Logo

شروط لبنانية للتفاوض مع إسرائيل وبرّاك يحذر من "مواجهة كبرى"

الرأي الثالث - وكالات 

 يتصدّر الحديث عن مفاوضاتٍ مرتقبة بين لبنان وإسرائيل المشهد السياسي، ولا سيما عقب إثارة الرئيس اللبناني جوزاف عون الموضوع يوم الاثنين الماضي وربطه بثوابت أساسية يتقدّمها وقف إسرائيل عملياتها العسكرية على الأراضي اللبنانية. 

وبدأت الأروقة الرسمية في لبنان تشهد حراكاً مكثفاً في الأيام الماضية على مستوى الرئاسات الثلاث من أجل بلورة موقفٍ موحّدٍ تحضيراً لأي استحقاقٍ منتظر، خصوصاً قبيل وصول السفير الأميركي الجديد لدى بيروت، اللبناني الأصل ميشال عيسى، الذي من المتوقّع أن يكون له دور أساسي في الملف التفاوضي، علماً أنّ موعد تسلّمه منصبه لم يُحسَم بعد، بانتظار انتهاء الإجراءات الأميركية.

في هذا الإطار، قالت مصادر رسمية لبنانية ، إنّه "لا اقتراح أميركياً رسمياً ونهائياً وصل إلى لبنان، لكن تبعاً للمشاورات واللقاءات، ولا سيما تلك التي عقدها عون في نيويورك، والاتصالات التي حصلت عقب التوصل إلى اتفاق إنهاء الحرب في غزة،

 فإنّ الولايات المتحدة أكدت سعيها لحلّ الأزمة في لبنان كما عملت على ملف غزة، وضرورة حصول ذلك في أقرب وقت، ولبنان عبّر عن انفتاحه على أي مفاوضات، شرط أن تكون غير مباشرة، على غرار ما حصل إبّان ترسيم الحدود البحرية عام 2022، وشرط أن تحصل أيضاً بعد وقف إسرائيل اعتداءاتها على لبنان، فهذه ثوابت لبنانية أساسية".

وأضافت المصادر أن "مشاورات حصلت على خطّ الرؤساء الثلاثة لبلورة موقف موحّد، فهناك تمسّك بمطالب لبنان لناحية وقف الاعتداءات الإسرائيلية، وانسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها، وإطلاق سراح الأسرى لديها، والتزام إسرائيل بالتالي باتفاق 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024"، 

وأردفت "لبنان فعل كل الخطوات التي طُلِبت منه، سواء التزامه بالاتفاق، أو إقراره أهداف الورقة الأميركية، ووضع خطة تطبيقية لحصر السلاح سبق أن بدأت خطواتها في نوفمبر الماضي، وهو مستمرّ بها، على أن ينهي المرحلة الأولى آخر السنة الحالية لجعل جنوب نهر الليطاني منزوع السلاح بشكل كامل،

 وهذا ما يتطلب وقف الخروقات الإسرائيلية، إضافة لمهام الجيش الأخرى على مستوى مكافحة التهريب وضبط الحدود وغيرها من العمليات النوعية التي قام بها".

وحول ما إذا كانت الاقتراحات تتضمّن وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار لمدة شهرين، قالت المصادر نفسها إن "لبنان سبق أن اقترح وقفاً لإطلاق النار لمدة 60 يوماً، يتم خلالها التفاوض على الملفات العالقة، ومنها الانسحاب الإسرائيلي وترسيم الحدود البرية، وإطلاق سراح الأسرى، وغيرها، ولو أنه يتمسّك بمبدأ وقف نهائي لإطلاق النار، 

لكنه لا يمانع ذلك، كونه يرفض أي تفاوض تحت النار، وفي ظل استمرار الاعتداءات، كما سبق للبنان أن التزم مبدأ الخطوة مقابل خطوة، لكنه قام بخطوته بعكس الإسرائيلي، من هنا، فإنّ على الأميركيين والفرنسيين أن يضغطوا باتجاه إسرائيل لتنفيذ التزاماتها".

وحول موقف حزب الله من التفاوض، قالت المصادر إن "المشاورات قائمة مع الحزب، والعمل يجري على إزالة بعض التباينات، ولكن الحزب لم يعترض على موضوع التفاوض غير المباشر، وهو لديه ثوابت وأولويات، على رأسها وقف الاعتداءات الإسرائيلية، وهو ما يرتكز عليه موقف لبنان أيضاً". 

وبشأن ما إذا كان العمل يجري على اتفاق هدنة بين لبنان وإسرائيل، قالت المصادر إن "هذا أيضاً ليس بجديد، فلبنان أكد مراراً ضرورة الالتزام باتفاقية الهدنة التي وُقعت مع إسرائيل عام 1949، أما مسألة التطبيع فهي خارج أي نقاش".
 
ولفتت المصادر إلى أن "هناك أجواء تفاؤلية، لكن تبقى حذرة، وتعتمد بالدرجة الأولى على الجهود الأميركية التي وضعت لإنهاء الحرب في غزة، وهو ما نعوّل عليه لبنانياً"،

 مشيرة إلى أنّ "هناك ضغوطا طبعاً يتعرّض لها لبنان، على رأسها تلك المرتبطة بملف إعادة الإعمار، لكن لبنان قام بالكثير خلال هذه الفترة، وهو يدعو رعاة الاتفاق إلى الضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها".
 
