خروقات دامية.. الاحتلال يحوّل وقف إطلاق النار إلى غطاء للمجازر
الرأي الثالث - وكالات
فيما تتواصل الجهود الدولية لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تتزايد المؤشرات على تصاعد التوتر الميداني والسياسي في آنٍ واحد، وسط تكثيف المشاورات حول تشكيل قوة مهام دولية تشرف على الوضع في القطاع.
وتأتي هذه التطورات بينما تواصل إسرائيل استخدام ملف جثث أسراها ورقة ضغط، فيما تواجه الفصائل الفلسطينية تحديات ميدانية معقدة في الوصول إلى جثث المحتجزين في ظل الدمار الهائل وانعدام الأمن في مناطق واسعة من غزة.
ويوم الخميس، أفاد موقع "أكسيوس"، نقلاً عن مسؤول أميركي، بأن الوسطاء أبلغوا حركة حماس بمهلة تمتد 24 ساعة لإجلاء عناصرها من المنطقة الواقعة خلف "الخط الأصفر"، وهي المنطقة التي انسحبت إليها قوات الاحتلال الإسرائيلي وفقاً لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والخاضعة حالياً لسيطرة جيش الاحتلال.
وفي موازاة ذلك، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي تسلّم رفات أسيرين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة، في وقتٍ تُتهم فيه إسرائيل باستغلال هذا الملف لخرق وقف إطلاق النار عبر شنّ غارات متقطعة وتقليص دخول المساعدات الإنسانية، وعرقلة فتح معبر رفح البرّي مع مصر رغم الاتفاق على إعادة تشغيله. 
 
 فيما كشفت مصادر أميركية أن القيادة المركزية الأميركية تعد خطة لإنشاء قوة شرطة فلسطينية جديدة بإشراف أميركي-عربي، وسط استعداد دول إسلامية وعربية، منها تركيا ومصر وإندونيسيا وأذربيجان، للمشاركة في هذه القوة.
خروقات دامية.. الاحتلال يحوّل وقف إطلاق النار إلى غطاء للمجازر
تهدد خروقات جيش الاحتلال المتواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار استدامته، وتنذر بانهياره في أي وقت والعودة إلى حرب الإبادة الجماعية من جديد، رغم استمرار حركة "حماس" بالاحتفاظ بخيار الرد وتجنب إعطاء حكومة بنيامين نتنياهو أي مبرر لاستمرار القتل.
يستخدم الاحتلال هذه الخروقات لتبرير استئناف العمليات أو فرض عقوبات مثل تجميد دخول الإغاثة أو المعدات إلى قطاع غزة، وقتل أكبر عدد ممكن من عناصر المقاومة وعائلاتهم خلال فترة وقف إطلاق النار.
الوسيط الأقوى الولايات المتحدة، عبرت من خلال رئيسها دونالد ترامب عن تأييدها للضربات الإسرائيلية ضد الغزيين، ما يعني إعطاء الاحتلال الإسرائيلي الضوء الأخضر للاستمرار في خرق الاتفاق.
ترامب قال خلال تصريح له: "حماس ليست سوى جزء صغير من الصفقة في الشرق الأوسط. إذا لم تتصرف بشكل صحيح فسيتم القضاء عليها".
وأضاف أن "لإسرائيل الحق في الرد على هجمات حماس"، لكنه أكد أن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي ترعاه الولايات المتحدة، "لا يزال صامداً"، رغم الغارات الإسرائيلية التي أدت إلى استشهاد العشرات من الفلسطينيين خلال الساعات الماضية.
 
