Logo

توتر بين "قسد" ودمشق يعكس غياب التفاهمات النهائية

الرأي الثالث - وكالات

 بين تأكيد وزارة الدفاع السورية استمرار "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) باستهداف نقاط للجيش، ونفي الأخيرة، يتراوح ملف هذه القوات، الذي لم يشهد تقدماً لجهة دمجها في المؤسسة العسكرية السورية، وفق ما نص عليه اتفاق العاشر من مارس/ آذار الماضي بين الرئيس أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي ولا يزال رهن رؤيتين في التفسير والتطبيق. 

وقتل عنصران من الجيش السوري وأصيب ثالث أمس الأول الأربعاء، في محيط سد تشرين بريف حلب الشمالي الشرقي بصاروخ موجّه، وفق وزارة الدفاع السورية والتي أكدت في بيان أن "قسد" وراء الحادث. 

وقالت الوزارة، إن "قسد" تجدد رفضها جميع التفاهمات والاتفاقات السابقة وتضرب بها عرض الحائط من خلال استهداف نقاط الجيش وقتل أفراده.

 لم يتأخر نفي "قسد"، فالمركز الإعلامي التابع لها قال إن الحادث "نجم عن انفجار ألغام"، في المنطقة، مؤكداً أن المعلومات التي أوردتها وزارة الدفاع "غير صحيحة"،

 مضيفاً: "قواتنا لم تنفذ أي عملية استهداف في المنطقة المذكورة".

 وتابع: "نؤكد التزامنا بمبدأ عدم التصعيد والحفاظ على الاستقرار في مناطق التماس، والاستمرار في الجهود الوطنية لمواجهة التهديدات التي تستهدف أمن وسلامة السكان من مختلف المكونات".
 
سد تشرين نقطة التوتر

ويعد سد تشرين على نهر الفرات المنطقة التي تعكس التوتر بين الطرفين، لكونه منطقة تماس تشهد من وقت لآخر مناوشات، غالباً ما تفضي إلى مقتل وإصابة عناصر من الجيش السوري. 

ولم تهدأ هذه الجبهة منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، رغم المحاولات المتكررة للتفاهم حول مصير هذا السد الاستراتيجي، الذي لا يزال تحت سيطرة "قسد"، المتمسكة به لكونه بوابة واسعة من غربي الفرات إلى شرقه، فضلاً عن أهميته الاقتصادية. 

مع ذلك، فإن التوتر والتصعيد بين الطرفين لا يلغيان حرصهما على التوصل لتفاهمات تمهّد الطريق أمام تطبيق اتفاق العاشر من مارس الماضي، الذي نصّ على "دمج كل المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سورية ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز".

ورأى كادار هوزان، مدير مؤسسة "كرد بلا حدود"، أن البيان الصادر عن وزارة الدفاع حول ملابسات الحادث في محيط سد تشرين "يوحي بأنه بيان تركي"، 

مضيفاً أن القول إن "قسد" استهدفت موقعاً للجيش السوري، ما أدى إلى مقتل عنصرين، ادعاء كاذب، والحقيقة أن الحادث بسبب مخلفات الحرب. 

وبرأيه، فإن "قسد" اتخذت قراراً "حاسماً" بأن المفاوضات مع دمشق هو خيارها، للاندماج في الجيش السوري، مضيفاً: "أعتقد أن الشرع يدرك هذا الأمر".

وتداولت وسائل إعلام في الأيام القليلة الماضية معلومات عن تقديم "قسد" قائمة بأسماء قادة الفرق العسكرية المقرر دمجهم مع فرقهم ضمن الجيش السوري، في ظل حديث عن اتفاق مبدئي بين قيادة هذه القوات ووزارة الدفاع السورية يقضي بتشكيل ثلاث فرق عسكرية من عناصر هذه القوات مع تحديد حصة 30% من المناصب القيادية في وزارة الدفاع لقادة "قسد".

 ولكن لم يصدر أي إيضاح رسمي سواء من "قسد" أو من وزارة الدفاع السورية يشرح آليات تشكيل هذه الفرق. 

وكان عبدي قد اعتبر في تصريحات صحافية في منتصف الشهر الحالي، أنه توصل إلى "اتفاق مبدئي" مع دمشق، حول آلية دمج قواته ضمن وزارتي الدفاع والداخلية السوريتين.

بدوره، أوضح الخبير الأمني ضياء قدور ، أنه "من حيث المبدأ جرى الاتفاق على تشكيل ثلاث فرق من عناصر قسد، وألوية تندرج ضمن هيكلية الجيش السوري الجديد".

 وأشار إلى أن هناك خلافاً بين الجانبين "على التموضع الجغرافي لهذه الفرق والالتزام ببرامج الجيش السوري"، 

مضيفاً أن التزام "قسد" بشروط ورؤية وزارة الدفاع يحدد إذا ما كانت جادة بتطبيق الاتفاق الذي أبرم في العاشر من مارس الماضي، وتأكيد طبيعتها غير الانفصالية.

 خلاف ذلك، يعني أن "قسد" تسعى لبناء كينونة ذاتية ذات قدرات عسكرية وأمنية مستقلة "مما يهدد ويقوض وحدة واستقرار سورية". 

وبرأيه، فإن "الوقت يضيق وخيارات الدبلوماسية تتضاءل والمسارات الميدانية محضرة مسبقاً لسيناريوهات أسوأ"، معرباً عن اعتقاده أن "كلا الطرفين يجهزان لهذه اللحظة بينما يتبادلان الابتسامات الدبلوماسية على طاولة المفاوضات".
 
مواجهة مرتقبة بين "قسد" والجيش السوري

ورجح قدور مواجهة عسكرية بين الجيش السوري و"قسد" في نهاية العام الحالي، "في حال عدم امتثال قسد للشروط التي وضعتها وزارة الدفاع في الحكومة السورية، والتي حددت فيها الطريقة لدمجها في الجيش السوري".

 ويبدو أن "قسد" لم يتغير موقفها حول الاندماج كتلة واحدة في الجيش السوري مع البقاء جهة مهيمنة على الشمال الشرقي من سورية، والحصول على مناصب قيادية في هيئة أركان الجيش،

 فضلاً عن الإبقاء على الإدارة الذاتية التابعة في مناطق سيطرتها في منطقة شرقي نهر الفرات. في المقابل، تقوم رؤية وزارة الدفاع على تشكيل فرق وألوية من "قسد" تنتشر في الجغرافية السورية، وفق مقتضيات الحاجة التي تحددها الوزارة، مع فصل الملف الكردي عن ملف هذه القوات. 

وتربط "قسد" بين ملفها والملف الكردي؛ فهي تضغط باتجاه الحصول على مكاسب سياسية وثقافية للمكون الكردي في البلاد قبل التوقيع على أي اتفاق. 

ونصّ اتفاق العاشر من مارس الماضي، الذي وقعه الشرع وعبدي في دمشق، في بنده الأخير على تطبيقه "بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي". ولكن المؤشرات الميدانية لا ترجح احتمالية التوصل إلى اتفاق ناجز قبل نهاية المدة المحددة.