رغم بيانات التنديد... الحوثيون يصعّدون ضد الموظفين الأمميين
الرأي الثالث - متابعات
وجّه الحوثيون رسالة تحدٍ جديدة للأمم المتحدة باقتحام مجمع سكني يضم موظفين دوليين تابعين للمنظمة الدولية في صنعاء، حيث خضع العاملون فيه للاستجواب بعد مصادرة جوالاتهم وأجهزتهم الإلكترونية، كما وسعت الجماعة حملة الاعتقالات المستمرة منذ شهر ونصف الشهر، لتشمل هذه المرة أتباعاً لها، إذ اعتقلت اثنين من العاملين في محطة إذاعية موالية.
وأشار المتحدث إلى أن الأمم المتحدة تتخذ جميع التدابير اللازمة، وهي على اتصال بالسلطات المعنية والجهات النظيرة لضمان سلامة وأمن موظفيها وممتلكاتها.
وكانت مصادر محلية ذكرت أن قوة من مخابرات الحوثيين اقتحمت مقر إقامة عدد من موظفي الأمم المتحدة واحتجزتهم بعد مصادرة أجهزتهم ومعداتهم الإلكترونية، في سياق حملة اتهامات أطلقها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي ضد موظفين في المنظمة الدولية، زاعماً تورطهم في «أنشطة تجسسية». وشملت الاتهامات مسؤول الأمن والسلامة في برنامج الأغذية العالمي وآخرين بمنظمة «اليونيسف».
إدانة حقوقية
على وقع تصاعد القمع الحوثي ضد الموظفين الأمميين توالت بيانات التنديد، ورأت رابطة أمهات المختطفين في هذه الانتهاكات تجاوزاً خطيراً وإصراراً على استمرار الاختطافات بحق المدنيين وموظفي الأمم المتحدة. وأوضحت أن عناصر الحوثيين أنزلوا الموظفين إلى الطابق الأرضي وصادروا جوالاتهم وأجهزة الحاسوب الخاصة بهم.
الحوثيون اعتقلوا المئات بينهم نحو 130 من عمال الإغاثة (إعلام محلي)
وقالت الرابطة إنها تدين «بأشد العبارات» هذه الممارسات التي تأتي في وقت تتصاعد فيه الدعوات للإفراج عن المختطفين والمضي في مسار سلام حقيقي، عادّةً أن الجماعة تمضي في تصعيد خطير ضد العاملين في المجال الإنساني، ما يهدد بتعطيل جهود الإغاثة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها اليمنيون.
وفي بيان سابق أعربت الحكومة اليمنية عن إدانتها الشديدة لتصريحات زعيم جماعة الحوثيين التي اتهم فيها موظفين أمميين في صنعاء بالتجسس لصالح دول أجنبية، ووصفت تلك التصريحات بأنها «محاولة لتبرير الانتهاكات الخطيرة» ضد العاملين الإنسانيين ومؤسسات الأمم المتحدة.
وقالت وزارة الخارجية اليمنية في بيان إن «هذه الادعاءات ليست إلا محاولة لتبرير سلسلة الإجراءات التعسفية التي تنفذها الميليشيات ضد المنظمات الدولية، بما في ذلك اقتحام مكاتبها، وتوقيف موظفيها المحليين، ومصادرة معداتها، وفرض قيود مشددة على حركة العاملين في المجال الإنساني، الأمر الذي يهدد استمرار البرامج الإغاثية المنقذة للحياة لملايين اليمنيين».
وقال غوتيريش في بيان إن «مثل هذه الاتهامات خطيرة وغير مقبولة، وتُعرّض سلامة موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني لخطر جسيم، كما تُقوّض عمليات إنقاذ الأرواح». وأضاف أن موظفي الأمم المتحدة «يخاطرون بحياتهم يومياً لتقديم الدعم للمجتمعات التي هي بأمسّ الحاجة إلى المساعدة الإنسانية، ملتزمين بمبادئ الإنسانية والحياد والاستقلال والنزاهة».
توسيع الاعتقالات
في سياق متصل، وسّعت الجماعة الحوثية نطاق الاعتقالات التي شملت العشرات من العاملين في الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية والمحلية، واعتقلت اثنين من الإعلاميين العاملين في محطة إذاعية تابعة لها في صنعاء.
ووفقاً لمصادر محلية، فقد اعتقلت أجهزة المخابرات الحوثية كلاً من علي القاضي، مدير البرامج في إذاعة «وطن»، ومحمد الشينة، مدير وحدة الإعداد والمراجعة في الإذاعة نفسها. وأوضحت أن الرجلين اعتُقلا أثناء إعداد برنامج مصور في المدينة، ورجحت أن يكون سبب الاعتقال تصوير مقطع فيديو، إذ تحظر سلطات الحوثيين تصوير أي مشاهد في صنعاء بدواعٍ «أمنية».
تصعيد الحوثيين لحملة الاعتقالات امتد إلى مناصريهم (إعلام محلي)
إلى ذلك، جدّدت نقابة الصحافيين اليمنيين مطالبتها بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الصحافي ماجد زايد والكاتب أوراس الإرياني اللذين اعتقلهما الحوثيون أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، معبّرة عن قلقها البالغ إزاء استمرار احتجازهما دون مسوغ قانوني أو إجراءات قضائية واضحة.
وقالت النقابة في بيان جديد إن استمرار اعتقال الرجلين «يشكّل انتهاكاً صارخاً لحرية التعبير، ومخالفة للدستور اليمني والمواثيق الدولية»، مذكّرة بمطالبها السابقة بالإفراج عن جميع الصحافيين المعتقلين منذ فترات سابقة، ومنهم وحيد الصوفي، ونبيل السداوي، ومحمد المياحي، وعبد العزيز النوم، الذين يعيشون أوضاعاً إنسانية صعبة.