خروقات كبيرة
خلال 12 ساعة فقط، بلغ عدد الشهداء في خرق الاحتلال الأخير لاتفاق وقف إطلاق النار، 104 شهداء، بينهم 46 طفلاً و20 امرأة، فيما بلغ عدد الإصابات 253 إصابة، من بينهم 78 طفلاً و84 امرأة، وفقاً لبيانات وزارة الصحة.
وأكدت الوزارة في تصريح لها، الأربعاء 29 أكتوبر الجاري، أنه منذ وقف إطلاق النار في 11 أكتوبر، بلغ إجمالي عدد الشهداء 211 شهيداً، وإجمالي عدد الإصابات 597 إصابة، في حين جرى انتشال 482 جثماناً من تحت الأنقاض.
أما منذ بداية العدوان على قطاع غزة فقد بلغ العدد التراكمي للشهداء 68,643 شهيداً، فيما وصل عدد الإصابات إلى 170,655 إصابة، في واحدة من أكثر الكوارث الإنسانية مأساوية في التاريخ الحديث.
المكتب الإعلامي الحكومي، أكد أن جيش الاحتلال يواصل خرقَ اتفاق وقف إطلاق النار بصورةٍ سافرةٍ وممنهجة، إذ ارتكبَ أكثر من 125 خرقاً منذ دخول القرار حيز التنفيذ، في انتهاكٍ صارخٍ لكل الأعراف والمواثيق الدولية.
وبين المكتب في تصريح مكتوب أن الاحتلال نفذ 52 عملية إطلاق نار استهدفت المدنيين بشكل مباشر، و9 عمليات توغل لآليات داخل الأحياء السكنية متجاوزاً ما يعرف بالخط الأصفر، إلى جانب 55 عملية قصف واستهداف، و11 عملية نسف لمبانِ، واعتقال 21 مواطناً.
واعتبر المكتب الإعلامي الحكومي أن استمرار خروقات الاحتلال يعد تهديداً واضحاً بنسف روح الاتفاق وانتهاكاً لالتزامات الاحتلال أمام المجتمع الدولي والدول الضامنة.
كيف ستتعامل "حماس"؟
تنظر حركة "حماس" إلى هذه الخروقات كخرق جوهري وتحتفظ بحق اتخاذ رد محسوب في حال استمر المعتدي، حيث يتوقع أن تركز على تعزيز القدرات الداخلية لرصد الخروقات، وربما اللجوء إلى وسائل رد غير تقليدية أو مفاجآت ميدانية.
ويتوقع أن تشدد "حماس" على ضرورة تدخل دولي رسومي، وربما تطالب بإدخال مراقبين أو تقنية طائرات مسيرة لحماية المدنيين.
الكاتب والمحلل السياسي علي أبو رزق أكد أن الإدارة الأمريكية "تعلم جيداً أن حليفها الإسرائيلي يكذب ويناور، بينما الإسرائيلي يثق أن حليفه الأمريكي لن يتجاوز حدود التصريحات المتكررة وعبارات تأكيد ضرورة وقف إطلاق النار، ولذلك يتصرف الاحتلال بمنتهى الغطرسة والرعونة".
 
وقال أبو رزق : إنه "لا أحد يمتلك حلاً سحرياً لكبح جماح نتنياهو، غير أن المسؤولية تقع على عاتق الدول الوسيطة والضامنة لتقوم بـالضغطِ على الإدارة الأمريكية عبر خط دبلوماسي ساخن ودائم".
ويوضح أنه من واجب هذه الدول أيضاً عقد مؤتمر صحفي يومي لفضح خروقات الاحتلال للاتفاق، وتجنيد دعم عالمي واسع للاتفاق على المستويين الرسمي والشعبي، وليس الرسمي فقط.
كما يشير إلى أنه "أمام هذا الواقع البائس ليس أمام غزة سوى التمسك بالاتفاق، فليس من السهل كسر وتيرة إبادة أوصلت العالم إلى مرحلة من التطبيع مع المجازر، حتى بات يتقبل وقوع 20 مجزرة و100 شهيد في اليوم الواحد".
وشدد على ضرورة أن تقوم الدول الوسيطة بتجنيد دعم دولي حقيقي للاتفاق، سواء على الصعيد الرسمي والشعبي، لكبح جماح نتنياهو وحليفه الأمريكي، مع عودة وتيرة الاحتجاجات والأساطيل البرية والبحرية إلى أيامها الأولى قبل الاتفاق.
