Logo

الحكومة اليمنية تعلن انفراج أزمة الرواتب بعد انقطاعها 4 أشهر

الرأي الثالث - وكالات 

أعلنت الحكومة اليمنية ، اليوم الخميس، بدء صرف الرواتب المتأخرة لموظفي الدولة في القطاعين المدني والعسكري وفق خطة مالية وإدارية شاملة يجري تنفيذها بإشراف مباشر من رئيس مجلس الوزراء سالم صالح بن بريك، وبالتنسيق بين وزارة المالية والبنك المركزي اليمني والجهات ذات العلاقة والقطاع المصرفي المحلي.

وأكدت الحكومة أنها تعمل حالياً وبالتنسيق مع البنك المركزي اليمني على خطة متكاملة لضمان انتظام صرف الرواتب شهرياً، وتصفية كل الأشهر المتأخرة تدريجياً، 

بالتوازي مع إصلاحات مالية وهيكلية تهدف إلى تحقيق الاستدامة في تمويل الرواتب وتحسين أوضاع العاملين في الدولة.
 
ويعاني الموظفون اليمنيون في عدن ومناطق إدارة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عدمَ تسلّم رواتبهم منذ أربعة أشهر وسط استياء وسخط من عملية تأخير صرفها في ظل وضع معيشي متردٍّ يطاول جميع المواطنين. 

في السياق، يؤكد المواطن وهيب حيدر، وهو موظف في إحدى الدوائر الحكومية بمدينة عدن، أنه يعتمد بشكل كلي على راتب الوظيفة الحكومية مصدرَ دخلٍ وحيداً تعيش منه أسرته المكونة من 5 أفراد، 

مشيراً إلى أن الناس استبشروا خيراً بتعيين رئيس الحكومة سالم بن بريك قبل نحو خمسة أشهر لتحسين وضعهم المعيشي وزيادة رواتب الموظفين الضئيلة، لكن منذ تعيينه اختفى الراتب بشكل نهائي ولم يتم صرفه حتى الآن.

وتقول الحكومة اليمنية إنها تولي قضية صرف الوراتب لموظفي الدولة في القطاعين المدني والعسكري أولوية مطلقة، انطلاقاً من مسؤوليتها الوطنية والإنسانية تجاه كل العاملين في مؤسسات الدولة، وإدراكها العميق لمعاناة تأخر صرف الرواتب وما يترتب عليه من آثار معيشية واقتصادية صعبة. 

وأشارت مصادر حكومية مطلعة، إلى أنها تبذل جهوداً كبيرة لتجاوز أزمة تأخر صرف الرواتب من خلال العمل على توسيع قاعدة الإيرادات، وتعزيز الانضباط المالي، وترشيد النفقات، وضمان الشفافية في إدارة الموارد العامة.
 
من جانبه، يتحدث صلاح قايد، وهو موظف حكومي، بسخط شديد  "الإصلاحات التي يتحدثون عنها لا تؤكل عيشاً، ولا تسمن ولا تغني من جوع، لم نعد قادرين على مواجهة متطلبات المعيشة والأكل والشرب، والحكومة تريد تأكلنا إصلاحات وقرارات".

 ويرى اقتصاديون أن الحكومة ممثلة في وزارة المالية هي المسؤولة بشكل مباشر عن تغطية رواتب الموظفين والنفقات التشغيلية.

 وفي ظل عدم توريد كل موارد الدولة إلى حساب الحكومة في البنك المركزي، ستواجه عجزاً كبيراً في تغطية هذه الالتزامات، كما هو حاصل في عدم القدرة على صرف رواتب الموظفين التي تعتبر أولوية للحكومة لا تحتمل التأجيل أو التأخير، ومقياس لفشلها أو نجاحها.
 