إلى ذلك، عرض رئيس الجمهورية جوزاف عون اليوم، مع رئيس البرلمان نبيه بري، للأوضاع العامة في البلاد، ولا سيما في الجنوب، في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، 

كما تم التطرق إلى التطورات في المنطقة بعد قمة شرم الشيخ والاتفاق حول غزة، وذلك بحسب ما أفاد بيان الرئاسة اللبنانية. وبعد اللقاء، اكتفى بري بالقول "اللقاءات دائماً ممتازة مع فخامة الرئيس".

وقال مصدر مقرّب من بري لـ"العربي الجديد"، إنّ "اللقاء كان إيجابياً، وهو يأتي استكمالاً للمشاورات السياسية القائمة خصوصاً على خطّ الرؤساء الثلاث، من أجل التطرق إلى التطورات الأخيرة مع تصعيد إسرائيل عدوانها على لبنان، ومواصلة طلب الخارج،

 ولا سيما رعاة اتفاق وقف إطلاق النار، أميركا وفرنسا، الضغط عليها لوقف اعتداءاتها، وكذلك البحث في موقف لبنان من التفاوض مع إسرائيل والتأكيد على ضرورة أن يكون غير مباشر". 

وأشار المصدر إلى أن "اللقاءات ستستمر سواء المباشرة أو على صعيد ممثلي الرؤساء الثلاث، وعلى خطّ حزب الله أيضاً، فهذه المرحلة تقتضي التوافق والوحدة ووضع جميع الخلافات جانباً".

وكان عون قد شدد، يوم الاثنين الماضي، على ضرورة أن نصل إلى وقت تلتزم فيه إسرائيل بوقف العمليات العسكرية ضد لبنان، ليبدأ مسار التفاوض، لأن هذا المسار الذي نراه في المنطقة يجب ألا نعاكسه، 

وقد سبق للبنان أن تفاوض مع إسرائيل برعاية كل من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، ما أسفر عن اتفاق ترسيم الحدود البحرية، 

وفي السياق حذّر الموفد الأميركي توماس برّاك في مقال مطوّل على حسابه في إكس، اليوم الاثنين، من أنه "إذا لم تتحرّك بيروت، فسيكون الجناح العسكري لحزب الله حتماً في مواجهة كبرى مع إسرائيل وهي في لحظة قوتها، فيما دعم إيران للحزب في أضعف نقاطه، وفي المقابل، سيواجه جناحه السياسي، بلا شك، عزلة محتملة مع اقتراب انتخابات مايو/أيار 2026 النيابية"،

 مشدداً على أنه حان الوقت لأن يتحرّك لبنان الآن.

وكشف برّاك عن عرض قدّمته الولايات المتحدة إلى لبنان في وقتٍ سابقٍ من هذا العام، يندرج في إطار خطة بعنوان "محاولة أخرى"، تحوي إطار عمل لنزع السلاح على مراحل، وامتثال موثق، وحوافز اقتصادية تحت إشراف أميركا وفرنسا، لكن لبنان "رفض تبنّيها نظراً لتمثيل حزب الله ونفوذه في مجلس الوزراء اللبناني".

وتحدّث الموفد الأميركي عن سعي الولايات المتحدة إلى دفع لبنان نحو حلّ سلمي مع إسرائيل، حسب زعمه، "من خلال تقديم حوافز، وربط مساعدات إعادة الإعمار من دول الخليج بمعالم قابلة للقياس، وضمان التحقق، من خلال إشراف أميركا وفرنسا والأمم المتحدة، وتعزيز القوات المسلحة اللبنانية عبر التدريب والدعم المستهدفين" (وقد التزمت الولايات المتحدة هذا الشهر بأكثر من 200 مليون دولار إضافية للقوات المسلحة اللبنانية).

وأشار إلى أن "واشنطن كانت على استعداد لتوفير غطاء دبلوماسي للانتقال السياسي السلمي لحزب الله، وتنسيق البيانات الإقليمية التي تربط الاستثمار بالتقدم، ومساعدة بيروت في تقديم نزع السلاح ليس باعتباره استسلاماً، بل بوصفه استعادة السيادة، وقد تعثرت كل هذه المبادرات بينما تسارع بقية دول المنطقة نحو طرد وكلاء إيران الإرهابيين".

ونشر برّاك صباح اليوم الاثنين عبر حسابه على منصّة "إكس" مقالاً مطوّلاً باللغة الإنكليزية تحت عنوان "سورية ولبنان، هما القطعتان التاليتان في مسار السلام في المشرق"، تحدّث فيه عن وقائع مرتبطة بسورية ولبنان، من منظوره الشخصي، وقضايا لبنانية وصفها بالمعقدة، 

لافتاً إلى أن تأجيل الانتخابات النيابية في لبنان المرتقبة في مايو/ أيار 2026، "بحجة الحرب من شأنه أن يشعل فوضى عارمة في لبنان، ويمزق نظاماً سياسياً هشاً أصلاً، ويعيد إشعال فتيل انعدام الثقة الطائفية"، 

مشيراً إلى أن السفير الأميركي الجديد لدى بيروت ميشال عيسى سيصل إلى بيروت الشهر المقبل، "لمساعدة لبنان على السير بخطى ثابتة في هذه القضايا".
 
واعتبر برّاك أنه إذا تعرّض حزب الله لهجوم عسكري خطير من إسرائيل وواجه خسائر إقليمية أو سياسية أو في سمعته، "فمن شبه المؤكد أنه سيسعى إلى تأجيل انتخابات مايو 2026 للحفاظ على قاعدته وإعادة تنظيم صفوفه".