2025 الأسوأ على المنظمات الأممية وموظفيها في اليمن
2025 الأسوأ على المنظمات الأممية وموظفيها في اليمن
شهد شهر أكتوبر الجاري تصعيداً غير مسبوق ضد عمل المنظمات الأممية في مدينة صنعاء ومدن أخرى واقعة تحت سيطرة الحوثيين شمال وغرب اليمن، إذ شهدت مكاتب الأمم المتحدة سلسلة اقتحامات متكررة اتخذت طابعاً هستيرياً، ما يضع مستقبل استمرار هذه الوكالات الاغاثية في تلك المناطق على المحك.
وتحت ذريعة "ملاحقة خلايا تجسس"، استباح الحوثيون حياة عشرات الموظفين، واستولوا على مكاتب المنظمات، وصادروا أجهزة ومعدات من مقراتها، محوّلين حياة العاملين فيها — خلال نحو ستين يوماً، من أواخر أغسطس حتى السادس والعشرين من أكتوبر — إلى جحيم كما لم يحدث منذ اندلاع الصراع في اليمن قبل أحد عشر عاماً.
وكان عام 2025 الأكثر تصعيداً خلال الأعوام الأربعة الأخيرة، إذ شهدت المنظمات موجة ممنهجة من عمليات الاختطاف والإحلال نفذها الحوثيون، الذين بدأوا هذه الممارسات في نوفمبر 2021.
بلغ عدد المختطفين من العاملين في المنظمات الأممية حتى نهاية العام الماضي 17 شخصاً، وانضم إليهم نحو 60 آخرين جرى اعتقالهم خلال أشهر يناير ومايو وأغسطس وسبتمبر، وكان معظمهم في أكتوبر.
وقد تُوفي أحدهم في فبراير الماضي، بينما أُفرِج عن 20 منهم، بينهم 15 موظفاً دولياً، بعد احتجازٍ استمر ثلاثة أيام عقب اقتحام مساكنهم في صنعاء.
وكانت هذه الأرقام حتى يوم الخميس، غير أن مصادر حقوقية ترجّح أن العدد الفعلي قد يتجاوز 60 موظفاً إغاثياً من العاملين في وكالات الأمم المتحدة، لاسيّما في ظل تسجيل حالات اختطاف جديدة خلال الأيام الماضية،
فيما أشار المتحدث باسم الأمين العام، مساء اليوم الاثنين، إلى أن عدد الموظفين المعتقلين لا يقل عن 59 موظفاً، وذلك بعد اعتقال خمسة موظفين إضافيين خلال الأيام الأخيرة، بينهم زميلتان.
وبهذه الممارسات تنتهك الميليشيا المواثيق الدولية التي تضمن حماية البعثات الدبلوماسية والإنسانية، ما يهدد باندثار هذه البعثات ورحيلها من شمال اليمن، وفقاً لتلميحات المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في إحاطته الصحفية بتاريخ 24 أكتوبر الجاري.
وفي اطار استمرار استباحة المؤسسات الاممية قام الحوثيون خلال اليومين الماضيين بحملة شملت اقتحام ثلاثة مقرات وهي: مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن في منطقة حدة، ومقر منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في نفس المنطقة، ومقر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) في شارع الجزائر،
وهو ما أكده ستيفان دوجاريك في احاطته الأخيرة ستيفان دوجاريك حيث قال إن عناصر حوثية اقتحمت "خلال الأيام الماضية عدة مكاتب تابعة للأمم المتحدة في صنعاء، وصادروا معدات تقنية واتصالات وأصولاً أخرى".
وكان الصحفي فارس الحميري، قد ذكر في صفحته على موقع "فيسبوك" أن الحوثيين اعتقلوا ثلاثة موظفين من مفوضية اللاجئين لعدة ساعات قبل إطلاق سراحهم، كما صادروا أصولاً مهمة، بما في ذلك قاعدة بيانات المستفيدين من مشاريع المفوضية من النازحين واللاجئين.
ولم تقتصر الحملة على المقرات، حيث داهم الحوثيون منازل موظفتين يمنيتين تعملان في برنامج الأغذية العالمي (WFP)، وهما نسرين الشرماني وحنان الشيباني، وفق الحميري الذي أشار إلى أن الميليشيا اختطفت الشيباني من شقتها في حي "فج عطان" رغم معاناتها من وضع صحي حرج بعد أيام من ولادة مبكرة أدت إلى وفاة جنينها قبل أيام، لافتاً إلى أن الخوف من الاعتقال تسبب للشيباني بمضاعفات صحية خطيرة.
وارتفع عدد الموظفين اليمنيين الذين اعتقلهم الحوثيون مؤخراً إلى سبعة، جميعهم يعملون في برنامج الأغذية العالمي، وهم: أيمن الشوافي، إبراهيم المقالح، غازي الإرياني، محمود عبيد، نجيب الدريوم، شعيب عبدالله، وعلاء عبده.
وأكد الحميري أن هذه الاعتقالات أدت إلى توقف المراسلات والتواصل الرسمي بين المقرات الرئيسية والفروع الميدانية، مما يهدد بتوقف مشاريع الدعم الطارئ التي تستهدف الأسر المتضررة.
وكان وزير الاعلام معمر الارياني أدان ،حملة الاعتقالات التي تشنها مليشيا ضد موظفي الأمم المتحدة، محذراً من من مغبة استمرار وجود الموظفين المحليين العاملين في المنظمات الدولية داخل مناطق سيطرة الحوثيين،
مطالبا الأمم المتحدة باتخاذ ترتيبات عاجلة تضمن خروجهم الآمن وإعادة توزيعهم بما يحفظ سلامتهم ويصون كرامتهم.
وأكد أن تركهم في مواجهة خطر الاختطاف والاعتقال والملاحقة من قبل الحوثيين يمثل تقصيرا جسيما لا يمكن تبريره، ويعرض حياتهم للخطر المباشر.
ومنتصف الشهر الجاري قال عبد الملك الحوثي إن جماعته "اعتقلت خلايا تجسس" تعمل "تحت غطاء إنساني" داخل منظمات دولية عاملة في اليمن، منها برنامج الأغذية العالمي (WFP) واليونيسف.
واتهم تلك الخلايا بأنها قدمت "معلومات وإحداثيات للعدو" ولعبت "دوراً أساسياً في استهداف اجتماع حكومي في صنعاء"، مؤكداً أن "من أخطر المسارات الأمنية للعدو هي أنشطة خلايا التجسس التابعة لمنظمات تعمل في المجال الإنساني" وأن بعض أفرادها "استخدموا انتماءهم لتلك المنظمات غطاءً لأنشطة عدوانية تستهدف أمن الشعب".
في المقابل، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن "قلقه العميق" من الاتهامات التي وجهها الحوثيون ضد موظفي الأمم المتحدة في اليمن، مؤكداً أنه "يرفضها بشكل قاطع" لأنها "تشكل خطراً وتهديداً خطيراً لسلامة موظفي الأمم المتحدة والعاملين الإنسانيين وتقوّض العمليات المنقذة للحياة."
وأضاف أن موظفي الأمم المتحدة "يخاطرون بحياتهم يومياً لإنقاذ ومساعدة المجتمعات المتضررة، ملتزمين بمبادئ الإنسانية والحياد والاستقلال وعدم التحيز".