Logo

معارك مستمرة في الفاشر... وإنزال جوي يبدل موازين القوة

الرأي الثالث - وكالات

 واصل الجيش السوداني والقوات المساندة له الدفاع عن مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، التي تحاصرها قوات الدعم السريع، وتشنّ عليها هجمات شبه يومية من اتجاهات متعدّدة. 

وقد تمكن الجيش فجر، اليوم الثلاثاء، من تنفيذ إنزال جوي جديد لإمداد قواته بالأسلحة والمؤن، وهو الإنزال الثاني من نوعه خلال عشرة أيام. 

وقد احتدمت المعارك بين الجانبين بعد حصول القوات داخل الفاشر على أسلحة جديدة، ووصلت الاشتباكات إلى داخل أحياء المدينة ما تسبب في سقوط قتلى وجرحى وسط المدنيين الذين يعانون من أوضاع إنسانية سيئة،

 وفي الوقت نفسه أعلنت الأمم المتحدة أنها تواصل الضغط من أجل زيادة الوجود الأممي على الأرض في ولاية شمال دارفور وجميع المناطق المحتاجة.

"الدعم" تصرّ على إسقاط الفاشر

وتصر "الدعم السريع" على إسقاط مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، بعد إحكام سيطرتها منذ الأشهر الأولى للحرب، التي اندلعت في 15 إبريل/نيسان 2023 على الولايات الأربع الأخرى من مجموع خمس في إقليم دارفور، وتواصل شنّ الهجمات البرية وبالمدفعية وعبر الطائرات المسيّرة على الفاشر بصورة شبه يومية.

وكانت عملية الإنزال الجوي التي نفذها الجيش في 29 سبتمبر/أيلول الماضي هي الأولى منذ إبريل الماضي، حين تمكنت "الدعم السريع" من إسقاط إحدى طائرات الشحن العسكرية، 

وسط حصار خانق تفرضه على مدينة الفاشر منذ مايو/أيار 2024، إذ تتحكم بمداخل ومخارج المدينة وتمنع دخول السلع الغذائية والبضائع، ما تسبب في أوضاع إنسانية بالغة الصعوبة. 

وقد تمكّن الجيش من تنفيذ إنزال جوي جديد فجر، اليوم الثلاثاء، لإمداد قواته المحاصرة في المدينة، عقب تدميره خلال الأيام الماضية منظومات دفاع جوي لقوات الدعم السريع كانت منصوبة حول الفاشر.
 
ودارت، أمس الاثنين، معارك ضارية بين الجيش والقوات المساندة له مع "الدعم السريع" في الفاشر. 

وقالت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش في المدينة، في بيان أمس، إنها تمكنت من صدّ هجوم شنّته "الدعم" من ثلاثة اتجاهات عبر المشاة والمركبات القتالية المصفحة. 

وذكرت أنها ألحقت بالمهاجمين خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، لافتة إلى أن "الدعم" أطلقت سرباً من الطائرات المسيّرة الانتحارية والقتالية على مدينة الفاشر، مستهدفة الأحياء السكنية والارتكازات العسكرية، إلا أنها لم تحقق أي هدف. 

وأشارت إلى أن المليشيا زعمت عبر وسائل التواصل الاجتماعي أنها تمكنت من السيطرة على بعض المواقع العسكرية وقتل قادة من الفرقة السادسة، في محاولة بائسة، حسب وصفها، للتغطية على هزائمها الثقيلة "التي جعلت الدخان يتصاعد من كل محاور المدينة، وجثث قتلاهم تملأ أرض المعركة".

من جهتها، قالت "الدعم السريع"، في بيان، إنها تمكّنت فجر اليوم الثلاثاء من إسقاط مسيّرة من طراز "أكينجي" تركية الصنع في سماءِ مدينة الفاشر، 

مضيفة أن هذه المسيّرة "كانت شنّت قبل أيام هجمات على المدنيين أودت بحياة أكثر من 80 شخصاً في منطقة "بلبل تمبسكو" غربي نيالا، إضافة إلى سقوط عشرات القتلى في ضاحية الزرق بشمال دارفور. 

وقال المتحدث باسم "الدعم السريع" الفاتح قرشي، في بيان اليوم، إنّ ما يرتكبه الجيش "عبر الطائرات المُسيّرة التركية جزء من مخطط يرقى إلى إبادة جماعية وجرائم تطهير عرقي ضد المكونات المجتمعية المدنية في مناطق تخلو من أي وجود عسكري لقواتها"، 

ودعا المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والهيئات المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه المجازر الشنيعة، حسب وصفه، التي تُرتكب ضدّ الأبرياء في دارفور.
 
تحذير المواطنين في الفاشر

إلى ذلك حذرت تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر (كيانات شعبية ثورية) المواطنين في المدينة من تزايد وتكرار الانتهاكات التي ترتكبها "الدعم السريع" داخل مناطق الاشتباك في المدينة. 

وقالت، في بيان اليوم الثلاثاء، إنّ عدداً كبيراً من المدنيين لقوا حتفهم بعد "تصفيتهم" داخل منازلهم خلال المعارك التي دارت أمس الاثنين. 

وأضافت التنسيقية أنّ "على جميع المواطنين الموجودين ضمن أو قرب خطوط الاشتباك المغادرة الفورية نحو أحياء أكثر أمناً متى ما توفرت الفرصة والوسيلة الآمنة لذلك، والابتعاد عن أماكن الاشتباك والنقاط العسكرية للحفاظ على حياتهم".

 ودعت التنسيقية في بيان آخر اليوم الثلاثاء، المنظمات الإنسانية الدولية والإقليمية والمحلية وقيادة الدولة لضرورة تنفيذ عمليات إنزال جوي للمساعدات الإنسانية على وجه السرعة داخل الفاشر، 

مؤكدة أن الأوضاع الإنسانية في الفاشر تتدهور بسرعة مقلقة، إذ يعاني آلاف المدنيين المحاصرين من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه والمستلزمات الأساسية وسط تزايد أعداد الجرحى وانتشار الأمراض.
 
وكان المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك قال، في تصريح أمس الاثنين، إن المنظمة الأممية وشركاءها يقفون على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدة بمجرد السماح بالوصول إلى الفاشر، 

وفي الوقت نفسه، تواصل الأمم المتحدة الضغط من أجل زيادة الوجود الأممي على الأرض في شمال دارفور وجميع المناطق المحتاجة. وجدّد الدعوة إلى رفع الحصار عن الفاشر وحماية المدنيين، وتوفير ممر آمن للفارين منها، وتيسير وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى مئات الآلاف من المدنيين الذين ظلوا محاصرين في هذه المدينة لأكثر من 500 يوم.