يأتي ذلك في الوقت الذي لا تزال وزارة المالية بدون وزير يديرها منذ تعيين سالم بن بريك في منصب رئيس الحكومة والذي يبدو أنه مستمر في شغل منصبه السابق وزيراً للمالية وسط أزمات عاصفة قد تدفع بها إلى الاستقالة من رئاسة الحكومة والعودة إلى إدارة وزارة المالية.

 بدوره، الخبير الاقتصادي محمد الكسادي، أستاذ الاقتصاد بجامعة حضرموت، يشدد على ضرورة إيجاد حل لهذه الأزمة والمسارعة في صرف الرواتب وانتظامها، وذلك من خلال العمل على تحصيل إيرادات الدولة من ضرائب وجمارك، وإيرادات الجهات العامة، ومنع الإعفاءات الضريبية.

ويشير إلى أن الحكومة تتحدث عن تحقيق إنجازات من خلال تنفيذ برنامج الإصلاحات وتحسين سعر صرف العملة بنسبة 44%، غير أنها لا تعني شيئاً إذا لم يلمس أثرها أحد كما هو واضح من عدم القدرة على صرف رواتب الموظفين، ولا حتى من ناحية تخفيض أسعار السلع التي لا تزال مرتفعة، 

بالرغم من التحسن في سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية. 

وكان رئيس الحكومة سالم بن بريك الذي يوجد منذ الشهر الماضي في العاصمة السعودية الرياض، قد زار دولة الإمارات العربية المتحدة؛ للبحث عن دعم ومساعدات مالية لتغطية العجز في الموازنة العامة، وصرف رواتب الموظفين التي تمثل إرباكاً شديداً للحكومة في ظل عجزها التام عن صرفها منذ أربعة أشهر.
 
ويصف المحلل الاقتصادي وفيق صالح، تأخر الحكومة في دفع رواتب الموظفين للشهر الرابع، بأنه "مؤشر خطير على تفاقم عجز المالية العامة للدولة، وضعف سيطرة الحكومة على الموارد المحلية، خصوصاً أن هذه الأزمة تأتي لأول مرة منذ توقف الصادرات النفطية في أكتوبر 2022، وهو ما يعني أن هذا العجز المالي هو مضاعفات خطرة لفجوة الموارد التي تعاني منها الحكومة وتوقف الصادرات النفطية".

وبحسب المحلل، فإن على الحكومة اتخاذ الإجراءات اللازمة والعاجلة لضمان توريد كل موارد الدولة إلى حسابها في البنك المركزي، مع العمل على تحصيل هذه الموارد بكفاءة عالية وتنميتها، والحد من الإنفاق غير الضروري ومكافحة الفساد المالي والإداري، كما يجب إيقاف الممارسات التي تستنزف الموارد المالية، مثل صرف الرواتب بالدولار بمبالغ كبيرة.

ويقول صالح إن "هناك حلقة مفقودة في قضية أزمة الرواتب، لم تفصح الحكومة عنها رغم تأكيدنا على وجود أزمة مالية تواجه الحكومة في مسألة الإيرادات والنفقات،

 بمعنى أن الدعم السعودي الأخير هو موجه أساساً لمعالجة عجز ميزانية الدولة من خلال دفع رواتب الموظفين ومواجهة الأعباء المالية المتزايدة في ملف الخدمات،  رغم أنه يعد حلاً طارئاً يساعد الحكومة من تحقيق استقرار مؤقت فقط".
 
ويؤكد أن الحكومة الآن مطالبة بالالتزام بمبادئ الشفافية والإفصاح، في قضية الإيرادات والنفقات وكل أنشطة القطاعات والمؤسسات العامة، وذلك من أجل تسهيل تشخيص المشكلات ووضع الحلول والمعالجات المطلوبة في هذا الشأن، 

و"هذا ما يضع الحكومة الآن أمام مسؤولية مباشرة وكاملة في تأخر دفع رواتب الموظفين، وذلك لما لها من تأثيرات وتداعيات كارثية على تفاقم الوضع المعيشي للمواطنين"، وفق قوله.