ودعت النقابة المنظمات الدولية، وفي مقدمتها «الاتحاد الدولي للصحافيين»، و«اتحاد الصحافيين العرب»، إلى التحرك العاجل للضغط من أجل إطلاق سراحهم، وضمان سلامتهم الجسدية والنفسية.
وفي السياق أعلنت جماعة الحوثي رفضها القاطع واستنكارها بيان المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة الذي تناول قضية المختطفين من موظفي الأمم المتحدة على ذمة ما سمته "أعمال التجسس".
وقال وزارة الخارجية في حكومة الحوثي (غير معترف بها دوليا) في بيان إن الأحرى بأمين عام الأمم المتحدة طلب إطلاع المنظمة الأممية على الدلائل القاطعة لارتكاب بعض موظفي برنامج الأغذية العالمي ومنظمة اليونيسف لأعمال تجسس خطيرة أدت لاستهداف قيادات.
ودعت خارجية الحوثي الأمم المتحدة وكافة الوكالات والبرامج والصناديق التابعة لها، وكل العاملين فيها، إلى النأي بالنفس عن الأعمال والأنشطة العدائية التي تُشكل إنتهاكاً لولايتها ومهامها واختصاصاتها.
وحسب البيان فإن ما يقوّض العمل الإنساني هو انتهاك بعض المنظمات الأممية لولايتها، ولمبادئ العمل الإنساني من حياد واستقلال ونزاهة، وجعل من نفسها مظلة لشرعنة الأعمال الجاسوسية لصالح دول وكيانات معادية وتُهدد أمنها القومي، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وكيان العدو الإسرائيلي.
وجددّ البيان التأكيد على أنه لا حصانة للجواسيس والمخربين ومن يحاولون إثارة الفوضى، فالأمن القومي والمصلحة الوطنية العليا تعلوا على ما دونها من المصالح.
ويوم أمس الأول، دعا المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، إلى إطلاق سراح الموظفين الأممين المختطفين لدى جماعة الحوثي خلال حملتها الأخيرة وآخرين اختطفوا خلال الأعوام الماضية.
وبحسب بيان صادر عن المبعوث الأممي الذي أنهى يوم أمس زيارة للرياض، حيث ناقش خلال جميع اجتماعاته، استمرار احتجاز جماعة الحوثي لموظفي الأمم المتحدة والدبلوماسيين والعاملين في المنظمات غير الحكومية،
مشدداً على أن مثل هذه الأفعال تعرقل العمليات الإنسانية وتقوّض جهود السلام.
وأكد أن سلامة وأمن جميع العاملين في المجال الإنساني تشكل أولوية قصوى للأمم المتحدة ويجب ضمانها، ودعا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الموظفين المحتجزين.
وفي مطلع سبتمبر الماضي، أدان غروندبرغ في بيان له بشدة الموجة الجديدة من الاعتقالات التعسفية لموظفي الأمم المتحدة اليوم في صنعاء والحديدة من قبل جماعة الحوثي، وكذلك الاقتحام القسري لمقرات الأمم المتحدة والاستيلاء على ممتلكاتها.
وأشار البيان، إلى أنه تم اعتقال ما لا يقل عن 11 موظفًا من موظفي الأمم المتحدة، لافتا إلى أن هذه الاعتقالات تضاف إلى 23 موظفًا من موظفي الأمم المتحدة ما زالوا رهن الاحتجاز، بعضهم محتجز منذ عامي 2021 و2023،
بالإضافة إلى مختطف واحد توفي جراء التعذيب، أثناء الاحتجاز في وقت سابق من هذا العام، فيما ذكر بيان أممي آخر أن موظفي الأمم المتحدة وبقية المنظمات، المختطفين لدى الحوثيين ارتفع إلى 54 شخصا.
وأوضح غروندبرغ، بأنه وعلى الرغم من الجهود المستمرة والمساعي التي تمت للحصول على ضمانات خلال العام الماضي، استمر الاحتجاز التعسفي لموظفي الأمم المتحدة والعاملين في المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني،
مؤكدا أن هذه الإجراءات تُعيق بشدة الجهود الأوسع نطاقًا لتقديم المساعدات وتعزيز السلام في اليمن.
ولفت البيان، إلى أن عمل موظفي الأمم المتحدة يُصمم ويُدار وفقًا لمبادئ الحياد والنزاهة والاستقلالية والإنسانية، مشيرا إلى أن هذه الاعتقالات تشكل "انتهاكًا للالتزام الجوهري باحترام وحماية سلامتهم وكرامتهم وقدرتهم على أداء عملهم الأساسي في اليمن".
وجدد المبعوث الأممي، مطالبته لجماعة الحوثي، بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى موظفي المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، ومنظمات المجتمع المدني، والبعثات الدبلوماسية.
وأُعرب غروندبرغ، عن تضامنه مع زملائه المختطفين وعائلاتهم، مؤكدا أن إطلاق سراحهم سيظل أولويةً له ولسائر أسرة الأمم المتحدة.
وفي الـ 30 من أغسطس الماضي، أعلنت جماعة الحوثي مقتل أحمد غالب الرهوي، رئيس الحكومة غير المعترف بها دوليا وعددا من وزرائه في هجوم شنته إسرائيل على تجمعا لهم في صنعاء في الـ 28 من أغسطس 2025م.
ويوم الجمعة 29 أغسطس الماضي، توعد زعيم جماعة الحوثي، بتحصين جبهته الداخلية، وشن حملة اختطافات جديدة في مناطق سيطرته المسلحة، بذريعة "الخيانة والعمالة"، تجاه العملية الأخيرة التي طالت حكومته بغارات جوية نفذها الطيران الإسرائيلي.