احتجاجات حول العالم في الذكرى الثانية لحرب الإبادة على غزة
الرأي الثالث - وكالات
مع حلول الذكرى الثانية لحرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة تبدّلت خريطة المواقف في أوروبا على نحو دراماتيكي. من موقف رسمي داعم بالكامل لإسرائيل، إلى موجات تضامن شعبي ونقابي وثقافي آخذة بالتصاعد، أصبحت معها القارة الأوروبية ساحة مواجهة أخلاقية بين الضمير الشعبي والتواطؤ الحكومي.
عامان كانا كفيلين بخلخلة السردية الإسرائيلية داخل الوعي الأوروبي، بالطبع بأثمان فلسطينية هائلة على مستوى الأرواح والتدمير في غزة.
فما كانت تُبرّره الحكومات لإسرائيل تحت عنوان "الدفاع عن النفس"، بات يُوصف اليوم بـ"جرائم الإبادة"، في خطاب سياسي يتقدّم ببطء، بينما الشارع يسبقه بخطوات واسعة.
في الأشهر الأولى للحرب على غزة انحازت معظم العواصم الأوروبية بشكل مطلق لإسرائيل، تحت غطاء "الدفاع عن النفس"، وسط صمت رسمي عن المجازر والتهجير والتجويع في غزة.
لكن صور الأنقاض، وشهادات المستشفيات المدمّرة، ونداءات المُحاصرين، كسرت هذا الصمت، لتخترق الرواية الفلسطينية جدران الإعلام والشارع الأوروبيين، مؤكدة أن القصة لم تبدأ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
احتجاجات حول العالم في الذكرى الثانية لحرب الإبادة على غزة
نظمت احتجاجات في عدد من المدن حول العالم لمرور عامين على حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، بما يعكس تحولا لافتا بالمزاج العام خاصة في الشارع الغربي تجاه إسرائيل، ويقودها نحو مزيد من العزلة على الساحة العالمية.
وعلى مدار عامين من الحرب، دفع الوضع الإنساني المتردي للفلسطينيين في غزة إلى تنظيم مسيرات واحتجاجات شارك فيها الملايين في أنحاء العالم أملاً بالضغط على حكوماتهم لإنهاء الحرب.
ونُظمت مسيرات، أمس الثلاثاء، في سيدني بأستراليا وفي مدن أوروبية منها لندن وباريس وجنيف وأثينا وسالونيك وإسطنبول واستوكهولم، لتسليط الضوء على الأزمة الإنسانية في غزة والدفاع عن حقوق الفلسطينيين.
وفي لندن، لوّح مئات المحتجين بأعلام فلسطينية وهتفوا "إسرائيل دولة إرهابية" أمام جامعة كينغز لندن، قبل أن يسيروا صوب جامعات أخرى، في حين وقفت مجموعة صغيرة تلوح بأعلام إسرائيلية على مقربة.
وارتدى مارك إتكيند، وهو متقاعد في أوائل الستينيات من عمره من لندن، لافتة حول عنقه مكتوبا عليها أنه ابن أحد الناجين من الهولوكوست لكنه يعارض الإبادة الجماعية في غزة.
وقال إن دعوة رئيس حكومة بريطانيا كير ستارمر للطلاب بعدم التظاهر "مشينة". وأضاف "لطالما عارضت الإبادة الجماعية... بالطبع، أنا أؤيد الطلاب الذين ينشطون في معارضة الإبادة الجماعية".
أما في هولندا، فقد رش نشطاء مناصرون للفلسطينيين طلاء أحمر على القصر الملكي في أمستردام احتجاجاً على منع رئيس بلدية المدينة لمسيرة مؤيدة للفلسطينيين، في حين سمح بتنظيم فعالية مؤيدة لإسرائيل، قبل أن تنطلق مسيرة أخرى منددة بالحرب من محطة أوتريخت.
وفي تركيا، نُظّم احتجاج أمام شركة مصدرة للطاقة إلى إسرائيل، كما احتشد العشرات عند برج غلاطة الأيقوني في إسطنبول، حيث تم إضاءته بألوان العلم الفلسطيني لجذب الانتباه للوضع الإنساني في غزة.
وفي السويد، استقبل متظاهرون عدداً من النشطاء الذين احتجزتهم إسرائيل، ومن بينهم الناشطة السويدية في مجال المناخ غريتا تونبرغ، لأنهم حاولوا كسر الحصار البحري على غزة عبر أسطول الصمود العالمي وتقديم مساعدات للقطاع.
وفي إيطاليا، حظرت السلطات تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في مدينة بولونيا شمالاً وأرجعت ذلك إلى احتمال حدوث اضطرابات، وذلك بعد احتجاجات واشتباكات مع الشرطة استمرت أياماً في أنحاء البلاد.
وقال ممثل وزارة الداخلية في بولونيا إنريكو ريتشي، للصحافيين، "ستُحظر التظاهرة تماماً".
وفي اليابان، نظم المئات من المتظاهرين، من بينهم فلسطينيون، مسيرة في وسط العاصمة طوكيو للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن المحتجزين. كما نظمت مسيرات مماثلة في أوساكا ومدن أخرى.
عربياً، شهد شارع الحبيب بورقيبة وسط تونس، أمس الثلاثاء، مسيرة شارك فيها المئات من طلبة الجامعات، مرددين شعارات مساندة للمقاومة مثل "لا صلح ..لا اعتراف.. لا تفاوض"، و"مقاومة مقاومة.. لا صلح لا مساومة".
والفعاليات التي دعا إليها الاتحاد العام التونسي للطلبة، في بيان صادر عنه، جرت تحت شعار "طوفان الجامعة سند للمقاومة".
وقال أمين عام الاتحاد العام التونسي للطلبة وسيم بن مسعود: "إننا نحيي ذكرى طوفان الأقصى (قبل ساعات من انطلاق حرب الإبادة الإسرائيلية) كمناسبة لإحياء الضمير العالمي والالتفات للقضية الفلسطينية بوصفها قضية حق".
وتابع: "خرجت مسيرة كبرى في تونس العاصمة كما نظمنا وقفات احتجاجية تضامنية في كليات بنزرت وسوسة وصفاقس وباجة ونابل والقيروان وغيرها".
وقال بن مسعود: "كل الولايات شملتها التحركات اليوم داخل الجامعة وخارجها كما نفذنا وقفات احتجاجية أمام مقرات شركة كارفور باعتبارها شركة داعمة للجيش الصهيوني".
وفي موريتانيا، شارك الآلاف في مسيرات بعدة مدن في البلاد، بينها العاصمة نواكشوط ومدينة تمبدغه، مرددين شعارات داعمة للفصائل الفلسطينية. وأكد المشاركون في المسيرات عزمهم الاستمرار في حراكهم الداعم لغزة حتى وقف حرب الإبادة الإسرائيلية.
ودعا المشاركون الشعوب العربية والإسلامية إلى "الاستمرار في تقديم كل أشكال الدعم لغزة، بما في ذلك تنظيم قوافل كسر الحصار وحملات التبرع لصالح سكان القطاع" المحاصر منذ أكثر من 18 عاماً.
( رويترز، الأناضول )