Logo

تمسك باستمرار «اتفاق غزة» بعد ليلة دامية

الرأي الثالث - وكالات

 تمسكت إسرائيل و«حماس» ووسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، باستمراره، بعد ليلة دامية شن فيها جيش الاحتلال غارات واسعة في أنحاء مختلفة من القطاع أسفرت عن أكثر من مائة قتيل.

وأعادت إسرائيل أجواء الحرب من جديد في القطاع، بعد قرار رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، شن هجمات قوية، متذرعاً بمقتل أحد جنودها في رفح أقصى جنوب القطاع، واتهامها «حماس» بتسليم بقايا جثمان رهينة سبق أن استعادته إسرائيل.
 
واستخدمت إسرائيل الطائرات الحربية والمروحية والمسيَّرة وحتى الانتحارية في هجماتها التي طالت بنايات ومنازل ومراكز إيواء وخياماً للنازحين، وحولتها مناطق مدمرة، في صورة مصغرة لأدواتها التي استخدمتها طوال أيام الحرب الأخيرة.

وحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، فإن 104 فلسطينيين قُتلوا، منهم 46 طفلاً و20 امرأة، في حين أُصيب 253 بينهم 78 طفلاً و84 امرأة، وارتفع عدد ضحايا الحرب منذ اندلاعها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى 68 ألفاً و643 قتيلاً.

جثث الإسرائيليين... تعقيدات الميدان وأعلى درجات الاستغلال

يستغل الاحتلال الإسرائيلي ملف جثث أسراه المتبقية في غزة لانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، سواء بالقصف المباشر أو بتقليص دخول المساعدات وعرقلة فتح معبر رفح البرّي مع مصر المغلق رغم الاتفاق على فتحه بعد أيام من إعلان اتفاق وقف النار ودخوله حيّز التنفيذ في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الحالي. 

من جهتها، تواجه الفصائل المسلحة صعوبات حقيقية في الوصول إلى جثث الإسرائيليين في غزة المتبقية لديها، وتعمل وفق المعطيات المعلنة والمشاهدات الميدانية بجد من أجل الوصول إلى المزيد من الجثث.

اغتيال نشطاء

وطالت إحدى الغارات في خان يونس جنوب القطاع مركبة كان على متنها ناشط ميداني من «كتائب القسام»، قُتل برفقة زوجته وطفليه، بعد أن نجا خلال الحرب من محاولتي اغتيال،

 بينما اغتيل قيادي ميداني آخر في شقة سكنية، ليلتحق بزوجته وأبنائه الذين قُتلوا في الحرب خلال محاولات اغتياله.

وقالت مصادر ميدانية إن الغارات استهدفت بعض نشطاء «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس»، وكذلك ناشطون في العمل الحكومي التابع لحكومتها في القطاع.

ولفتت إلى أن بعض من قُتلوا «ليسوا نشطاء كباراً أو ميدانيين»، لكنها أكدت أيضاً أنه «تم اغتيال أربعة نشطاء بارزين في العمل الميداني، بينهم قائد سرية في (قوات النخبة) بخان يونس، وقائد ميداني في بيت لاهيا شمال القطاع تم اغتياله مع زوجته وأبنائه في موقع نزوحهم بالنصيرات وسط القطاع».
 
ودفعت العمليات الإسرائيلية «حماس» إلى إبلاغ الوسطاء بأن «الحركة والفصائل الفلسطينية الأخرى غاضبة من التصرفات الإسرائيلية»، حسب ما أفادت مصادر تحدثت إلى «الشرق الأوسط».

ودعا بيان صادر عن الحركة «الوسطاء والضامنين إلى تحمّل مسؤولياتهم الكاملة إزاء هذا الانفلات العدواني، والضغط الفوري على حكومة الاحتلال لوقف مجازرها والالتزام التام ببنود الاتفاق».

وأعلن الجيش الإسرائيلي عن توقف هجماته في قطاع غزة عند الساعة العاشرة من صباح الأربعاء، وفقاً لتوجيهات المستوى السياسي، والعودة إلى تطبيق وقف إطلاق النار الذي اتهم «حماس» بانتهاكه.

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن العمليات في قطاع غزة تمت بموافقة من الولايات المتحدة.

«تحفظ أميركي»

وذكرت «القناة 12» الإسرائيلية أن مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب دعوا إسرائيل، قبل «عملية رفح» التي نفت «حماس» مسؤوليتها عنها، إلى «التحلي بضبط النفس» وعدم تنفيذ رد عسكري واسع؛ خشية أن يؤدي ذلك إلى انهيار الاتفاق الذي تم التوصل إليه بموجب خطة ترمب.

وعلى الرغم من أن إسرائيل شددت على أن الجندي الذي قُتل يحمل أيضاً الجنسية الأميركية، فقد رأى المسؤولون في واشنطن أنه «من الأفضل اتباع أساليب أكثر ذكاءً من التصعيد العسكري»، وشددوا على ضرورة «عدم تقويض الاتفاق».

وقدّم موقع «واللا» العبري رواية عن مقتل الجندي، مفادها أنه «خلال عملية هندسية معقدة في حي الجنينة برفح لتدمير آخر شبكة أنفاق بالمكان، خرج مسلح أو اثنان من آخر جزء مركزي بشبكة الأنفاق، وأطلقا النار تجاه الجنود؛ ما أدى إلى مقتل أحدهم بعد أن أُصيب بجروح حرجة للغاية».

لكن تلك الرواية تناقضت مع ما ذكرته هيئة البث الإسرائيلية عن «استخدام أسلحة مضادة للدروع وأخرى للقنص».

وحسب التقارير العبرية، فقد أطلعت إسرائيل واشنطن ووكالة الاستخبارات المركزية على تسجيل مصوّر عمّمه لاحقاً على الجيش الإسرائيلي، وادعى أنه «يوثّق إخلال (حماس) بالتزاماتها عبر (فبركة) عملية العثور على جثة أحد الأسرى». 

إلا أن مسؤولين أميركيين تعاملوا مع التسجيل «بتحفظ»، ورأوا أنه «ليس دليلاً قاطعاً»، عادّين أن تصرفات «حماس» لا ترقى إلى «خرقٍ يبرر رداً عسكرياً».
 
ووفق «القناة 12» العبرية، فإن العملية التي وقعت مساء الثلاثاء في رفح «غيّرت المعادلة»؛ إذ عقد نتنياهو اجتماعاً ثانياً مع «الكابينت» المصغّر وقيادة الجيش والأجهزة الأمنية، وقرر «تنفيذ ضربات قوية فورية» داخل القطاع.