. وسيرأس المجلس توني بلير بصفته منسقاً عاماً أو رئيساً تنفيذياً،
وسيكون المجلس مسؤولاً عن اتخاذ جميع القرارات الرئيسية المتعلقة بالسياسة، والأمن، والاقتصاد في قطاع غزة. وبحسب الصحيفة العبرية، من المتوقّع أن يكون مقرّ الهيئة المؤقتة بالعريش في مصر أو في الدوحة.
وتذكر الوثيقة أسماء الشخصيات البارزة المقرّر أن تتولى مناصب قيادية في الهيئة إلى جانب توني بلير، إذ ستشغل سيغريد كاغ، التي سبق أن أشغلت منصب نائبة رئيس في هولندا، منصب نائبة الرئيس لشؤون المساعدات الإنسانية،
وسيكون الأميركي مارك روان رئيساً لصندوق إعادة الإعمار، والمصري نجيب ساويرس مسؤولاً عن الاستثمارات الإقليمية، وأرييه لايتستون، الحامل للجنسية الإسرائيلية الأمريكية، ممثلاً لاتفاقيات أبراهام (اتفاقيات التطبيع).
وتشير الوثيقة، وفقاً للصحيفة، إلى وجود ممثل فلسطيني لم يُكشف عن اسمه، بصفة رمزية، مع التأكيد أنه لن يتمتع بأي صلاحيات تنفيذية حقيقية.
ويعكس هذا الهيكل، بحسب الصحيفة، توجّهاً إدارياً تكون فيه السلطة الفعلية بيد جهات دولية، بينما يظل التمثيل الفلسطيني رمزياً في بعض الأحيان.
وستعمل تحت إدارة المجلس الدولي طبقة من المديرين الفلسطينيين "الحياديين"، يجري اختيارهم من بين شخصيات مهنية غير حزبية.
وسيكون هؤلاء مسؤولين عن إدارة القطاعات العامة مثل الصحة والتعليم والبلديات وخدمات أخرى، لكنهم سيعملون تحت إشراف مباشر من المجلس الدولي ويخضعون لمراقبة مستمرة من لجنة دولية.
وبالتوازي، سيجري إنشاء مجلس استشاري محلي يتكوّن من شخصيات فلسطينية من غزة والضفة الغربية، لكن دوره سيكون استشارياً فقط دون أي صلاحيات تنفيذية فعلية.
ويقوم البُعد الاقتصادي على إنشاء صندوق دولي يُدعى "صندوق إعادة الإعمار والاستثمار في غزة"، يُدار من رجال الأعمال المذكورين في الوثيقة.
ومن المتوقع، بحسب ما ذكرته الصحيفة العبرية، أن يُموّل الصندوق عبر تبرعات من دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات، إلى جانب استثمارات غربية وقروض بضمانات دولية.
وسيكون نموذج التشغيل تجارياً ربحياً، بحيث تستثمر الشركات في مشاريع إعادة الإعمار والبنية التحتية، وستشارك في الأرباح الناتجة عنها.
في المجال الأمني، تفيد الوثيقة بإنشاء قوة أمنية متعدّدة الجنسيات تحت رعاية الأمم المتحدة أو ائتلاف تقوده الولايات المتحدة، مع حظر تام لأي فصيل فلسطيني مسلّح في غزة خلال الفترة الانتقالية.
وسيجري إعادة تنظيم قوات الأمن الفلسطينية تحت إشراف دولي، وستتمتع الهيئة الانتقالية بصلاحية كاملة لتعيين القضاة والوزراء ورؤساء الأجهزة الأمنية،
وتؤكد الوثيقة أن الهيئة ستتولى جميع السلطات، التنفيذية والتشريعية والقضائية، ولن يكون لأي جهة فلسطينية الحق في إلغاء قراراتها.
ويتضمن الجدول الزمني المقترح مرحلة تحضيرية مدتها ثلاثة أشهر، يجري خلالها إنشاء الهيئة واختيار أعضائها، تليها مرحلة انتشار أولية لمدة ستة أشهر يبدأ فيها التنفيذ الفعلي.
وستركّز مرحلة إعادة الإعمار، المتوقع أن تستمر من عامين إلى ثلاثة، على مشاريع بنية تحتية واسعة النطاق، وبعد نحو خمس سنوات يُتوقع نقل تدريجي للسلطة إلى سلطة فلسطينية "إصلاحية"، وهو مصطلح تبقى دلالته الدقيقة غامضة.