تصعيد الحوثيين ضد الموظفين الأمميين ينذر بوقف العمل الإغاثي
الرأي الثالث
أكدت مصادر يمنية عاملة في قطاع الإغاثة أن تصعيد الحوثيين حملتهم ضد موظفي الأمم المتحدة، واحتلالهم مكاتبها، واعتقال العشرات منهم، يهدد بحرمان أكثر من 3 ملايين شخص يحصلون على مساعدات غذائية شهرية حالياً منها، إذا ما تقرر وقف النشاط الإغاثي في تلك المناطق مع ازدياد المخاطر الأمنية على العاملين في مكاتب المنظمات الأممية والدولية أيضاً.
وذكر 4 مصادر من العاملين في قطاع الإغاثة أن حملة الاعتقالات الأخيرة التي استهدفت 10 من موظفي الأمم المتحدة، إلى جانب اعتقال أكثر من 44 سابقاً، والاستيلاء على مكاتب عدد من الوكالات الأممية ومصادرة أصولها، شكّلت «لحظة فاصلة» في العمل الإغاثي قد تدفع باتجاه تعليق الأنشطة الإنسانية كافة في مناطق سيطرة الحوثيين،
حيث تعكف هذه المنظمات حالياً على مراجعة وتقييم بيئة العمل وتحديد الإجراءات المطلوبة تجاه تصعيد الجماعة.
ووفق المصادر، فإن خيارات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية أصبحت محدودة للغاية بعد فشل رهان الممثل المقيم - الذي تنتهي فترته في نهاية العام الحالي - على إمكانية إطلاق سراح الموظفين الأمميين وزملائهم العاملين في منظمات دولية عبر الضغوط الدبلوماسية والتفاوض.
وقالت المصادر إن الممثل المقيم «راهن كثيراً» على وعود قطعها له وزير خارجية الحوثيين الراحل جمال عامر، قبل مقتله في غارة إسرائيلية أخيراً، بإطلاق سراح جزء من المعتقلين والحصول على «عفو» من زعيم الجماعة عن الجزء الآخر، غير أن شيئاً من ذلك لم يحدث؛
إذ لم يفرَج سوى عن موظف واحد فقط، بينما أوقفت الجماعة إحالة دفعة جديدة من المعتقلين إلى المحكمة المختصة بـ«قضايا الإرهاب وأمن الدولة»، بعد أن كانت قد أحالت دفعة أولى تضم نحو 18 موظفاً.
مخاطر أمنية
ووفق إفادة المصادر العاملة في الإغاثة، فإن معظم المنظمات الدولية لم تعد تعمل في مناطق الحوثيين بسبب النقص الحاد في التمويل، إلى جانب المخاطر الأمنية التي تهدد موظفيها،
وبالتالي، فإن قرار هذه المنظمات الرحيل بالكامل - كما يُتوقع - سيجعل من الصعب على الأمم المتحدة الاعتماد على شركاء محليين في توزيع المساعدات؛ لأن أغلب المنظمات المحلية هناك تتبع قيادات حوثية وتعمل لمصلحة الجماعة.
من جهتها، انتقدت السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، احتجاز الحوثيين موظفي الأمم المتحدة، وقالت إن ملايين الأشخاص في شمال اليمن «يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة لإنقاذ حياتهم، بينما يواجه الآلاف خطر المجاعة».
وأضافت أن الجماعة الحوثية، رغم هذه الظروف، «تواصل احتجاز ومضايقة موظفي الأمم المتحدة العاملين في المجال الإنساني، وعرقلة وصول المساعدات المنقذة للحياة إلى الفئات الأشد ضعفاً؛ مما يسبب معاناة لا يمكن تصورها».
وأكدت السفيرة، في تغريدة على منصة «إكس»، أن تصرفات الحوثيين «تؤجج الأزمة الإنسانية وتفاقم معاناة اليمنيين»، ودعتهم إلى «الاستجابة فوراً للدعوات المتكررة الصادرة عن مجلس الأمن، والإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفياً».
تحذير من الجوع
وتتزامن هذه التطورات مع تقرير «شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة» التي توقعت أن يواجه ما بين 50 و55 في المائة من سكان اليمن فجوات بين متوسطة وشديدة في استهلاك الغذاء،
مشيرة إلى أن 354 ألف شخص تضرروا من الفيضانات الواسعة التي وقعت خلال الشهرين الماضيين في 125 مديرية ضمن 19 محافظة من محافظات البلاد.
وأكدت «الشبكة» أن الفيضانات في محافظة لحج غمرت مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، وألحقت أضراراً بآبار مياه الشرب والمنازل، وجرفت المحاصيل وممتلكات الأسر، كما تسببت في خسائر فادحة بمحافظة تعز نتيجة تضرر الأراضي الزراعية والمحاصيل الدائمة، مثل الطماطم ومستعمرات نحل العسل.
كما أُبلغ عن خسائر زراعية وحيوانية في مديرية مأرب الوادي بمحافظة مأرب، ومديرية بني حشيش بمحافظة صنعاء.
ووفق التقرير الحديث، تُعدّ مديريات البريقة والتواهي ودار سعد في محافظة عدن من أشد المناطق تضرراً من حيث الأضرار الواسعة التي لحقت بممتلكات الأسر. كما ألحقت الفيضانات أضراراً جسيمة بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك الجسور والطرق والخدمات العامة والمرافق الصحية وشبكات المياه والصرف الصحي.
وتوقعت «الشبكة» زيادة خطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه، مثل الكوليرا، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مشيرة إلى أن حالات الإسهال المائي الحاد ارتفعت بنسبة 65 في المائة بمحافظتي الحديدة وحجة خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، مقارنة بشهر أغسطس (آب) الذي سبقه.